المانيا ـ إسرائيل: التوتر الخلاق!

بقلم: 

يمكن القول إن العلاقات بين المانيا وإسرائيل ترجع في أسسها إلى المسؤولية التاريخية وخاصة حول محرقة «الهولوكوست». وهذا ما تظهره على الأقل المحادثات السياسية بين الطرفين. ويقول وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن العلاقات بين البلدين لا تقوم على «أسس متينة». ويتبع ذلك سلسلة من الاتهامات حول التعاون في البحث العلمي والذي يضع الألمان له شروطاً صعبة. كما يتحجج الألمان بسياسة الاتحاد الأوروبي حول هذا الموضوع. ولا يريدون انتهاج خط مستقل.

عرفت العلاقات بين البلدين توتراً متصاعداً في السنوات الماضية، وتمثل ذلك بالصراخ على التلفون بين بنيامين نتنياهو وانجيلا ميركل عندما كان الحديث بينهما يدور حول حقوق الفلسطينيين. وتحمّل المانيا نتنياهو المسؤولية عن ذلك وتعتبره غير مؤهل وغير راغب في إقامة السلام مع الفلسطينيين. كما تشعر إسرائيل بأنها تُركت وحيدة تتخبط بمشاكلها. وتدور التساؤلات حول «العلاقة الخاصة» التي تريدها إسرائيل تأسيساً على «محرقة الهولوكوست» التي لا تريد المانيا ربط علاقتها بإسرائيل بها.
انتقد مارتن شوتز رئيس البرلمان الأوروبي سياسة إسرائيل المائية تجاه الفلسطينيين في خطاب ألقاه في الكنيست. وكان خطابه بحسب الإعلام الإسرائيلي معادياً، مما جعل الكثير من النواب يضطرون إلى الانسحاب من قاعة المجلس. واتُهم شولتز بتنفيذ سياسة المانيا حول إسرائيل متجاهلاً الآراء الأخرى لأعضاء الاتحاد الأوروبي.
شعرت إسرائيل أيضاً بالغضب عندما امتنعت المانيا عن التصويت عندما طرحت مسألة تمثيل السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة «كعضو مراقب» في المنظمة الدولية، وكانت تريد من المانيا التصويت «بلا». وكان التصويت الالماني يعني في ما يعنيه الإيحاء للأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي باتخاذ موقف معاد لإسرائيل. وأظهرت المحادثات بين ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي وشتيانيماير وزير الخارجية الالماني ان إسرائيل تريد من المانيا اتخاذ موقف معارض لمشاركة السلطة الفلسطينية في المنظمات المتخصصة للأمم المتحدة.
ولان الثقة مفقودة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي تتحول المشاكل الصغيرة إلى معضلات كبرى. وقد حدث ذلك فيما يخص الأموال الخاصة بالبحث العلمي والتي لا تشمل الأراضي المحتلة، وتريد المانيا وضع قواعد جديدة لاتفاقات البحث العلمي والتكنولوجيا الجديدة. وهذا ما لا تريده إسرائيل. وقد وصفت جريدة «هآرتس» ذلك بالتصعيد الخلاق.
تحاول المانيا الآن ترطيب الأجواء مع إسرائيل. وقد قدمت وزيرة العمل الالمانية اندريا ناهلز مشروع قانون جديد يحصل بموجبه عمال السخرة الذين كانوا يعملون في الغيتوات اليهودية أثناء الحرب العالمية الثانية والذين لم يحصلوا على تعويضات، تكليف مؤسسة التقاعد الالمانية دفع تعويضاتهم. أما بشأن مخصصات البحث العلمي فسيتم الوصول إلى حل وسط، يقضي بزيادة عدد الجامعات الإسرائيلية التي تتلقى الدعم المالي واستثناء الجامعات الفلسطينية في الأراضي المحتلة. وبرغم الجهود كافة لم تحل كافة المشكلات بعد زيارة المستشارة الالمانية إلى إسرائيل. وتعتبر المانيا السياسة الإسرائيلية تجاه المستوطنات خاطئة وتشكل عائقاً بوجه السلام.

السفير