العرب وفخ التحالف مع إسرائيل

بقلم: 

تعتبر اسرائيل ان معركتها مع ايران ترقى الى المستوى الوجودي. أي من النوع الذي لا يحتمل تسويات. وهذا ما قاله بنيامين نتنياهو من منبر الامم المتحدة وما ابلغه قبل ذلك الى باراك اوباما وما يكرره يومياً. وبالنسبة اليه لا يمكن ان تقبل اسرائيل بأي نوع من انواع التخصيب في ايران. وحتى اذا توقفت طهران عن التخصيب تماماً وقبلت بتفكيك برنامجها النووي كاملاً، فالمسألة الاسرائيلية لن تقف عند هذا الحد، إذ ان اسرائيل ستبقى قلقة من العلماء الايرانيين الذين يمتلكون المعرفة النووية كاملة وبات لهم باع طويل في هذا المجال.

وفي سياق العداء الاسرائيلي لايران، يعرض نتيناهو التحالف على العرب كي يقفوا في وجه ايران. لكن هل نزاع العرب مع ايران يرقى الى مستوى الصراع الوجودي الذي تخوضه اسرائيل؟ في التاريخ لا شيء يدل على ان الصراع بين العرب وايران كان في يوم من الايام صراعاً وجودياً. كانت ثمة خلافات ونزاعات بعضها موروث من ايام الشاه وبعضها نجم عن صعود ايران بشكل لافت بعد حربي افغانستان والعراق. لكن الصراع على سوريا منذ نحو ثلاثة اعوام زاد تدهور العلاقات العربية - الايرانية وتحولت الارض السورية حرباً بالوكالة اقليمياً ودولياً.
وبعدما مالت اميركا الى التصالح مع ايران، اقتحم نتنياهو الساحة باعتباره العدو الوحيد الحقيقي لايران التي في نظره "تخادع" العالم والذي يرى في حسن روحاني "ذئباً في ثياب حمل"، وليعرض على العرب الشركة من اجل مواجهة ايران. ولكن من المشكوك فيه ان يستجيب العرب لدعوة نتنياهو. واذا كانت ايران في نظر بعض الدول العربية تريد الهيمنة على المنطقة، فإن اسرائيل فعلت ذلك منذ اكثر من 65 عاماً وهي لا تزال تؤكد يومياً احتلالها واذلالها للفلسطينيين وتحرمهم ابسط حقوقهم السياسية وتطلعاتهم الوطنية. وحتى الدول العربية التي اقامت سلاماً مع اسرائيل، لم تجن ثمار هذا السلام بسبب الاطماع الاسرائيلية التي لا حدود لها.
ومهما تعاظم النزاع بين ايران ودول عربية، فإنه لن يبلغ تلك المرحلة التي بلغها النزاع العربي - الاسرائيلي، لذلك من البديهي ان يبقى التناقض مع اسرائيل هو الاقوى. فالمشاكل مع ايران هي من النوع القابل للحلول الوسط والخاضع لتسويات ومساومات. أما المشكلة مع اسرائيل فقد اثبتت التجارب انها مستعصية على أي حل او تسوية. وتكفي نظرة واحدة الى احوال الفلسطينيين لقطع الشك باليقين، فأي شركة يعرضها نتنياهو على العرب هي بمثابة فخ لنيل اعتراف لم تنله اسرائيل حتى الان، على رغم كل حروبها وتفوقها العسكري والاقتصادي على من حولها. لذلك ستبقى يد نتنياهو ممدوة في الهواء.