"المشروع الوطني الفلسطيني" أفكار وأسئلة حول المأزق والآفاق

بقلم: 

 

بعد مضي اثنين وعشرين عاماً على اتفاق اوسلو، توحي التحولات الاقليمية والدولية الكبيرة ولا سيما ما أحدثته الثورات العربية أن على الشعب الفلسطيني اكتشاف سبل جديدة لأعمال حقوقه المستحقة منذ زمن طويل، وحقه في تقرير مصيره. وجد الفلسطينيون أنفسهم أمام استحالتين، استحالة قيام دولتين لشعبين، واستحالة قيام دولة واحدة لكل مواطنيها، لذلك يجري البحث عن بدائل أو حلول تعد أكثر عمقاً وإتساعا مع العوامل المتغيرة المعتادة التي تؤثر في المسار اليومي للشؤون العربية الاسرائيلية، ولا سيما نتيجة التغيرات العالمية، ومنها نظام دولي متبدل في زمن الثورات والأزمات المالية العالمية جنبا إلى جنب مع الميثاق "عالم جديد" متعدد القطبية وازاء محاولة تبدو جدية من قبل الرئيس الأميركي باراك أوباما في ولايته الثانية محمولة على جولات متعددة ومتتالية لوزير خارجيته كيري إلى المنطقة بحثاً عن تسوية فلسطينية ـ اسرائيلية وعربية فلسطينية بعد نجاح الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي في تحييد مسالتين بالغتي الحساسية: السلاح الكيماوي في سوريا التي تعيش أخطر أزماتها السياسية والاجتماعية والسلاح النووي الايراني المحتمل وانطلاق مفاوضات اميركية فكرية من الجمهورية الايرانية تعتبر تحولاً مهماً في السياسة الايرانية الاقليمية في المنطقة.
هذه التحولات المتراكمة حملت معها أزمة شرعية عالمية تصيب السياسات الاسرائيلية اليمينية المتطرفة والموغلة في تقسيماتها الانتقائية وسياساتها العنصرية والاستيطانية على نحو مناقض تماماً لممارسات تعميق الديموقراطية على المستوى العالمي وتسوية النزاعات بتجاوز المعضلات المنطقية التي ينطوي عليها الاندماج وتفسخ الهوية.
ما عاد المجتمع "الصهيوني المبرمج" الذي نشأ عليه الكيان الاسرائيلي قبل سبعين عاماً يشكل من الآن وصاعداً نموذجاً قادراً على البقاء الا بوسائل صناعية.
تقوم على منطق التقسيمات التمييزية الانتقائية، من المحتمل ان يلغيه نموذج آخر جديد يجري البحث عنه خارج هذا الابارتهيد، الذاتي التنظيم، والمرسوم اميركيا وغربياً، الذي يتخذ صورة المدن الجديدة المحاطة بالأسوار وباقامة المستوطنات ومعاقلها وحصونها على نحو مخالف لاعادة النظر في فكرة الحيز العام العالمي والانساني نفسه ما عاد العالم الذي اجتمع من اقصى جهات الأرض تحية لرجل السلام ونبذ العنف والمشاركة الانسانية نلسون مانديلا، وبصورة كاملة يحيي المدينة التي أعاد مانديلا تشكيلها وتعميق حضاري بعيداً عن الاضطراب في نظام المجتمع الافريقي الحديث. ما عاد هذا العالم يقبل بمنطق الابارتهيد الحضري: هذا تهديد للمجتمع الديموقراطي، ومجتمع لا معقول تقوم فيه الصلة الاجتماعية بصورة غريبة على تمزيق نفسها، وشبح يهدد ويسكن العالم بضرورة ايجاد حل للقضية الفلسطينية ووقف سياسة المجتمع المنفصم، ووقف حد لفصل عنصري آخر من الفصل والعزل. هذا في الوقت الذي يقوم فيه العالم الجديد بتجريد فكرة ان المستقبل سيكون معطى جاهزاً بفضل فكرة الزمن والحرية التي يسمح بها وآن لكثرة من المسارات والمشروعات بشأن القضية الفلسطينية ان تتقدم وان يُسمَع اخيراً صوت الشعب الفلسطيني بادارة سياسية عادلة لصراعه مع كيان اسرائيلي محتل، على نحو النجاحات السياسية التي تمثلها نهاية الآبارتهيد (سياسة الفصل العنصري) لمؤسسة في جنوب افريقيا ونامبيا، ونهاية الحرب في السلفادور وغواتيمالا او في موزاميق او كمبوديا، ونهاية الحرب في السلفادور وغواتيمالا أو في موزامتيف أو كمبوديا.. او غيرها، وهل يمكن تحقيق السلام أخيراً في الشرق الأوسط؟
وفي عصر يتم فيه عقد تحالفات اقليمية ودون اقليمية مرحلة أساسية نحو بناء سياسة واقعية ويوتوبيا توفيقية تجعل نزع الاسلحة الكيماوية والنووية على وجه الخصوص واقعاً. لماذا لا يشهد هذا العصر تسوية سلمية جدية لأقدم انواع الصراع في الشرق الأوسط ليس وفاقاً أبدياً. ان السلام كان واقعاً أو فكرة على مدى عقود من السنين، ويتأكد من الآن وصاعداً انه ممكن حقاً.
وإذا كان هذا العام شهد أكثر من أي وقت مضى أزمة شرعية عالمية اصابت الصهيونية، فانه شهد أكثر تناقشات مستمرة بين ابناء الشعب الفلسطيني تمثلت في عجزهم عن تجسيد الاشراف الدولي بالمشروع الوطني الفلسطيني على الارض، حتى في زمن اليقظة الشعبية العربية التي تعيد تشكيل المنطقة وشعوبها. هذا التحول الذي يمكن ان يقود إلى منعطف بالغ الأهمية في تاريخ النضال الفلسطيني، وقد يستغرق ذلك وقتاً كي يتحقق. ومع ذلك كثيرة هي دراسات مراكز الابحاث ودراسة السياسات التي حاولت تقصي اثر الثورات العربية الحالية في مستقبل النضال الفلسطيني.
العام 2013 استمرت اسرائيل بسياساتها الكولونيالية واثارها المدمرة على المجتمع الفلسطيني وهويته. ولم يشهد هذا العام تحولات مهمة في المجتمع الفلسطيني ومؤسساته السياسية ولا تحولات مهمة في أنماط المقاومة الفلسطينية ولم يؤشر الى مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني وأطره التمثيلية بخلاف موقف نافذ لكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات مجموعة في افتتاح المؤتمر السنوي الثاني لمركز الابحاث العربية بعنوان "قضية فلسطيني ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني ـ 7 ـ 9 كانون الاول 2013 قال فيه بالحرف: "ليس هناك من دولة فلسطينية من دون غزة أو حيفا أو القدس"، لاقاه موقف مهم لاسامة حمدان ممثل حركة حماس في المؤتمر اعتبر فيه "ان الثورة الفلسطينية لا يمكن ان تتجاهل اصوات الشعوب العربية الأخرى في سعيها الى الحرية والعدالة والانسانية".
موقفان فلسطينيان يعبران عن مرتكزين للمشروع الوطني الفلسطيني في ظل التحولات والمتغيرات والظروف والتحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني سواء أكان ذلك داخل حدود فلسطين التاريخية أو خارجها، مع إعادة تقويم لموقع القضية الفلسطينية في الصراع العربي ـ الاسرائيلي وبخاصة مع اندلاع الثورات العربية.
واكبنا السجال السياسي هذا العام الذي تناول القضية الفلسطينية والنقاش حولها والمقاربات الاكثر جدية ورصانة التي تنقسم بين أوراق ترى الى عملية تهميش للمشروع الوطني الفلسطيني ولقضية فلسطين في جدول أعمال الدول الكبرى وأخرى، ترى ان مستقبل القضية الفلسطينية في ضوء المستجدات هي القضية الأكثر اهمية حالياً:
هنا محاولة استقراء الوقائع الجارية من خلال أوراق عبثية مهمة قدمت في مؤتمر "قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني ـ الفلسطيني" الذي عقد في الدوحة أخيرا بمشاركة بحثية وأكاديمية رفيعة جداً ومقاربة لأبرز التيارات والاتجاهات الحديثة بالنظر الى آفاق والمسألة الفلسطينية د. عزمي بشارة: دولة لجميع مواطنيها.
يرى الدكتور عزمي بشارة مدير المركز العربي "لدراسة السياسات" ان الكلام عن قضية الجماعة في المسألة الفلسطينية هو ذاته الكلام عن قضية انسانية، لان الشعب الفلسطيني يتعرض الى ظلم بالمقاييس الانسانية الكونية. نحن نتحدث عن ظلم واقع بحق شعب بأكمله، ومشروع استيطاني متواصل، و"ملايين من المهجرين من وطنهم وأبنائهم الذين حافظوا على هويتهم كلاجئين فلسطينيين فيما يسمى الشتات الفلسطيني. ومن جهة أخرى يعيشون في واقع فصل عنصري استعماري تحت الاحتلال... حيث تمارس اسرائيل من دون توقف المصادرة او الاستملاك او السطو المسلح. بدءاً من مصادرة الارض واستملاكها ومنحها لوافدين بتبريرات مختلفة. ونهاية لمصادرة التاريخ والذاكرة وحتى الأسماء. وهو الاستملاك الذي تحول في الواقع إلى عملية احتلال كاملة".
ويضيف عزمي بشارة "لا يمكن تجاهل الاعتقاد المنتشر بأن المشروع الوطني الفلسطيني يعيش حالة انسداد تحتم التفكير في مستقبله، واي محاولة لتصحيح الخلل في العملية السياسية تجري ايضا بأساليب سياسية خاضعة لموازين القوى التي تحكم العملية السياسية. والمهم ان المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل بالدولة الفلسطينية. اصبح رهينة عملية سياسية تفاوضية يرافقها توسع استيطاني احتلالي مذهل ينجم عنه على الأرض حصر كيان فلسطين في ما يسمى المناطق "أ" و "ب" وهو كيان منقوص السياسة، ولا مانع لاسرائيل ان يسمى دولة وتريد مع ذلك ثمناً في المقابل وتريد ان تضم اليه مناطق "ج" كي لا يؤثر في بنية اسرائيل الديموغرافية والاقتصادية والسياسية. ولكن لا يسمح له في جهة أخرى بأن يتحول الى دولة ذات سيادة على ارضها. ولا حل لقضية اللاجئين ولا امتداد عربي لمحيطه".
ويخلص بشارة في ورقته "الاطار" الى ان الجميع يدرك المأزق "وانما الخلاف الفلسطيني-الفلسطيني حالياً هو صراع على السلطة، الصراع الذي يمنع رؤية الواقع الفلسطيني الواحد والموحد. والسياسات الاسرائيلية الواحدة: والمشكلة أنه صراع على السلطة قبل مرحلة الدولة.. جازماً بأن تحويل قضية فلسطين الى اداة استخدامية بيد انظمة استبدادية فاسدة، لم يضرّ بها اخلاقياً وحتمياً فقط، بل أضرّ بها فعلياً، فالأنظمة ذاتها التي لم توجه الطاقات الى الصراع مع اسرائيل، استخدمت قضية الفلسطينيين في لغة الاستبداد، بحيث لوثت الخطاب التحريري الفلسطيني.. ولا بد من العودة إلى التفكير في مستقبل المشروع الفلسطيني الوطني على ضوء مأزق المفاوضات مأزق الكفاح المسلح، وانتقال العالم العربي لمرحلة غير قصيرة بالثورة والثورة المضادة حتى تستقر الأمور الى ديموقراطيات عربية.. لكن لا يمكن للشعب الفلسطيني ان ينتظر أكثر..."
[ايلان بابيه (مدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية)
يرى بابيه أن هناك فرصة ضئيلة جداً للتغيير داخل المجتمع اليهوي والاستراتيجية الإسرائيلية الراهنة هي في التنمية والديموغرافيا وليس في السياسة والفكرة الأخيرة عند رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو كما كانت عند أولمرت هي ضم منطقة "ج" وبما يعتبره لا يحتاج الى شرعية لتكون دولة يهودية وليس المهم بالنسبة لليمين الإسرائيلي الحالم ما تأتي به المفاوضات وأنما الهدف هو الاعتراف بالرقعة الجغرافية.. وما يحدث في القرن الواحد والعشرين أن أوسلو انتهت وعدنا للوقائع البسيطة والعقلية الإسرائيلية تقوم على مجتمع لا يتأثر بالأصوات التي يسمعها من الطرف الآخير ويتأثر أكثر بتوازن القوى وعلى الفلسطينيين أن يثقوا بأنفسهم وبأن مشروعهم الوطني له مبرراته الأخلاقية وهو مشروع قوي جداً وذو رسالة تأتي من العالم أيضاً وتحتاج بالضرورة الى ضغط شديد من الخارج.
[الاتحاد الأوروبي والقضية الفسلطينية
يناقش بشارة خضر أن الموقف الأوروبي قد تحوّل تدريجاً من التجاهل التام للبعد السياسي للقضية الفلسطينية (1957 1967) الى الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني (1973)، والحاجة الى إقامة وطن أم للشعب الفلسطيني (1977)، والحق في تقرير المصير عبر المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية (إعلان البندقية عام 1973)، والذي يشير ضمناً الى دولة فلسطينية (إعلان برلين 1999)، وإلى القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة (بيان الاتحاد الأوروبي 2009)، وعلى الرغم من هذا التحول فإن البيانات التي أصدرها الاتحاد الأوروبي ساهمت بشكل كبير في مساندة حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أنه أخفق في فرض إكراه غير عنفي على إسرائيل، على الرغم من انتهاكها المستمر للقانون الدولي، مكتفياً بتقديم عون مالي للفلسطينيين في غياب حل عادل ويسمح لإسرائيل بالنهاية بمواصلة احتلالها بحصانة تامة من أي عقاب.ـ

بشارة خضر
[استراتيجية الصين في الشرق الأوسط وقضية فلسطين

يكمن جوهر الاهتمام الصيني في الشرق الأوسط أساساً في اقتصاد المنطقة. على الرغم من أن مصالح الصين الاستراتيجية والأمنية والسياسية تتداخل وتكتمل ويعارض بعضها بعضاً. ولا تفتقر الصين الى النفوذ الذي تحتاج إليه لحماية مصالحها في الشرق الاوسط فحسب، وإنما أيضاً الى التواجد العسكري الموازي. ومع ذلك فإن الصين قد تعزز مواردها في المستقبل مع إمكان تزايد النمو الاقتصادي ولا تزال القضية الفلسطينية كما كانت دوماً. على رأس جدول أعمال العالم العربي لتؤثر على نحو غير مباشر في اقتصاد الصين واستراتيجيتها وأمنها ومصالحها في المنطقة، وتبعاً لذلك، فمن المحتمل أن يزداد الدعم الصيني السياسي والمعنوي المستمر للقضية الفلسطينية.
نيوكسن تشن
[ألمانيا والقضية الفلسطينية
سيطرت المسؤولية التاريخية الألمانية المستمدة من الحروب العدوانية الألمانية والإبادة الجماعية لليهود الأوروبيين على السياسة الألمانية تجاه القضية الفلسطينية وقد ترجمت هذه المسؤولية في دعم قوي ألماني للسياسات الإسرائيلية على المستويين الرسمي والاجتماعي والتجاري والتعاون الأمني.
ونتيجة لذلك، فإن إسرائيل اليوم هي الدولة التي تتمتع ألمانيا بأوثق العلاقات بها في الشرق الأوسط، وقد دافعت الجمهورية الاتحادية عن بناء علاقات وثيقة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. في الوقت نفسه، دعمت ألمانيا عملية السلام في الشرق الاوسط، وعملية تسوية للقضية الفلسطينية تتم عبر التفاوض للوصول الى حل الدولتين. وألمانيا من كبار المانحين الذين يقدمون الدعم الى شروع بناء الدولة والمؤسسات الفلسطينية ومع التقدم البطيء الذي أحرزته عملية السلام خلال السنوات العشرين الأخيرة والمواجهات العنيفة بين إسرائيل والفلسطينيين. تنامت شكوك المواطنين الألماني في ما يرونه في دعم حكومتهم غير المتوازن وغير المشروط لإسرائيل يبقى أن يترجم هذا التغيير الى مستوى سياسات ألمانية تعكس التغيرات التي يشهدها الرأي العام الألماني.
موريل أسبورغ
[بريطانيا والقضية الفلسطينية
إن دور بريطانيا في نشوء القضية الفلسطينية معروف جيداً، كانت بريطانيا جنباً إلى جنب مع فرنسا من قاد مهمة تقسيم الإمبراطورية العثمانية، وهي من أصدر إعلان بلفور في عام 1917، وهي التي حضرت المشهد للمصير الذي لاقاه الشعب الفلسطيني سنة 1948.
مع ذلك، تتبع هذا المسار في تطور التغيير البريطاني وأثر تغيرات المواقع الوظيفية ضمن الحكومة البريطانية وكما تدل المؤشرات الأولية على أنه لم يتم النظر الى الدولة الفلسطينية في أي لحظة على أنها هدف أساسي، أو كغاية في حد ذاتها، بل كوسيلة لنهاية أخرى. أكانت تحقيق الاستقرار الإقليمي أو وضع حد لفصل مؤلم في التاريخ أو تحقيق مكاسب سياسية لا أكثر.
روز ماري هوليس
[مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في العالم العربي

تزامنت عقود من تراجع الحركة الوطنية الفلسطينية مع انعدام الأمان بالنسبة الى اللاجئين الفلسطينيين، ما يدعو الى التشكيك في منطق تصوير الحركة لهذه الجالية. فتكرر النزوح من البلدان العربية إما قسراً أو بسبب الحرب والعنف وآخره النزوح من سوريا، كان نزوحاً فوضوياً فترك الأفراد والعائلات لمصيرها الخاص. لأن المؤسسات الفلسطينية والمجتمع الدولي لم تضع خطة متكاملة لتحقيق الأمن الدائم للاجئين الفلسطينيين. فمن منظور القضية الفلسطينية والحركة الوطنية لا يقتصر فشل دمج اللاجئين الفلسطينيين وإخراجهم من الهامش على ترك أهم الموارد البشرية المتاحة بشكل كبير على الهامش فحسب، بل يعني أن قدراً من الطاقة والجهد والمساعدات والموارد قد ذهبت الى الجهد الإنساني الهادف الى إبقاء اللاجئين ضمن أدنى مستوى من المستويات الاجتماعية والاقتصادية والصحية أيضاً. لذلك من الضروري بذل جهد منسق واستراتيجي لتسهيل انتقال اللاجئين الفلسطينيين من العالم العربي، من أجل تحقيق الأمن في الأمدين القصير والطويل كأساس لتعزيز الحركة الوطنية وبناء مؤسسات قابلة للحياة وقادرة على التصدي للتحديات السياسية التي تواجه المجتمع الفلسطيني.

آدم شابيرو
[إسبانيا والقضية الفلسطينية

كان دعم إسبانيا أحد أحجار الأساس في سياسة إسبانيا في الشرق الاوسط. وقد يحتم من هذا الموقف الثابت نتائج إيجابية، إذ تمكنت إسبانيا من الاضطلاع على دور نشط في عملية السلام، وفي المنطقة الأورو-متوسطية، بتقديم نفسها قناة اتصال بين الاتحاد الأوروبي والعالم العربي وإسرائيل. وكانت إحدى السمات الأهم للنشاط الخارجي لإسبانيا هي التوافق بين الأحزاب السياسية الإسبانية في شأن الحاجة الى إنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وهي وجهة نظر يؤيدها الرأي العام الإسباني على نطاق واسع، وكذلك الحكومات الإسبانية.
اغناسيو الفارسي وأوسوريو الفارينو
[فرنسا وفلسطين: علاقات ثابتة وملتبسة
أولت فرنسا أهمية كبيرة للملف الفلسطيني الإسرائيلي منذ العام 1948. وظهر أن تحيزها لدولة إسرائيل قد بدأ بالتحول عام1967 عندما رفض الجنرال ديغول دعم الإسرائيليين في حرب الأيام الستة. منذ ذلك الحين اكتسبت فرنسا سمعة الدولة "المؤيدة للعرب" والحريصة على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته الخاصة.
جميع الرؤساء الستة الذين خلفوا ديغول صاحب مقولة (" اليهودي شعب من النخبة، واثق من نفسه، وميال الى الهيمنة"). جميع هؤلاء الرؤساء أوضحوا تمسك الفرنسيين في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، من دون أن يعني هذا أنهم سيقومون بأي عمل من شأنه أن يهدد أمن إسرائيل مع فهم فرنسي يظهر أحياناً قوياً لوجهة النظر الإسرائيلية في شأن الصراع.
براح ميكائيل
[منظمة التحرير من الصعود الى الأزمة

تحديات كثيرة تواجهها منظمة التحرير الفلسطينية بعد توقيع اتفاق "اوسلو" وتحوله الى اتفاق دائم، وازاء الشلل الذي تعيشه مؤسساتا المنظمة في ضوء تضخم دور السلطة الفلسطينية على حساب فاعليتها. ولا شك ان الاعتراف الفلسطيني بحق اسرائيل في الوجود، وجه ضربة قاصمة لما تمثله المنظمة بوصفها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ومايعنيه ذلك من دفاعها عن الحقوق الطبيعية والتاريخية للشعب الفلسطيني وعن مصالح التجمعات الفلسطينية وتطلعاتها في جميع اماكن تواجدها.
هاني المصري
[الثورات العربية وتحولات المجتمع الاسرائيلي

جاء الربيع العربي بعد ثلاثة عقود على توطيد وتثبيت دعائم اسرائيل ليشكل بداية جديدة ومفصلية للصراع العربي الاسرائيلي وبدأت نظرية الهيمنة الاسرائيلية على المنطقة العربية تنهار رويداً رويداً، بعد تنامي معدل المناوشات العربية على الحدود مع اسرائيل. أكان من الجانب المصري او السوري وربما الاردني لاحقاً، وتباطأت حركة قطار "التطبيع" العربي الاسرائيلي على الرغم من تعديل المبادرة العربية أخيراً، ففشلت الجبهة الداخلية الاسرائيلية من الناحية الاجتماعية والمعيشية في استيعاب النازحين، يضاف الى ذلك فشل الجبهة الداخلية في الحرب على غزة، لذك ليس من الغريب ان يصف المستوطنين بلدهم بأنها تشهد "حرب استنزاف" امام المقاومة الفلسطينية المتواصلة، والتي استمدت قوتها مجدداً من "الثورات العربية".
خالد سعيد
[الاستشراف الاسرائيلي للشرق الأوسط الجديد

التقويمات الامنية والتمثلات الثقافية الاسرائيلية ازاء التحولات العربية تؤدي الى اعتماد اسرائيل على منطقة "الجدار الحديدي" في مواجهة العرب، البديل الشعبي لمفاوضات السلام بالنسبة الى الكثير من الاسرائيليين.
وتفسر مخاوف الاسرائيليين في دعم الطغاة، ما يجعل الاقتراحات الثقافية اليمينية الاسرائيلية تقارب العنصرية ازاء الفكر الاسرائيلي من التغيرات الديموقراطية الحقيقية في الاحياء المهمشة الصعبة، اكثر ما تخشاه اسرائيل فترة دولة ديموقرطية واحدة لجميع مواطنيها، اي الحصول على المساواة لاسيما ان مسألة العودة والتاريخ والعلاقة الكولونيالية اصبحت تدحض الوعي السياسي عند الفلسطينيين والبدائل التي تراها اسرائيل العودة الى العام 1948، الى اللحظات الحرجة اي معاملة الشعب الفلسطيني كولونيالياً، واستناداً الى ان فكرة المساواة غير ممكنة، ما يبدد الآمالفي اتفاق الدولتين، ...واستحالة مبدأ الدولة الواحدة مع فشل "نموذج المساواة".
نديم روحانا
[المستوطنات في القانون الدولي

منذ بداية احتلالها عام 1976، انكبت اسرائيل جاهدة على تنفيذ نشاطين متزامنين: استعمار الضفة الغربية (بما فيها القوى الشرقية) والسيطرة على الناس وموارد الحياة على هذه الارض هاتان العمليتان متضافرتان، اذا لا يستطيع الاحتلال ان يتعزز ويستمر من دون سيطرة شاملة على الفلسطينيين والارض الفلسطينية. صحيح ان القانون الدولي الانساني يحظر الاستعمار، الا انه لا يملك القوة الكافية لحماية الفلسطينيين ولحماية الارض الفلسطينية من الاستعمار الاسرائيلي، ويبدو ان المجتمع الدولي وطوال العقدين الماضيين، لم يكتف بالسماح بالاستعمار الاسرائيلي وحسب بل اتخذ اجراءات لفرض عقوبات غير رسمية عليه ويتضح ذلك بشكل خاص مع استمرار عملية التفاوض.
ديانا بطو
[فلسطين والثورات العربية في الدراسات الاكاديمية
بدءاً من كانون الثاني يناير 2011 حتى هذه اللحظة، وفي استقراء قاعدة واسعة من البيانات تشمل نحو خمسمئة مقالة تغطي الاتفاقات العربية، يلاحظ ان الكتّاب الاكثر تأثيراً هم اولئك الذين ينتمون الى مراكز السياسات الاميركية واساتذة العلوم السياسية في الجامعات والمعاهد الاميركية، ولم يسبق لاغلبيتهم ان عاشت في المنطقة العربية الا في زيارات قصيرة، باستثناء عدد قليل من الاكاديميين المتمرسين مثل الايراني اصف بيات، ففي زمن الفردية الذاتية، يبدو مأسسة المجتمع العلمي مراهنة وهو يعجز عن اثارة نقاش مهم، وقد عوق الاستبداد أي رد فعل حميمي لعلماء الاجتماع، وهذا يطرح اشكالية التواصل بين الانتاج المعرفي والعلوم وعليه فالدراسات الاكاديمية العربية بموضوع فلسطين والثورات العربية لم تستطع انتاج مدارس او اتجاهات فكرية.
ساري حنفي
[عشرون عاماً على عملية السلام
اعادة تخيل فلسطين

حولت عملية تخيل فلسطين من خلال اجزائها، الطريقة التي يتصور من خلالها الفلسطينيون حيزهم وحقوقهم ونضالهم واهدافهم ووسائلهم. اذ تحول النضال من اجل التحرر وتقرير المصير والعودة الى ارض الوطن، الى نضال من اجل حكم ذاتي وسلطة محدودة الصلاحيات ودولة هزيلة، ما يمثل نقلة من رؤية شاملة الى رؤية اختزالية. ترتبط الرؤية الاختزالية بمجموعة من المفاهيم المتعلقة بنموذج الدولة، والتي دفعت عدداً من المؤسسات ورؤوس الاموال المتدفقة لتبرير ما كان هدفاً "موقتاً" في مرحلة مقيتة من الزمن وتحويله الى هدف دائم ونهائي.
إميل بدارين
[مطلب اسرائيل يهودية الدولة على الأرض

على مدى العقد الماضي طالب اعضاء الحكومة الاسرائيلية الفلسطينيين بقبول تعريف اسرائيل الصهيونية لنفسها دولة يهودية. وبهذا الخطاب وهذه حقيقة تسعى لاقرار الهيمنة الجيوسياسية، وعرقلة اي ترجمة حقيقية للتوصل الى حل الدولتين ومطالبة الفلسطينيين بالاعتراف باسرائيل وفقاً لحدود ما قبل حزيران 1976. دولة "يهودية" انما تعني ان الفلسطينيينن سيتخلون رسمياً عن 77 بالمئة من اراضي فلسطين التاريخية. عندئذ تستطيع اسرائيل ان تطالب بـ33 بالمئة المتبقية (الضفة الغربية وقطاع غزة ملوحة بـ"البطاقة الامنية".
تبدو اي سيادة فلسطينية محتملة على أي بقية من بقاع ارض الوطن الفلسطيني ويعني هذا الاعتراف ايضاً ان "حق العودة الفسطينيين" الذي يستند الى القانون الدولي سيلغيه الفلسطينيون انفسهم. ما يعني مستقبل أكثر غموضاً وبما ان الفلسطينيين يشكلون سلفاً تهديدا لـ"يهودية اسرائيل" لاسباب ديموغرافية، يبدو امكان ترحيلهم القسري في عملية تبادل الاراضي في المستقبل محتمل الحدوث.
غازي وليد فلاح
[مستقبل منظمة التحرير وبرنامجها السياسي

التغير في السلوك السياسي للقيادة الفلسطينية وانتقال القيادة من قيادة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين الى ادارة عملية السلام على اساس حل الدولتين ادى الى تراجع مكانة هذه القيادة التاريخية لمصلحة قوى اخرى جديدة معارضة لهذا النهج وابرزها حركة "حماس"، لا سيما مع ترنح خيار حل الدولتين نتيجة تنامي قوة اليمين العنصري في اسرائيل وسرعة التوسع الاستيطاني ووصلت القيادة السياسية وبرنامجها السياسي واستراتيجيتها المعتمدة الى المفاوضات الى طريق مسدود.
غسان الخطيب
[تحصين "حماس" في غزة
ادى رفض المجتمع الدولي التعامل مع حماس سياسياً الى تهميش الحركة ما ادى الى القطيعة بين الضفة وقطاع غزة من عام 2007. ومنذ ذك الحين ادى الحصار المتواصل المفروض على قطاع غزة الى تفويض جهود المصالحة والى تحصين حركة حماس في قطاع غزة على حساب النضال الاوسع في تقرير المصير الفلسطيني لعالمٍ بشكل بنيتين قياديتين ممأسستين متمايزتين ومتعارضتين في غالبية الاحيان.
 

 

 

المصدر: 
المستقبل