حياتنا - جحشنة

بقلم: 

كان المشهد سورياليا نسبة الى المدرسة السوريالية لسلفادور دالي, ولا علاقة لها بسوريا وإن كادت طوشة الجحشنة ستتطور الى ما يشبه الصراع السوري لولا ان الله لطف بنا. فالشارع المؤدي الى البوابة الجنوبية لمجمع فلسطين الطبي كان ذا اتجاه واحد أي للخروج ولم يكن يشهد ازدحاماً عند مخرجه، ولكن تم تحويله الى اتجاهين، واصطفت السيارات على جانبيه ما خلق أزمة مرور.

وقبل أيام التقت سيارتان تقودهما سيدتان فأغلقتا الشارع أمام دار الشروق، فطلبت احداهما من الأخرى أن تعود للوراء حتى تفتح الشارع، فردت الأخرى: "أنا جحشة في السواقة.. عودي أنت الى الوراء" فقالت الثانية: "لا أنا جحشة أكثر منك ولا أعرف العودة الى الوراء" فقالت: الأولى: "لا أنا أجحش منك فعودي الى الوراء رجاء.."، وهكذا استمرت المبارزة اللفظية حول أيهما جحشة أكثر من الأخرى ولسان حالهما يقول:

ألا لا يجحشن احد علينا 
فنجحش فوق جحش الجاحشينا 

وتدخل رجل يقود سيارته خلف احدى الجحشتين وطلب من سائق آخر يقف خلف الجحشة الأخرى طالباً منه أن يعود للوراء، حيث تكدست السيارات خلف الجحشتين، فرد الآخر انه لن يعود، بل على من طلب منه العودة أن يعود الى الخلف لافساح الطريق، فغضب الأول وقال صارخاً: "أنت لا تعرفني، أنا فلان من القرية الفلانية ولا يوجد من هو أكثر مني عناداً، فرد الآخر: "أنا فلان ومتزوج من اثنتين وأكثر عناداً". ولم أفهم سر اقحامه زواجه من اثنتين في الأمر، ربما كان يقصد ان لديه جحشتين وهو أكثر جحشنة من الآخر، وبعد عناد وتدخل من هم ليسوا على علاقة بالجحاش والجحشانية تم حل الاشكالية الجحشية, وحتى الآن أحاول تفسير هذه الجحشنة نفسياً واجتماعياً، فلم أجد لها تفسيراً سوى اننا تحولنا الى شعب عصبي المزاج لكثرة تناولنا لحم الدجاج وتعامل العالم معنا كأننا قطيع من النعاج بلا حقوق سياسية كغيره.

عموماً أذكر أن هناك في القاهرة مطعماً للفول يسمى مطعم الجحش رسم صاحبه على واجهته صورة جحش صغير، ويتناول الزبائن الفول حول السيارات المتوقفة أمامه بعد أن يختار ورق الصحيفة التي يفضل وضع الخبز والفول عليها فوق مقدمة أو مؤخرة سيارة، ويمكننا أن ننادي على صاحب المطعم "يا جحش أحضر لنا الفول" لكنه يغضب ويطرد أي زبون يناديه بلقب يا حمار. يبدو ام جحش اوجحشة مقبولة اكثر من الحمار.

المصدر: 
الحياة الجديدة