موظفو غزة يشكون: متى الرواتب؟

بقلم: 

وكأنه قدر المواطن الفلسطيني في قطاع غزة أن يخرج من أزمة ليقع في أخرى.  الهدوء المشوب بالكثير من الحذر مع العدو الإسرائيلي الذي يجري أكبر مناورات عسكرية جوية في تاريخه في هذه الأيام، تقابله معارك يومية يخوضها سكان القطاع المحاصر لتأمين احتياجاتهم اليومية.
وبعد معركة تأمين الكهرباء، ومعركة تأمين الغاز، وجد الغزاويون وتحديداً الموظفين الحكوميين أنفسهم أمام معركة الحفاظ على الراتب المهدد في ظل أزمة مالية خانقة تعاني منها حكومة حركة حماس المسيطرة على القطاع.

على نور البطارية الخافت بفعل انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 18 ساعة يومياً، وضع جبريل عبد السلام إبريق الشاي على الموقد، قبل أن يقول  "لم يعد بمقدورنا الصمود أكثر من ذلك، فنحن لم نتلق راتب شهر تشرين الاول/ اكتوبر الى الآن، ونعيش ظروفاً في غاية البؤس، فلا كهرباء ولا وقود ولا رواتب".
ويخشى الموظف الحكومي أن تتكاثر الديون المتراكمة على كاهله بفعل تأخر صرف الرواتب لأكثر من عشرين يوماً.

أما فارس سلطان، فأصبح بلا راتب وبلا خيارات، إذ أوضح، أن مالك البقالية التي يستدين منها، عبر عن نفوره جراء تراكم الديون المترتبة عليه، مطالباً إياه بتسديدها بعدما وصلت إلى 1000 شيكل (285$). وأوضح سلطان أن "البقال اغلق باب الاستدانة في وجوه الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم عبر الحكومة في غزة، فيما لا يزال المجال قائماً امام الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم عبر السلطة الفلسطينية في رام الله".

وضع اضطر معه الموظفون إلى التحايل على أنفسهم علّهم يخفضون من النفقات "غير الضرورية". أحمد عميرة، وهو جندي في حكومة حماس، يضطر يومياً إلى قطع مسافة طويلة تزيد عن كيلومترين مشياً على الأقدام حتى يتمكن من ركوب سيارة الأجرة للانتقال الى عمله، وذلك في محاولة لدفع قيمة اجرة اقل. عميرة وهو من سكان مخيم النصيرات وسط مدينة غزة أوضح أنه ليس بمقدوره توفير مواصلات ذهاباً واياباً الى عمله بقيمة ستة شواكل يومياً (نحو دولارين)، في ضوء مضاعفة السائقين لقيمة الاجرة مستغلين أزمة شح الوقود، علماً أن قيمة راتبه الشهري تبلغ 300 دولار وهو أصلا لا يكفي لتأمين احتياجات أسرته.

وتعتمد الحكومة المقالة في قطاع غزة على آلية من 3 مراحل لتسليم الرواتب لموظفيها. في المرحلة الأولى يجري تسليم الرواتب لمن يحصلون على أقل من ألفي شيكل (570$)، والثانية لمن رواتبهم أقل ٣ ألاف شيكل (850$)، واخيراً يأتي دور من يتلقى أكثر من ٤ ألاف شيكل (1100$).

وتصاعدت وتيرة الأزمة المالية لدى حكومة "حماس" بعد اغلاق الجيش المصري للأنفاق الواقعة على الحدود بين قطاع غزة ومصر في يوليو تموز الماضي، والتي تمثل مورداً مالياً رئيسياً.

رغم هذا الوضع يرفض نائب رئيس الوزراء ووزير المالية، زياد الظاظا، أن توصف المشكلة الاقتصادية القائمة في القطاع على أنها أزمة مالية، قائلاً: "الحكومة ليست في ازمة وانما تمر في ضائقة مالية"، وأضاف "نحن لا نعمل على تأخير الرواتب ولكن ما نمرّ به يفرض ذاته على الواقع الذي نعيشه"، مشيراً إلى أن حكومته تبذل جهوداً كثيرة من أجل تجاوز الضائقة المالية وحتى الأزمة الكهربائية.

وكانت مصادر مطلعة أكدت أن الحكومة قدمت مقترحاً إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لتخفيف ازمة الكهرباء عبر توريد الأخيرة للسولار الصناعي المشغل لمحطة التوليد الوحيدة في غزة دون ضرائب إضافية لكونه حاجة انسانية، تجنبا لدفع ضرائب باهظة الى السلطة الفلسطينية في رام الله.

وأشارت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن اسمها إلى أن الأمر قيد الدراسة من جانب (الأونروا)، علماً أن الأخيرة نفت بشكل قاطع أن يكون قد قدم إليها مقترح بهذا الخصوص، في وقت تعاني فيه الوكالة أيضاً من عجز مالي كبير جعل حتى موظفيها يخشون على رواتبهم.

رانيا أبو زهر، وهي إحدى الموظفات في قطاع التعليم التابع لـ"الأونروا" عبرت عن قلقها من تلقي نصف راتب الشهر المقبل، مشيرةً إلى أن راتبها بالكاد يسعفها على إعالة أسرتها المكونة من ٩ أفراد، في ضوء ارتفاع الاسعار على نحو غير مسبوق في قطاع غزة جراء الحصار.

ورغم حرص الوكالة على وصف ما تردد حول نيتها عدم تسليم الرواتب لموظفيها في الوقت الحالي بالاشاعات، لم يخف المستشار الإعلامي للوكالة الدولية عدنان أبو حسنه، حقيقة أن هناك أزمة مالية لدى الأونروا، دفعتها الشهر الماضي إلى تقليص خدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين في غزة، طالت الفئات والحالات الاجتماعية الفقيرة التي كانت تتلقى مساعدات غذائية من قبلها ليبقى الأهالي يئنون من وطأة الحصار وتداعياته.
 

المصدر: 
المدن