حرب جميع الجبهات

بقلم: 

التصريحات التي أطلقها مؤخراً قائد جيش الاحتلال “الإسرائيلي” بيني غانتس، حول تصوره لسيناريوهات حرب مستقبلية على جميع الجبهات، ضد الكيان المحتل، وربطه تلك “الحرب الشاملة” بوجود تعاون مشترك بين ما سماها “تنظيمات معادية”، يكشف في الواقع الجانب الدعائي المفضوح في السياسة “الإسرائيلية” القائمة على الكذب والخداع والتزوير .

فالحرب التي تحدث عنها غانتس موحياً بأنها باتت على الأبواب، ومشيراً إلى أن جبهاتها المتعددة، سواء السورية أو المصرية أو الفلسطينية، غير موجودة فعلاً إلا في الخيال، والدعاية “الإسرائيلية” التي اعتدنا عليها في كل مناسبة يكون فيها الاحتلال مقبلاً على عدوان جديد، أو جريمة أخرى من جرائمه بحق الإنسانية .

تصريحات مجرم الحرب هذا لا تتعدى كونها تحضيراً للساحة “الإسرائيلية” لمزيد من التصعيد الذي سينتهجه الكيان على أكثر من صعيد، خصوصاً السياسة التهويدية الشرسة التي يتبناها إزاء القدس المحتلة، والحقوق الفلسطينية فيها، سواء كانت وطنية أو دينية أو إنسانية، إلى جانب استمرار العدوان على الضفة الغربية المحتلة، والحصار على قطاع غزة، ومخططات الضم والتوسع التي تستهدف فلسطين التاريخية من أقصاها إلى أدناها .

الحروب والجرائم التي شهدتها العقود القليلة الماضية تثبت بما لا يدع مجالاً لتمرير هذا الكذب “الإسرائيلي”، أن الكيان المحتل كان على الدوام البادئ بالعدوان والمستفز لأي انتفاضة شعبية أو احتجاجات جماهيرية، والمبادر إلى تطبيق مخططات السلب والاستيطان، لا العكس، والأدلة أكثر من أن تذكر، لكن إصرار الكيان حالياً على تهويد القدس المحتلة، ودعمه اللا متناهي لغلاة المتطرفين، وسماحه لهم بتدنيس مقدساتها يومياً تحت حراسة جنوده، واستهدافه المرابطين في الحرم، كل ذلك يؤكد أنه يسعى لتصعيد كبير يمارس من خلاله ما يبرع فيه من قتل وسلب واقتلاع وتزوير .

إذا تحدثت “إسرائيل” عن حرب على مختلف الجبهات، فإن ما علينا انتظاره عدوان جديد وشامل تشنه تحت أكثر من عنوان وذريعة، وإذا أطلق مثل هذه التصريحات قائد جيش الاحتلال نفسه، فإن المعلومة الصحيحة ستكون أنه يطلق النفير في صفوف جنود الاحتلال وما تسمى “الجبهة الداخلية”، لإعدادهم نفسياً لحرب جديدة، ولذلك لا يمكن قراءة تصريحاته إلا من زاوية أن الكيان يريد الحرب ويسعى إلى إشعالها، على جبهات مختلفة، ليتسنى له الوقت والمجال لمواصلة سياساته على الأرض الفلسطينية، تحت غطاء التصعيد .

الكيان سيكون البادئ في أي عدوان أو حرب، سواء كان الأمر شاملاً، أو مقتصراً على جبهة بعينها، وهو لن يتورع عن الإيغال في دم الفلسطينيين وإخوانهم العرب في أي لحظة يرى فيها فرصة حقيقية لاستغلال حالة انعدام الاستقرار التي تمر بها المنطقة ككل، لجني مكاسب مرحلية، وتثبيت وقائع على الأرض، ولن يفوت فرصة انشغال العالم بالكثير من الملفات الساخنة والصراعات العابرة للحدود، وسيوظف هذا الظرف التاريخي لمصلحة مشاريعه، سواء تعلق الأمر بحملة التهويد وسرقة التاريخ واقتلاع الفلسطيني في القدس المحتلة، أو مواصلة جرائم القتل والتوسع والحصار والاختطاف .

المصدر: 
الخليج