هل فات وقت البدائل؟
بقلم:
امام الحالة الراهنة التي بلغتها المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وانسداد الافق تماما امام السلطة من قبل العدو بتصرفاته المناقضة لمقتضيات التفاوض، يطرح بعضهم تساؤلا قد يكون منطقيا وهو: هل لدى السلطة أي بدائل في ظل ارتهانها للمانحين وبالذات للمساعدات الاميركية؟ ماذا تفعل السلطة ازاء الضغوط اليومية التي تمارس عليها عربيا ودوليا ايضا؟ هل تملك الا ان تجاري الواقع المفروض وتذهب الى التفاوض مع علمها بعقم العملية؟
فعلا ومن باب الانصاف والموضوعية علينا قراءة المشهد الفلسطيني من وجهة نظر السلطة لنقول ان الواقع اقوى من ان يسمح برفض الذهاب الى التفاوض، إلا ان كان ثمة في الواقع الفلسطيني والعربي والاقليمي والدولي ما يسمح برفض التفاوض وليس من موقع الضعف كما هو جار الآن. الا ان الواقع الراهن ذاته يقول ان الذهاب الى التفاوض في ظل عدم وجود أي توازن بين السلطة والعدو الصهيوني هو نوع من المغامرة غير المحسوبة. العرب منهمك كل منهم في مشكلاته والتحديات التي تواجهه في ضوء انتشار الارهاب وانتشار التشرذم والدعوات الى تصليب القطري وان على حساب القومي. والواقع القومي هنا يعني ان العرب، من المفترض أنهم كانوا منهمكين طوال العقود الماضية في البحث عن سبل استعادة الحق العربي في فلسطين، غير أن جهودهم الخافتة والمترددة والمتخلية لم تثمر إلا الخذلان. كما أن ما يسمى بـ «الربيع العربي» أنهك الأنظمة العربية عموما وأغرقها في مشكلات لا طاقة لها على التعامل السلمي معها، ليوفر لفلسطين بابا تدخل منه.
ان تصليب الموقف الفلسطيني عربيا امر غير وارد تماما، كما ان تصليب الموقف الفلسطيني فلسطينيا امر غير وارد بفعل تكريس الانقسام واحتدام الخلافات بين الفصائل الفلسطينية التي باتت تبتعد شيئا فشيئا عن جماهيرها في الداخل كما في الشتات؟
تنبري الاصوات الفلسطينية في الضفة الغربية لتلعن كيري ومشروعه حول «الاطار» وتدعو السلطة الى الانسحاب من المفاوضات مادام نتنياهو بدوره يضع اللاءات العجيبة في الحاضر من مثل «الامر ببناء آلاف من الوحدات الاستيطانية في الضفة عموما وفي القدس خصوصا ومثل رفضه التفاوض بشأن القدس وادخاله الخليل في خانة رفض التخلي الصهيوني عنها، الى جانب رفضه الدائم والثابت لحق العودة والانسحاب الى خطوط الرابع من حزيران عام 67».
ولكن للسلطة مبرراتها فهي مخنوقة بالمتطلبات المعيشية اليومية لسكان القطاع والضفة الغربية ورواتب الموظفين والمسؤولية الامنية التي بها ترتبط مع الاحتلال بما ورد في «اتفاقية اوسلو»... الخ من الموجبات والمقيدات للحركة الطليقة.
بيد ان للامر وجهه الآخر: لماذا لا تبدأ السلطة من الآخر في تعاملها الصريح مع شعب فلسطين ـ أي الاستجابة لما تطرحه الجماهير الفلسطينية من رفض التفاوض على القاعدة الراهنة والعودة الى المحافل الدولية من جهة والتنازل امام متطلبات المشروع الوطني الفلسطيني لمصالحة تاريخية تبدأ من مراجعة شاملة لاستراتيجية العمل الوطني من جهة ثانية؟ لماذا لا تصارح السلطة الشعب في كل ما يدور وتقطع الطريق امام التكهنات التي تسيء اكثر ما تسيء للوحدة الوطنية وللسلطة ذاتها وللقضية برمتها؟
ان الشعب الفلسطيني قادر على الصبر والمواجهة وتقديم المزيد من التضحيات في سبيل نيل حقوقه المشروعة، واذا كانت الظروف الراهنة لا تسمح له بالذهاب بعيدا في تحدي الاحتلال، فعلى الاقل لا تمنعه الظروف من شد ازر السلطة ان هي اقدمت على خطوة لا ترضي الراعي الاميركي وحتى المانح.
هنا يجب البحث في البديل العربي عن المساعدات والمنح، ولهذا قلنا ونقول ان سحب القضية من ميدانها القومي خطر مزدوج على القضية الفلسطينية وعلى عموم العرب باعتبار الكيان الصهيوني تحديا للامة في مصيرها.
وفي الاخير هل تراجع السلطة مواقفها وتصارح الشعب الفلسطيني وتعتمد عليه في تغطية وانجاح أي قرار لاحق يمكن ان يكون تحديا للاحتلال ومن يناصره او من يريد فرض حل لا يمنح الفلسطيني حقه في الوطن والسيادة والدولة والقدس؟
المصدر:
السفير