مصر: صناعة الكراهية ضد الفلسطينيين

بقلم: 

 

 "لا يضير الشاه سلخها بعد ذبحها"، ربما يكون المثل السابق هو أفضل تلخيص لتأثير الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة بحظر أنشطة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ومصادرة مقراتها، على الجماعة الأم "الإخوان المسلمين"، التي صنفتها الحكومة المصرية السابقة كجماعة إرهابية. وفي المقابل تبدو الجالية الفلسطينية في مصر، قد وقعت في الشرك بدلاً من الجماعة، إذ يرى مراقبون أنها ستدفع ثمن هذا الحكم، مزيداً من التضييق عليها، بخلاف ما تتعرض له أصلاً على خلفية التحولات السياسية في أعقاب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في تموز/ يوليو الماضي.

 

عضو اللجنة القانونية في حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، محمد سيسي، قال "إن التأثير الحقيقي لقرار المحكمة، التي وصفها بأنها غير مختصة أصلاً بإصداره،  "ليس إلا تأثيراً إعلامياً في المقام الأول، يستهدف شحن الكراهية ضد جماعة الإخوان المسلمين بحكم علاقتها بحركة المقاومة الإسلامية حماس".

 

وتابع "في خلفية ذلك بالطبع تهمة التخابر الموجهة للرئيس (المعزول) محمد مرسي بسبب اتصالاته مع حركة حماس، وهي التهمة التي يمكن أن تترك أثراً أقوى في النفوس بطبيعة الحال مع إلصاق تهمة الإرهاب بالحركة".

 

وأضاف "الحكم في حد ذاته لا يمكن تطبيقه فعلياً، فحركة حماس، لا تمتلك أصلاً مقرات ولا مكاتب لتصادر، ولا حسابات مصرفية لتجمد بناء عليه، وأعضاؤها لا ينشطون في مصر ليجري توقيفهم، ومن ناحية آخرى فلم يتبق الكثير للإخوان المسلمين ليفقدوه في هذا السياق، بعدما جرى حرق وتخريب معظم مقراتهم ومصادرة بقيتها بخلاف تجميد ملايين الجنيهات في المصارف".

 

أما القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين والعضو السابق في مكتبها السياسي، أحمد بان، فقد قلل هو الآخر من تأثير هذا القرار. وقال بان " إن الجماعة منفصلة تنظيمياً تماماً عن الحركة "على نحو لا يمكن معه أن نتوقع تأثيراً يذكرعلى أرض الواقع من جراء الحكم بحظر أنشطة الحركة في مصر، على جماعة الإخوان المسلمين".

 

أوضح "الجماعة راكمت خبراتها التنظيمية والسياسية الأهم على مدى تاريخها ومنذ نشأتها في فترات التي عانت فيها من الحظر القانوني لا في الفترات التي تمتعت بها بحرية الحركة، ومن ثم فالحكم القضائي بحظر أنشطة حركة حماس هو قليل التأثير في هذا السياق، وخاصة أن الجماعة بموجب ما حدث في أعقاب 30حزيران (التظاهرات الشعبية الحاشدة التي أفضت إلى الإطاحة بمحمد مرسي  الذي ينحدر من جماعة الإخوان المسلمين بعدها بأيام) قد إنتقلت في عرف الدولة من السياق السياسي إلى الأمني بالفعل، دون أن تجدي شيئاً، كل تلك المحاولات لإعادتها للسياق الأول".

 

أما على الجانب الآخر، فثمة من يرى أن الفلسطينيين في مصر قد أصبحوا في مرمى نيران حملات الكراهية المنظمة ضدهم بعد 30 حزيران/يونيو، على خلفية ما يرونه خلطاً متعمداً بين الفلسطينيين برمتهم وحركة "حماس" المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.

إلا أن أستاذة علم الإجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة، تحرير آراج، ترى أن تأثير تلك الحملات ضد الفلسطينيين يقتصر على فلول نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، بخلاف سلطات الدولة نفسها والمتعاونين معها بشكل مباشر أو غير مباشر في ظل تعاطف عام من الجمهور المصري، اتساقاً مع ما أسمته بـ"التضامن التاريخي للشعب المصري مع القضية الفلسطينية".

 

ومع ذلك، فإن الحكم القضائي بحق "حماس" مؤثر في سياق "شيطنة " كل فلسطيني على أرض مصر، على نحو يختزل كل فلسطين في قطاع غزة واختزال كل قطاع غزة في حركة "حماس" على حد تعبير آراج.

 

وتوضح "هذا الاختزال مشفوعاً بتجريم أنشطة الحركة نفسها وتصنيفها كمنظمة إرهابية – بغض النظر عن تأييدنا أو معارضتنا لتوجهات حماس- هو جريمة في حق القضية الفلسطينة، وخاصة أنه يأتي على خلفية شعور عام بكراهية الأجانب، معتاد في ظروف الأزمات الداخلية التي تميل فيها السلطة إلى تحميل اللاجئين بالذات مسؤولية اقتسام القوت مع المصريين".

 

من جهتها، لم تخفِ الناشطة في حركة التضامن مع اللاجئين في مصر، ماهينور المصري، قلقها من تداعيات الحكم المتوقعة على الفلسطينيين في مصر.

 

خلافاً لآراج، ترى ماههينور أن التمييز ضد الفلسطينيين يجري على يد قطاعات من "الجمهورالعادي"، ولا يقتصر على السلطات والقطاعات المرتبطة بها.

 

وتابعت " أن الجمهور "يتأثر بحملات صناعة الكراهية ضد الفلسطينيين وغيرهم من قبيل اللاجئين السوريين بصورة خاصة، بدعوى ارتباط هؤلاء جميعاً بالإسلاميين" في ظل تأجيج متوقع لخطاب الكراهية في الإعلام، الذي يربط تعسفياً كل الفلسطينيين بـ"حماس" و"حماس" بالإخوان، والإخوان بالإرهاب.

 

 

المصدر: 
المدن