الدولة الفلسطينية قائمة

بقلم: 

في ٣ كانون الثاني، وقع الرئيس محمود عباس بصفته رئيس دولة فلسطين ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، على المرسوم رقم 1 لعام 2013. وبينما قام بذلك وسط أجواء احتفالية بسيطة وبقليل من الجلبة، فإن التغيير الذي أضفاه هذا المرسوم يجب أن لا يفاجىء احدا بعد التصويت الواسع للجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين ثاني على رفع مركز فلسطين في الأمم المتحدة الى مستوى "دولة مراقب،" فهذا التغيير تاريخي.

فمن خلال هذا المرسوم، فإن "السلطة الفلسطينية،" التي أقيمت لمدة 5 سنوات انتقالية طبقا لاتفاق إعلان المبادىء في أوسلو الذي وقع في حديقة البيت الأبيض في أيلول 1993، استوعبت واستبدلت بدولة فلسطين، التي أعلنت عام 1988، والتي اعترفت بها دبلوماسيا 131 دولة من أصل أعضاء الأمم المتحدة البالغ عددهم 193. وحظيت بالتصويت الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أيدته 28 دولة إضافية رغم عدم اعترافها رسميا بفلسطين دبلوماسيا.

بعد الاشارة الى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين ثاني، نشير الى أن المادة الأولى من المرسوم الرئاسي تنص على أن: "يتم تعديل الأوراق الرسمية والأختام واليافطات والمعاملات الخاصة بمؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية الرسمية والوطنية، باستبدال اسم "السلطة الوطنية الفلسطينية" حيثما يرد باسم "دولة فلسطين"، واعتماد شعار دولة فلسطين فيها." كما ان المادة الرابعة تنص: "على جميع الجهات المختصة، كل فيما يخصه تنفيذ أحكام هذا المرسوم اعتبارا من تاريخه."

واعتاد الرئيس ياسر عرفات في مراسلاته الى ذكر مناصبه الثلاثة أسفل توقيعه - رئيس دولة فلسطين، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية (وفق هذا الترتيب). والجدير بالذكر أنه من الناحية القانونية والسياسية، ومن خلال التوقيع على هذا المرسوم، ذكر الرئيس محمود عباس أول منصبين له فقط. فحصان طروادة الذي يسمى "السلطة الفلسطينية"، وفقا لاتفاقات "أوسلو" الإنتقالية و"السلطة الوطنية الفلسطينية" وفقا للفلسطينيين، لم تعد قائمة بعد أن أدت غرضها عبر إقامة مؤسسات الدولة الفلسطينية على تراب فلسطين.

ولا توجد حاجة اضافية لقائد فلسطيني بثلاث مناصب. فبينما ستستمر منظمة التحرير الفلسطينية في تمثيل جميع الفلسطينيين في كل مكان، فإن الفلسطينيين القاطنين في دولة فلسطين (التي حددت أرضها بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 29 تشرين ثاني) "بالأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967"، أو الذين يقيمون في أماكن أخرى، سيفخرون بحمل جوازات سفر الدولة الجديدة، حيث سيمثلون الآن بالدولة الفلسطينية.

ولربما بسبب الطريقة الهادئة التي تم فيها تأثير هذا التغيير، أو على الأقل في جزء منها، جذبت القليل من إهتمام الإعلام الدولي أو تفاعل الحكومات الأخرى، وبضمنهما الحكومتين الإسرائيلية والأميركية. وليس من الضرورة ان يكون ذلك مخيبا للآمال، كون القبول السلبي أفضل من الرفض الغاضب.

ومالت التقارير الإعلامية القليلة والموجزة نسبيا حول التغيير الى توصيفه كـ"رمزي". وقد يكون رمزيا، لكن يجب أن يكون أكثر من ذلك. فإذا قامت القيادة الفلسطينية باستخدام اوراقها بحكمة، فقد يمثل ذلك، ويجب أن يشكل نقطة تحول باتجاه مستقبل أفضل.

والآن، فإن دولة فلسطين قائمة على التراب الفلسطيني، لكن بدرجات وظروف متفاوتة، تحت احتلال حربي من جانب دولة اسرائيل.

وبقرارها الصادر في 29 تشرين ثاني، أكدت الجمعية العامة "إصرارها على المساهمة في إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وعلى التوصل الى حل سلمي في الشرق الأوسط ينهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967 وتحقيق رؤية الدولتين، دولة فلسطينية مستقلة سيادية ديمقراطية متصلة جغرافيا وقابلة للحياة، تعيش الى جانب اسرائيل بسلام وأمن على أساس حدود العام 1967".

وعلى أعضاء المجتمع الدولي الآن اظهار تصميمهم ليس فقط من خلال الكلمات وإنما الأفعال والتصرفات. وفي عالم يصرح بتبني حقوق الإنسان والقانون الدولي، وبضمنه ميثاق الأمم المتحدة، فإن الاحتلال الحربي الدائم لدولة من قبل دولة أخرى أمر محال. وحقيقة أن السماح باستمرار وتوسيع الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وترسيخ نفسه لأكثر من 45 عاما، يمثل علامة سوداء مروعة ضد الإنسانية. وعلى هذا الاحتلال أن ينتهي الآن.