إسرائيل الدولة الوحيدة المتماسكة في المشرق

بقلم: 

 

يجب أن يكف الغربيّون عن إعطائنا دروسا لا نتيجة لها سوى تفكيك دولنا... ومجتمعاتنا أو ما تبقّى من دولنا ومجتمعاتنا!

كان هذا رد فعلي وأنا أقرأ صباح أمس افتتاحية "نيويورك تايمز" حول نتائج الاستفتاء على الدستور المصري الجديد. "درس" بات تقليديا منذ 30 يونيو 2013 يتلازم فيه الوعظ الأميركي الأوروبي مع التأنيب على العجز الديموقراطي... مُرفَقاً ببعض الاعتراف – من حسن الحظ - بالإنجاز العلماني للدستور التونسي.
نعم الذي حصل في مصر إنجازٌ كبيرٌ جدا بل تاريخي. لا يمكن التسليم بذلك إلا من زاوية اعتبار أن ما فعله الجيش المصري مدعوماً بأغلبية شعبية واسعة هو منع امتداد التفكك المشرقي، دولاً ومجتمعاتٍ في سوريا والعراق ولبنان... إلى وادي النيل وتحديدا إلى مصر.
لا يمكن فهم التحولات من 25 يناير 2011 في ميدان التحرير إلى 30 يونيو 2013 دون التسليم بأن الدولة العميقة مدعومةً بالإرادة السلمية الأعمق للمجتمع المصري نجحت حتى الآن في منع تفكّك الدولة الوطنية المصرية وبالتالي في منع الحرب الأهلية.
نحن في المشرق نعرف معنى هذا الإنجاز لأن ثلاث دول رئيسية عندنا تشهد انهياراتٍ خطيرةً وربما لا تُعوّض و بعض الدول الأخرى تدخل على لائحة الترشيح للتفكّك ويخوض الجميع المعارك في سوريا والعراق ولبنان- التي هي في الواقع حرب أهلية واحدة من صنعاء إلى بيروت - من موقع إما قاتلٌ أو قتيل.
لا يمكن فهم الإنجاز المصري بدون ذلك. إنجازٌ نأمل في المشرق – ولستُ كثير التفاؤل- بأن تتمكّن القيادة المصرية الآتية أن تخرج عبره بأسرع ما تستطيع من ضغط اعتباراتها الداخلية الساحقة وأعباء بعض تحالفاتها الخارجية لكي تعيد بناء سياسة عربية وإقليمية حيوية وعاقلة في مشرقنا "المجنون" .
إن واحدة من أكبر مفارقات الشرق الاوسط اليوم هي أن الدولة الوحيدة التي لا خوف على تماسكها في المشرق العربي هي ... إسرائيل! هذا ليس كلاماً جزافا بل يعبّر عن إحدى أعمق الحقائق البنيوية في "الشرق الأوسط الجديد". كان العاهل الأردني الملك حسين "يذهب" إلى مصر أو سوريا أو السعودية بحثاً عن استقرار الكيان الأردني. اليوم الطرف الوحيد في هذا المحيط الذي يستطيع إعطاء ضمانة "الاستقرار" للأردن هو إسرائيل. وربما هذا ما أتى يفعله أو يجدِّده بنيامين نتنياهو في عمان. على أي حال لا يجب أن تُلام السلطة الأردنية على ذلك بل الوضع العربي بكامله.