المفاوضات كعمل سياسي وصراع ..

بقلم: 

المفاوضات، أية مفاوضات، هي عمل سياسي في نهاية الأمر. ما حدث في المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، منذ انطلاقها عبر الممرات السرية ما قبل ١٩٩٣، وحتى الآن، هي عمل سياسي ما بين طرفين غير متفقين على شيء محدد، طرفين متصارعين وبالوسائل كافة، وبالتالي فما حصل من اعلان مبادئ ومفاوضات، كان يطال الارض والحدود واللاجئين والقدس .. طال أمد المفاوضات دون ان تحقق شيئاً محدداً، بل ازداد عدد المستوطنات التي نهبت الارض وقطعت أوصال الضفة الغربية ..الى أن توقفت لهذا السبب، ثم تم استئنافها لمدة تسعة شهور لإعطائها فرصة اخيرة.

بذلت الولايات المتحدة جهوداً كثيفة وصادقة، واصطدمت بجدار التعنت الاسرائيلي المتمثل بالاستيطان وتواصله، ما ترتب عليه مواقف اوروبية واميركية اكثر وضوحاً مما سبق، ما جرى سابقاً، وما يجري الآن، هو عمل سياسي، صراع سياسي بين ارادتين: ارادة وطنية فلسطينية، وارادة احتلال اسرائيلي. وصلت المفاوضات الراهنة، الى منحنيات خطرة، باتت تهدد مسارها وتواصلها، والسبب الكامن وراء ذلك، والواضح للجميع، هو التعنت الاسرائيلي وتواصل الاستيطان، وعلى نحو واضح، وبشكل يؤكد تصادم السياستين الاسرائيلية والاميركية بشأن الاستيطان، ومستقبل عملية السلام.

ما حدث من مجريات، عبر مسار المفاوضات الاخيرة، هو طرح اوراق سياسية، ومواقف محددة، بشأن القضايا الخلافية مع الاسرائيليين.

مثّل الموقف الفلسطيني، موقفاً واضحاً ومقبولاً، من لدن الولايات المتحدة واوروبا وجامعة الدول العربية والعالم اجمع، بينما مثّل الموقف الاسرائيلي موقفاً مبهماً غير واضح، خاصة فيما يتعلق بالقانون الدولي، ومقررات الشرعية الدولية، وما تم الاتفاق عليه بين الاسرائيليين والفلسطينيين .. أضف الى ذلك، الاستفزازات الاسرائيلية، المرافقة للجهود الاميركية، والهادفة لاحباطها واعتراضها وافشالها.

ما تحقق خلال المفاوضات الاخيرة، هو بروز الموقف الاسرائيلي، وعلى نحوٍ اكثر وضوحاً، وبالتالي بروز مواقف اميركية واوروبية اكثر وضوحاً وادانة للموقف الاسرائيلي.

من هذه الزاوية تحديداً، يمكن قياس درجة نجاح السياسات المتصارعة الفلسطينية والاسرائيلية، وليس على قاعدة ما وصلت اليه تلك المفاوضات من نقاط اتفاق او خلاف.

المفاوضات متعثرة ومستمرة، ونسب التفاؤل بنجاحها اقل بل واقل بكثير من نجاحها، لكنها متواصلة، وتواصلها يعني بالضرورة انكشاف اوراق اكثر، وانفضاح أمر السياسة الاسرائيلية اكثر واكثر، كما ويعني ذلك، كسب نقاط من الجانب الفلسطيني اكثر وأكثر!!

المصدر: 
الأيام