نُخب إسرائيلية: "التوتر مع الولايات المتحدة مفيد"!
تعتقد نُخب محدودة في إسرائيل أن التوتر الراهن بين حكومة بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية الحالية والذي تؤججه مشاعر خوف من مغادرة الولايات المتحدة منطقة الشرق الأوسط وجعلها إسرائيل تواجه مصيرها بمفردها فيها، ينطوي على فوائد جمّة في المدى البعيد.
مهما تكن هذه الفوائد بموجب قراءة تلك النُخب، فإن واحدة منها على الأقل تتسم بأهمية قصوى هي التسبب ببذل مزيد من التفكير المعمّق بشأن ما يجب أن يترتب من استحقاقات على وجود إسرائيل في قلب المشرق العربي.
برأي بعض هذه النُخب فإن الثقافة السائدة في إسرائيل رَنَت ببصرها منذ البداية نحو الغرب. غير أن هذا الغرب كدأبـه دائماً يكيل وجود إسرائيل، كما هو أيضاً إزاء وجود دول أخرى، بمكيال الربح الاقتصادي والجدوى الإستراتيجية.
والمستوطنون الغربيون في الجزائر وزيمبابوي وجنوب إفريقيا راكموا "أعوام أقدمية" أطول كثيراً من عمر الاستيطان الصهيوني في فلسطين، بل إن سيطرة البيض في جنوب إفريقيا تطورت لتتحول قوة لافتة، لكن حين تغيّر سلم الأولويات في العالم اتضح أن الجدار الغربي الداعم لها ما هو إلا وهم زائل لا أكثر.
ويشير بعض آخر إلى أن تملق إسرائيل واستخذاءها للثقافة الغربية قد يكونان أدّيـا إلى كسبها تأييد أوروبا والولايات المتحدة وتعاطفها، لكن بالتأكيد تسببا بكراهية الشعوب العربية لها، سواء كوكيل يخدم عدواً خطراً، أو كمكمل لاحتلالات ذلك العدو ذاته.
* * *
وفي سياق متصل يتم التنويه بأن الشعوب العربية دفعت ثمناً باهظاً جداً من أجل التحرّر من نير الاحتلال الأوروبي، واقترن كفاحها بسقوط ضحايا كثيرة، غير أنها من الناحية الرسمية حصلت في نهاية المطاف على استقلالها. بناء عليه، من الممكن أن تصفح عن جرائم الماضي التي اقترفها الاحتلال الأوروبي لكن ما دامت إسرائيل بكينونتها الحالية قائمة لن تستطيع هذه الشعوب أن تعلن انتصارها النهائي على هذا الاحتلال.
ويضيف آخرون أن إسرائيل منذ قيامها وحتى الآن قدمت البرهان تلو البرهان على مدى صحة ومنطقية ارتياب العرب بها، بدءاً بتماثلها في خمسينات القرن العشرين الفائت مع جرائم الفرنسيين في الجزائر، مرورا بضلوعها مع جيشي بريطانيا وفرنسا في حرب السويس عام 1956 ضد مصر، وانتهاء بما أبدته من حماسة أثناء احتلال العراق، ناهيكم عن احتلالها واستيطانها المستمرين في فلسطين.
يظل السؤال الذي لا جواب له: هل تساهم هذه الرؤى في تلمس طريق مغاير لما كان حتى الآن؟