مبعدو كنيسة المهد: الكل تخلى عنّا!

بقلم: 

لا يمل مبعدو كنيسة المهد من تذكير المسؤولين الفلسطينيين، وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والجهات ذات العلاقة بمعاناتهم المستمرة منذ أكثر من 11 عاماً. آخر ما تلقوه من وعود كان في العام 2005، حين تعهّد لهم عباس، خلال لقاء جمعهم به في مقر مجلس الوزراء في غزة، بإنهاء ملف إبعادهم، الذي ما زال عالقاً برغم مرور السنوات.
بدأت المعاناة في الثاني من نيسان العام 2002، حين اقتحمت قوات الاحتلال مدينة بيت لحم، ضمن ما سمي بعملية «السور الواقي».
يومها لجأ 250 من المقاومين وأفراد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية وآخرين، من بينهم أطفال، إلى كنيسة المهد ظنا منهم أن الإسرائيليين لن يستهدفوها. لكن الجنود الاسرائيليين فتحوا نيران رشاشاتهم على الكنيسة المقدسة فقتلوا ثمانية ومنعوا نقل الجرحى الثلاثين إلى المستشفيات إلا بعد تردّي حالتهم.
وطوال 39 يوماً، فرض جنود الاحتلال حصاراً محكماً على كنيسة المهد، حيث قطعت المياه والكهرباء، ومنع إدخال الطعام، فيما وقف المجتمع الدولي عاجزاً عن الضغط على تل أبيب لفك الحصار، إلى ان جرت تفاهمات بين السلطة الفلسطينية وقيادة الاحتلال على ابعاد 26 شخصاً من محاصري المهد إلى غزة، و13شخصاً إلى أوروبا، على أن يعودوا إلى ديارهم بعد سنتين.
بعد 11 عاماً، يبدو ان مبعدي كنيسة المهد قد فقدوا الأمل فعلياً من إيجاد أي حل جذري لقضيتهم، خصوصاً بعدما نُقل عن محمود عباس قوله خلال إحدى جلسات المجلس الثوري لحركة فتح إن «المبعدين قد لا يعودوا»، وأنّ «أحداً لا يعرف حتى الآن كيف عقدت صفقة كنيسة المهد، ومع من عقدت وأين أوراقها»!

المعاناة تتفاقم

يعبّر المتحدث باسم «مبعدي كنيسة المهد» فهمي كنعان، عن استغرابه الشديد من تصريحات عباس، فضلاً عن إهمال السلطة الفلسطينية لقضيتهم، لدرجة الادعاء بأنه ليست لديها معرفة فيها.
ويؤكد كنعان تلقي المبعدين تطمينات من عباس شخصياً في العام 2005، وكان حينها رئيساً لمجلس الوزراء، وقد قال يومها إن «الصفقة خطأ كبير ارتكبته السلطة، ونحن ملزمون بإعادتكم». 
ومما قاله يومها عباس، بحسب ما ينقل عنه كنعان، «لقد اتفقت مع (رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود) أولمرت على عودتكم، والمسألة مجرد أيام». 
يستغرب كنعان ما نقل عن عباس موخراً، قائلاً: «الآن يقول إنه لا يعرف عن قضيتنا أي شيء. نحن وعائلاتنا صدمنا مما قاله الرئيس... لقد وعدنا كثيراً بإنهاء قضيتنا في المفاوضات التي بدأت مؤخراً، ولكن يبدو أن أحداً لا يهتم بنا».
ويوضح كنعان أن الرئيس وجّه إلى المبعدين دعوة في مجلس الوزراء في غزة في العام 2005، وجلس معهم، وطمأنهم بأن قضيتهم ستحل، وأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، مشيراً إلى أن عدداً من القيادات الفلسطينية حضر اللقاء، ومن بينهم صائب عريقات ونبيل شعث وغيرهم.
ويضيف كنعان «معاناتنا تزداد كل يوم، خاصة أن أهالينا ممنوعون من زيارتنا، كما منعت زوجاتنا من زيارة عائلاتهن في الضفة الغربية المحتلة عبر معبر بيت حانون، ونحن دائماً نطالب المسؤولين والشؤون المدنية وغيرهم، ولكن من دون جدوى».

العودة بعيدة

لكل مبعد من هؤلاء قصة، إذ يقول إياد عدوي إنهم يعيشون ظروفاً نفسية صعبة، وليس فقط اقتصادية، حتى أن بعضهم بات يتعايش اليوم مع الأزمة.
ويحمّل إياد السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن عدم إنهاء ملفهم، خصوصاً أنها هي التي رعت الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي وتعرف كل تفاصيله وما جرى في المفاوضات
ويضيف «لقد تلقينا وعوداً كثيرة من أكثر من جهة، ولم يتحقق منها أي شيء، ويكفي ما تركته من أثر نفسي سلبي جداً».
وباختصار يقول عدوي «حياتنا المعيشية صعبة، ويكفي أننا بعيدون عن أهلنا، فهذه مشكلة ومعاناة كبيرة ومضاعفة».

جريمة كبرى

لم يختلف حال جواد عبيات من مدينة بيت لحم عن عدوي وغيره ممن هم خارج فلسطين. وهو يصف الإبعاد بـ«الجريمة الكبرى»، ويؤكد «نحن مهمَلون من قبل السلطة الفلسطينية، وهي مقصّرة في حقنا».
ويضيف «فوجئنا بما قاله عباس، فمن غير المعقول أن يطل علينا بعد 12 عاماً من الإبعاد ويتحدث على اعتبار أنّ ليس لديه علم بتفاصيل الصفقة».
ويطالب المبعدون عباس بالعمل على تشكيل لجنة تحقيق في صفقة إبعادهم، خصوصاً أن الذي أبرم الصفقة معروف، وهو محمد رشيد، المستشار السابق للرئيس الراحل ياسر عرفات. فإن كان عباس يجهل فحوى الصفقة، فليسأل رشيد.

 

المصدر: 
السفير