«الوطن البديل».. ليس بديلاً
قفزت من جديد قضية «الوطن البديل» لتكون مدار أخذ ورد في الاردن. وهناك دعوات أردنية لسحب الجنسية من مئات الآلاف من فلسطينيي الاصل الذين يحملون الجنسية الاردنية منذ نحو ستة عقود. العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني تحدث في الموضوع مؤكدا رفضه التخلي عن الارض الاردنية أو عن أي شبر منها ولو مقابل 100 مليار. كما أنه حذر من أسماهم «من يدعون الى الفتنة» من المضي قدما في مساعيهم لزرع أو إثارة الفتنة قائلا، انهم معروفون، وان استمروا فإنه سيكشف عن أسمائهم أمام الرأي العام الاردني. وأنهى حديثه بالقول «الاردن هو الاردن وفلسطين هي فلسطين».
مشروع ان يكون الاردن وطنا بديلا من فلسطين فكرة صهيونية قديمة. وهي ان اختفت حينا إلا أنها تطل برأسها أحيانا. واليوم وفي ظل التعتيم الإعلامي عما يجري في المفاوضات التي يرعاها جون كيري وزير الخارجية الاميركية بين الطرفين الفلسطيني والصهيوني، تبرز الفكرة على السطح بقوة مهددة فعلا الوحدة الوطنية الاردنية.
الداعون الى سحب الجنسية الاردنية من اللاجئين والمهجرين الى الاردن في الأعوام ما بين 1948 و1967 يبررون ذلك بأن التجنيس يؤثر سلبيا في حق العودة. ويقول الفلسطينيون ان هذا الكلام مردود لأن حق العودة لا تلغيه الجنسية ولا الإقامة البعيدة عن الوطن. حق العودة مكفول زمنيا ولا أحد يستطيع إلغاءه لأنه حق إنساني وقانوني وسياسي. والامم المتحدة أقرته مرات ومرات ولا يمكنها التراجع عنه.
وما شجع على احتدام النقاش والسجال هو عملية المفاوضات وما حولها من غمام وتعتيم من قبل الأطراف الثلاثة المعنية... الطرف الاميركي والطرف الصهيوني والسلطة الفلسطينية. فالواضح أن ثمة ما يجري من تحت الطاولة، والتسريبات الإعلامية قنابل دخانية وبالونات اختبار مقصودة فعلا. ذلك أن الواقع على السطح يقول بتوقف المفاوضات في انتظار عودة كيري الى المنطقة وتقديمه مشروعه أو خطته لما يوصف بالحل النهائي. السلطة بدورها تتحدث بكلام غير مفهوم، فالتصريحات في رام الله تركز على أن كيري لم يقدم مشروعه وأن السلطة أبلغته بأنها متمسكة بالثوابت الفلسطينية ومنها القدس العاصمة وحق العودة بالاستناد الى القرار 194... لكن التصريحات غير مقنعة للشعب الفلسطيني الذي يرى أن الاحتلال ماض في بناء المستوطنات وأسرلة القدس والضفة الغربية. وما أجج المشاعر الشعبية الفلسطينية هو تصريح الرئيس الفلسطيني أمام وفد من الطلبة الصهاينة من أنه لن يغرق «اسرائيل» باللاجئين، ما أثار غضبا في الأوساط الفلسطينية التي قالت ان ما أعلنه الرئيس محمود عباس يعني المساس المباشر بحق العودة. ان نحو سبعة ملايين لاجئ فلسطيني مشمولون بحق العودة الى أراضيهم وممتلكاتهم التي احتلها الصهاينة في العام 1948 وان كلام الرئيس الموجه لليهود الصهاينة في المستوطنات، يعني تخليه عن حق العودة، ما أثار الطرف الرافض للوجود الفلسطيني في الاردن، وأثار حفيظة بعض الغلاة من الاردنيين الذين رفعوا الصوت مطالبين بسحب الجنسية من الفلسطينيين الذين يحملون جوازات سفر أردنية.
هناك ضبابية تزيد من الاحتمالات ومن الشكوك مع تصريحات تزيد البلبلة في الصفوف الفلسطينية وتؤجج مشاعر الغضب، ما يهدد وحدة الاردن وسلامته واستقراره ايضا.
على السلطة الفلسطينية ان تصارح الشعب بالحقيقة أن تكاشفه وان تتمتع بالشفافية في كل ما يتصل بمصير الشعب الفلسطيني.