2014: عام تجديد القديم الفلسطيني؟!

بقلم: 

 

بإعلان الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، تكون الأمور بين الدولة والإخوان قد دخلت ضمن دائرة "كسر العظم"، وهذا يعني بأنه ما عاد ممكناً التوصل إلى "حل" من شأنه أن يدخل الإخوان بموجبه، ضمن الحالة السياسية المصرية، كما أن ذلك يعني بأن "فصلاً" من التوتر الميداني ستشهده مصر خلال الفترة القادمة.

على أي حال، فإن إقدام الحكومة المصرية على اتخاذ هذا القرار، يشير إلى أن نظام ما بعد 30 حزيران، في مصر قد بات ممسكاً بمقاليد الأمور الداخلية، وأنه بات قوياً لدرجة أن يقوم بكسر ظهر أكبر تنظيم سياسي في مصر، بل ربما أكبر تنظيم سياسي في المنطقة بأسرها، دون أن يتردد لحظة واحدة، وهذا يؤكد خطأ المسار الذي سار عليه الإخوان منذ 30 حزيران الماضي، وحتى قبل ذلك، حيث كان يمكنهم أن يتجنبوا مثل هذا المصير لو أنهم أبدوا تعقلاً أكبر، لكن ولأن "لو" لا تغير من واقع الحال شيئاً، وحيث إن من شأن ذلك القرار أن يعني ملاحقة عناصر الإخوان وفق القوانين العسكرية، أي دون الحاجة إلى مذكرة اعتقال من قاض، ومن ثم حبسهم دون حكم مدني بالسجن، وما إلى ذلك، فإن ما يعنينا بشكل مباشر هو ما سينجم عن هذا من تداعيات على الجانب الفلسطيني، وبالتحديد على إخوان/ فلسطين.

التوضيح جاء فورياً من وزير التضامن الاجتماعي المصري د. أحمد البرعي، وهو الوزير المختص، والذي سبق له وأن أعلن قرار حل جماعة الإخوان المسلمين قبل بضعة أسابيع، وقال فيه بالحرف: إن حماس جزء من تنظيم الإخوان المسلمين، وهذا يعني أن كل عنصر من عناصر حماس لم يعد بمقدوره أن يدخل الأراضي المصرية لهذه الصفة وحسب، ولم يعد الأمر يحتاج تهمة أو حكما بضلوعه في عملية تفجير أو أي شيء من هذا القبيل، الذي له علاقة بالأمن المصري، كما أن الأمر هذا يتجاوز الموقف السياسي، فحتى بعد انتهاء الفترة الانتقالية، لن يكون بمقدور الحكومة القادمة أن تغير هذا القرار بسهولة، وربما كانت الأيام القليلة القادمة ستوضح تماما أبعاد هذا القرار، ليس فقط على تواجد بعض قيادات وكوادر حماس في مصر (موسى أبو مرزوق مثالاً)، وليس فقط على عجز قيادات وكوادر وعناصر حماس المقيمين في غزة من دخول مصر وحسب، ولكن سينعكس على لقاءات المصالحة بالتأكيد وبشكل مباشر وفوري.

علينا أن نراقب ونترقب، إن كانت الحكومة المصرية وفق هذا الإعلان ستقوم باعتقال كل عناصر الإخوان المصريين، دون الحاجة إلى تهمة التورط في عمل أمني مخل بالنظام العام، وإن فعلت، فهل ستقوم باعتقال قيادات وكوادر وعناصر حماس المقيمين بمصر، وإن فعلت، فكيف يمكن أن تظل مصر - بعد ذلك - راعياً لملف المصالحة بين فتح وحماس، حيث إن قيادات حماس لن يكون بمقدورها دخول الأراضي المصرية؟!

طبعاً، هذا الإعلان يزيد من الوضع الحالي في غزة سوءاً، ويزيد من الضغط على حماس، في غزة - خاصة - والتي باتت لا تعرف ماذا تفعل، هل تواصل "استجداء" أبو مازن لإنجاز المصالحة، وخروجها من المأزق، أم تفتح الجبهة مع إسرائيل، سعياً لقلب الطاولة، وهي تدرك أنها هذه المرة، قد لا تنجو من السقوط من على كرسي الحكم في غزة، وأن أحداً لن يسارع إلى نجدتها من آلة الحرب الإسرائيلية؟

الأيام الماضية الأخيرة، شهدت مؤشرات على ما يمكن أن يحدث من مؤشرات الانفجار، حيث باتت غزة في "طنجرة" الضغط، تغلي، وبالتأكيد، فإن أفضل خيار للفلسطينيين، هو أن يتم إنجاز المصالحة فوراً، ليس فقط لتجنيب غزة الكارثة القادمة، بل أيضاً لإنقاذ السلطة من المأزق التفاوضي الحالي، والذي باتت مقدماته واضحة عبر اتفاق الإطار، الذي يسارع جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة إلى عقده مع نهاية شهر كانون الثاني القادم.

أبو مازن الذي أكد خروج الـ 26 أسيراً بعد غد الأحد، يشير بذلك إلى تجاوز المفاوضات عنق الزجاجة، والأهم أنه بشّر بإنجاز المصالحة قريباً، بما يشير إلى أن السلطة ربما تسعى إلى "تمرير" اتفاق الإطار، مع اتفاق المصالحة، حيث لن يكون بمقدور حماس رفض المصالحة، فيما تعجز السلطة عن رفض اتفاق الإطار، وهي بحاجة إلى أجواء شعبية من نمط تلك التي ستحتفل بإعلان المصالحة، حتى يمر اتفاق إطار يتضمن حلاً انتقالياً، وربما دولة مؤقتة، على خير، دون أن يواجه المفاوض الفلسطيني برفض سياسي وشعبي عارم.

إنما هي أيام إذا، ويتأكد لنا أن العام 2014 قد يحمل مع بداياته، التوصل لاتفاق انتقالي، لا يختلف كثيرا عن اتفاق أوسلو قبل عشرين سنة، أي التجديد لاتفاق قديم، وربما أيضاً التجديد لنظام سياسي قديم، عجز عن الوصول بالفلسطينيين إلى آفاق الحرية رغم التضحيات الجسيمة، بكل آلياته ورموزه وأشكاله!

Rajab22@hotmail.com

 

المصدر: 
الأيام