إسرائيل إذ تخشى عودة الولايات المتحدة إلى ذاتها
تحليلات إسرائيلية مستجدة كثيرة تُحيـل إلى أن سبب الغضب العارم الذي يجتاح المسؤولين الإسرائيليين في الآونة الأخيرة من جراء التهديدات المبطنة التي يطلقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري والرامية إلى درء فشل جولة المفاوضات الحالية بين إسرائيل والفلسطينيين، لا يعود إلى جوهر تلك التهديدات بقدر ما يعود إلى احتمال أن تشي بعودة الولايات المتحدة إلى ذاتها.
والمقصود على وجه التحديد عودة الولايات المتحدة إلى إعارة مصالحها الخارجية الدرجة الاولى من الاهتمام، وترك مصالح الآخرين بمن في ذلك أقرب الحلفاء في الدرجة الثانية.
ويذهب بعض المحللين إلى حدّ القول إن مجرّد هذا يعكس تغييراً شديد الدلالة في مقاربة الولايات المتحدة على إداراتها المتعدّدة.
وبحسب بعض آخر منهم فإن التغيير غير منحصر في المقاربة الأميركية العامة فحسب، وإنما يشمل أيضاً مقاربة الإدارة الحالية برئاسة باراك أوباما.
وفي هذا الصدد ثمة مغزى خاص لما أشار إليه أخيراً كبير المحللين السياسيين في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع.
ذكر برنياع أنه في الأشهر الأولى من مهمة كيري بدا للجميع أن أوباما الذي واجه الكثير من الإخفاقات في ولايته الأولى ينأى بنفسه عن العملية السياسية الإسرائيلية- الفلسطينية. لكن ما يتبيّن الآن أنه قد يكون حدث تغيّر في هذا الشأن، حيث أكد أحد كبار المسؤولين السابقين في الإدارة الأميركية أثناء زيارة قام بها إلى إسرائيل الأسبوع الفائت، أن أوباما يرغب في غضون الأعوام الثلاثة الباقية من ولايته أن يحصر اهتمامه في إرثه، وهو يتجه أكثر فأكثر نحو الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي الذي يولي أهمية كبيرة لمسألة إحراز اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبرأيه فإن تأييد الرئيس الأميركي يعطي وعود وزير خارجيته قوة كبيرة ويعزّز تهديداته. وبناء على ذلك عندما يحذر الأخير إسرائيل من مغبة فرض مقاطعات دولية عليها على غرار ما حدث مع جنوب إفريقيا إبان فترة الفصل العنصري فإنه يعلم جيداً ما الذي يتحدث عنه.
ويُشار في تحليلات إضافية إلى أن اتخاذ أوروبا مواقف أشد حزماً إزاء إسرائيل لا يمكن أن يتم من دون الحصول على ضوء أخضر من واشنطن.
أورد هذا الكلام من غير قصد الإيهام بأن هذا "التغيير" الأميركي المزعوم إسرائيلياً من شأنه أن ينصف القضية الفلسطينية، أو أن يفرض على إسرائيل مواقف تتماشى مع العدل الذي يجب أن يتسم به أي حل لها.