معركة إسرائيل "الخفية" مع مهربي الأسلحة

بقلم: 

سلط إعلان إسرائيل أنها ضبطت شحنة كبيرة من الأسلحة كانت متجهة إلى قطاع غزة قادمة من إيران الضوء على المحاولات المستمرة لتسليح المقاتلين هناك وهدف إسرائيل لإحباط تلك المحاولات.

لم تكن هذه الشحنة هي الأولى التي تعترضها اسرائيل التي تقول إن عمليات التسليح أصبحت أكثر تطورا وخطورة مقارنة بالسابق.

والسؤال إلى أي حد يمكن مقارنة ذلك بعمليات اعتراض سابقة لأسلحة كانت متجهة إلى قطاع غزة؟

كانت أشهر حلقات تهريب الأسلحة ما تعرف بعملية (كارين إيه) في يناير/كانون الثاني 2002، حين جرت عمليات تحميل شحنة من الأسلحة في إيران، وأفرغتها القوات الخاصة الإسرائيلية بعد ذلك وضبطت نحو 50 طنا من الأسلحة على متن السفينة.

وكانت الشحنات السابقة، كما لاحظ الجيش الإسرائيلي، تتألف من أسلحة معروفة مثل قذائف الهاون وذخيرة للأسلحة الصغيرة و صواريخ متوسطة المدى.

كما ضمت الشحنة المضبوطة على متن السفينة (كلوس سي) في مارس/آذار 2004 أسلحة مشابهة إلى جانب ضبط صواريخ إم-302.

يعتبر البحر الأحمر مركزا لقيادة معركة خفية تدور رحاها بين مهربي الأسلحة الفلسطينيين وأنصارهم من جانب والجيش الإسرائيلي من جانب.

وتراقب إسرائيل حركة المرور الملاحية عن كثب هناك، وثمة إشارة على وجود وحدات استخباراتية صغيرة لكنها تتسم بأهمية بالغة في المنطقة.

كما تعتبر السودان بؤرة أنشطة التهريب المزعومة. ففي أكتوبر/ تشرين الأول عام 2012 شنت أربع طائرات مجهولة، يعتقد أنها طائرات إسرائيلية، هجوما على مستودع أو مصنع على مشارف العاصمة السودانية الخرطوم.

وفي إبريل/نيسان عام 2011 لقي مسؤول بارز في حركة حماس مصرعه، يعتقد تورطه في عمليات شراء أسلحة للحركة التي تتخذ من قطاع غزة مقرا لها، وذلك خلال هجوم بصاروخ في بورسودان.

وأشارت السلطات السودانية وقتها بأصابع الاتهام تجاه إسرائيل، كما أوضحت تقارير موثوق بها في عام 2009 تعرض قافلة أسلحة كبيرة في السودان إلى هجوم جوي.

لكن لماذا البحر الأحمر؟

يعتبر خبراء استخبارات أن السودان يشكل مركز انتقال الأسلحة القادمة من إيران إلى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.

وكشفت البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التي سربها موقع (ويكيليكس) أنه بالعودة إلى يناير/ كانون الثاني عام 2009 كانت الولايات المتحدة تحث السودان على وقف رحلات الأسلحة بين طهران والخرطوم.

وفي مارس/ آذار 2014 وعلى غير العادة قال الإسرائيليون إن الأسلحة ظهرت بالفعل في سوريا ونقلت إلى طهران، حيث جرى تحميلها على متن السفينة (كلوس-سي) في ميناء بندر عباس الإيراني.

ومن هناك اتجهت إلى ميناء أم قصر في العراق، قبل أن تتجه إلى الخليج ثم إلى البحر الأحمر حيث جرى اعتراضها.

وقال الإسرائيليون إنه كان من المقرر رسو هذه الشحنة في ميناء بورسودان، ومنه تنتقل برا عن طريق شبه جزيرة سيناء لتصل في النهاية إلى قطاع غزة.

أغلقت السلطات المصرية الجديدة الكثير من أنفاق التهريب بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة.

لكن الفوضى والاضطرابات التي تشهدها سيناء، حيث يشن الجيش المصري حملاته للتصدي لأعمال التمرد التي يمارسها الجهاديون والجماعات الإجرامية المحلية، تعني أن مصر ربما لا تستطيع إغلاق الحدود مع قطاع غزة بالحزم الذي ربما تأمله.

ما هو التهديد الذي قد يشكله (تهريب) الأسلحة؟

منذ تسعينيات القرن الماضي تصنع سوريا صاروخا من طراز إم-302 أرض أرض.

ويتراوح مدى الصواريخ الأساسية بين 90 و 115 كيلومترا على الرغم من وجود تطويرات جديدة بمدى مضاعف.

وكانت حماس تمتلك في السابق عددا صغيرا من الصواريخ بعيدة المدى، فقد أطلقت خمسة صواريخ طراز إم-75 محلية الصنع خلال صراعها مع إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012 وكان مدى هذه الصواريخ يصل إلى 70 كيلومترا.

وثمة اعتقاد بأن حماس صنعت عددا من هذه الأسلحة منذ ذلك الحين، لكن من الواضح أن صاروخ (إم-302) كان سيتيح للحركة القدرة على ضرب عمق إسرائيل بالإضافة إلى تعقيد عمل الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية لأن المنطقة محل الدفاع تتسع مع اتساع المدى الصاروخي.

المصدر: 
بي بي سي