قلق اسرائيل من اتفاق غربي مع ايران أم على ملفها النووي؟

بقلم: 

قد يبدو غريباً بالنسبة الى كثيرين في العالم العربي ادراك أبعاد الحملة الديبلوماسية والسياسية والاعلامية التي قام بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الاسبوعين الماضيين استباقاً لاجتماع مجموعة الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران في جنيف الذي يبدأ اليوم محذراً من اتفاق تتهاون فيه الولايات المتحدة تحديدا مع ايران فيما تفتح لها ابواب العلاقات الثنائية وتخفيف او ازالة العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران. ومصدر الاستغراب يعود الى الانطباعات الراسخة من ان الولايات المتحدة لا ولن تقدم على اي عمل قد لا يساهم في تعزيز مصالح اسرائيل في المنطقة. كما ان هذه الاخيرة يمكن ان تعتمد دوما على الكونغرس الاميركي من اجل الضغط على الادارة الاميركية او وضع العصي في مشاريعها وخططها ما لم تكن هذه الخطط منسجمة والمصلحة الاسرائيلية.في حين ان زيارة نتنياهو الى واشنطن قبيل توجهه الى نيويورك لالقاء كلمته امام الجمعية العمومية للامم المتحدة ثم قيامه بحملة اتصالات مع حلفاء واشنطن الاوروبيين كفرنسا وبريطانيا والمانيا تظهر ذعراً اسرائيلياً من اتفاق مع ايران حول ملفها النووي لا ينهي طموح ايران او قدراتها لامتلاك قنبلة نووية في ضوء الترحيب غير المسبوق بالرئيس الايراني حسن روحاني والترويج لانفتاح قريب معه. ولا يعني ذلك ان الولايات المتحدة لا تراعي المصالح الاسرائيلية في سعيها نحو اتفاق مع ايران بل يعني ان لاميركا اولويات وللرئيس الاميركي اولويات تتقدم على الاولويات الاسرائيلية من دون اهمال هذه الاخيرة كليا. اما المخاوف الاسرائيلية فهي تعكس شكوكا كبيرة في قدرة الادارة الاميركية على انتزاع اتفاق يلبي كل المتطلبات الاسرائيلية او يأتي على حساب بعض هذه المتطلبات. اذ ان الرئيس الاميركي الذي تضاءلت فرصه خلال ما تبقى من ولايته الثانية من اجل تحقيق انجازات داخلية بعد اقفال الحكومة الاميركية والمعارضة الشديدة لبرنامجه الصحي باعتبار ان الازمة التي تمر بها الولايات المتحدة راهناً كبيرة وتنهي عملياً الهامش المتاح امام أوباما للنفاذ باي انجاز ومن بينها برنامجه الصحي ولا بد من ان يسعى الى تحقيق انجازات خارجية. في حين ان الانجاز الاقرب الذي يمكن تحقيقه هو على الملف النووي الايراني وربما لاحقا ازمة سوريا لكن دون احتمال احداث اختراق يذكر في ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. والحاجة الى هذا الانجاز الذي سيكون تاريخيا بامتياز كونه قد يعيد فتح ابواب العلاقات الثنائية بين الغرب وايران ربما تدفع في اتجاه تساهل في المفاوضات في الوقت الذي لم يعرف عن الرئيس باراك اوباما تشدده او قدرته على ادارة مفاوضات صعبة على غرار الملف الايراني.

وتسود انطباعات والبعض يقول ان هناك معطيات تفيد بأن هذه المخاوف تساور ايضاً غير الاسرائيليين من الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة من اتفاق يتجاهل مصالح دول الخليج ولا يعالج سوى جزء من مشكلة ايران وليس كلها او اتفاق قد يأتي حتى على حسابها ويمكن ان يزيد نفوذ ايران في المنطقة من خلال التسليم او الاعتراف بدور اقليمي واسع، لكن من المستحيل مقاربة هذه الدول لموضوع تفاوض مجموعة الدول الخمس زائد المانيا مع ايران من الزاوية نفسها جنباً الى جنب مع اسرائيل للاعتبارات العدائية المعروفة من جهة ولكون اسرائيل نفسها دولة نووية تسعى الى ان تظل وحدها تتمتع بهذه القدرة دون سواها وهو أمر لا يمكن دول المنطقة التسليم به ايضا. وثمة من يقول ان نتنياهو يعزف على وتر مخاوف تساور الدول الاوروبية كذلك في ضوء الاحباط الاوروبي من طريقة تعامل الاميركيين في موضوع الاسلحة الكيميائية السورية وترك القيادة في هذا الملف الى روسيا من دون اي دور لحلفائهم بما يترك علامات استفهام قلقة حول التعاطي الاميركي في موضوع الملف النووي.

صراخ نتنياهو وعدم استبعاده الاحتمال او بالاحرى تحذيره من ان اسرائيل يمكن ان تذهب الى حرب ضد ايران وحدها بما يعني استمرارها في ابقاء هذا الخيار على الطاولة قد يمكن ترجمته في ان اسرائيل لا تمانع في توريط الولايات المتحدة في اي حرب في هذا الاطار يهدف جنبا الى جنب مع اتصالات نتنياهو بالدول الغربية الى تشكيل لوبي دولي ضاغط على الادارة الاميركية قبيل موعد الاجتماع المقرر اليوم في جنيف من اجل التشدد في المفاوضات وعدم التساهل في فرض الشروط على ايران. او ان ذلك يعني انها تستمر وحدها او بغضّ نظر من واشنطن باستمرار رفع هذا التحذير من اجل ابقاء خيار القوة العسكرية ضاغطاً على غرار ما ترغب اسرائيل باستخدامه لفائدته في الحصول على اتفاق حول الاسلحة الكيميائية السورية في الوقت الذي بات واضحاً للجميع ان الولايات المتحدة لا ترغب ولا تستطيع التلويح بالخيار العسكري نظرا الى السيناريو الذي نفذ بشأن الضربة التي كانت مقررة ضد النظام السوري.

وفي الوقت الذي قد يكون مثيرا لجهات عدة ان ترى ايران قد سجلت مكاسب عبر التفاوض مع الدول الغربية في حال خرجت قريباً باتفاق بات متوقعا في ضوء الاختناق الاقتصادي الذي تعيشه ايران وسعيها الى ازالة العقوبات الاقتصادية عليها في اسرع وقت ممكن، فيما ستمنى اسرائيل بهزيمة معنوية تبعاً للحملات التي قام بها رئيس الوزراء الاسرائيلي حتى الان، فان الاسئلة الملحة تتصل بما اذا كان يجب القلق من اتفاق غربي مع ايران حول ملفها النووي او العكس.

rosana.boumonsef@annahar.com.lb

 

 

المصدر: 
النهار