المصالحة لا تجد سبيلاً بين فتح وحماس
عاد ملف المصالحة الفلسطينية إلى التعثر من جديد بعد أن تنفس الفلسطينيون الصعداء مع التحركات والتصريحات الإيجابية المتبادلة مؤخراً بين حركتي "حماس" و"فتح"، التي أوحت بأن الحراك كان جاداً للغاية والثقة تتعزز بينهما.
غير أن هذه الإيجابية لم تدم طويلاً، وعاد الملف برمته في اليومين الأخيرين إلى مرحلة الخطاب الإعلامي المتشنج، والاتهامات المتبادلة بين الطرفين، على الرغم من الحاجة الماسة لكل من "حماس" و"فتح" في هذا الوقت بالذات للمصالحة والتقارب.
وتعيش "حماس" في غزة ظروفاً قاسية بعد اشتداد الحصار الإسرائيلي من جهة، والتضييق المصري عليها منذ عزل الجيش للرئيس محمد مرسي من جهة ثانية، وهو ما دفعها إلى إعادة تفعيل قنوات التواصل مع فتح لإنجاز المصالحة.
لكن "فتح" غارقة أيضاً في ملف المفاوضات المتعثر، وخلافاتها الداخلية ولم تتعاطَ مع الأمر كما تريد "حماس". في نقاشاتها الداخلية وتصريحات قيادييها كانت "فتح" تشير بوضوح إلى أن "حماس" تريد المصالحة للخروج من أزمتها ولتشكيل طوق نجاة لها.
وبين قراءات الطرفين المختلفة لحراك المصالحة كان الشارع الفلسطيني في غزة والضفة، بانتظار أن يسمع جديداً من الطرفين. لكن ذلك لم يتحقق، حتى الآن على الأقل. المصالحة بقيت تراوح في مكانها بين التصريحات والردود عليها.
ويقر القيادي في "حماس" والنائب عنها بالمجلس التشريعي الفلسطيني، يحيى موسى، بغياب الثقة بين حركته و"فتح"، مؤكداً أن هناك أزمة ثقة عميقة بين الطرفين. غير أنه أشار إلى أن الانقسام عرضة لحصول أزمة المشروع الوطني الفلسطيني وغياب المشتركات بين الفصائل.
وفي حديث لـ"المدن"، قال موسى، إن السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" تريدان المصالحة في غزة فقط، وتختصران المصالحة وملفاتها بالعودة إلى حكم القطاع وإنهاء سيطرة "حماس" عليه، وإجراء الانتخابات.
لكن "حماس"، وفق موسى، تريد من المصالحة الشراكة الكاملة وحل جميع الملفات العالقة وإنهاء كل الانقسام الفلسطيني. هذا الأمر لا يأتي إلا بجدية "فتح" وتعزيز الثقة مع "حماس" وعدم الرهان على خسارة الأخيرة نتيجة ظروفها المعقدة.
أما حركة "فتح"، فتقول على لسان الناطق باسمها، أحمد عساف، إنها تنتظر رد "حماس" على مقترحاتها التي تقدمت بها، وأن زيارة رئيس ملف المصالحة فيها، عزام الأحمد، إلى غزة تنتظر فقط إجابات من رئيس الحكومة المقالة، إسماعيل هنية.
وذكر عساف، أن "حماس" تطلب دائماً مزيداً من الوقت حتى تهيء الأجواء الداخلية لديها لتكون جاهزة للمصالحة واستحقاقاتها. وأضاف "نحن من جانبنا أبلغناهم ونبلغهم في كل اتصالاتنا التي لم تنقطع أننا جاهزون للمصالحة وجادون في تنفيذ ما اتفق عليه في القاهرة والدوحة".
وأكد عساف أن الانتخابات هي عنوان لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وهي ضرورة وطنية ليقول الشعب الفلسطيني كلمته. متسائلاً "نحن لا نفهم لماذا لا تريد حماس الانتخابات مع أن مسؤوليها يقولون دائماً إنها ستفوز فيها".
من جهة ثانية، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة، عدنان أبو عامر، أن المصالحة بين حركتي "حماس" و"فتح" دخلت من جديد مرحلتي التأجيل والإرجاء، وأنهما حتى لا يعلمان متى وكيف يمكن أن تتحرك.
وقال أبو عامر " إن الطرفين يقدمان على المصالحة بخطوة ويتراجعان خطوات، "حماس" لديها قلق من أن تمنح المصالحة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، شرعية أكبر، وكذلك لديها خشية حقيقية من أن تفقد حكمها لغزة دون ضمانات بحرية لها في الضفة.
أما "فتح"، فربما استخدمت المصالحة في الفترة الأخيرة كورقة ضغط على الأميركيين وإسرائيل، للحصول على تنازلات في المفاوضات الجارية. وهي تعرف جيداً أن المفاوضات والمصالحة خطان لا يلتقيان.
المدن