مخيمي قلنديا وعسكر وسلطة فتح

بقلم: 

يمتلك الاحتلال (الإسرائيلي) نفسية سادية تستشرس بالقتل والتنكيل عند رضوخ الضحية واستسلامها، وهذا ما يحدث في الضفة الغربية ففي ظل غياب المقاومة وتقديم السلطة مزيدا من التنازلات والتراجعات امام التغول (الإسرائيلي)، ومع رفع وتيرة التنسيق الأمني، والدخول بجولات مفاوضات شكلية، نجد ان رد الاحتلال بتكثيف حملات الاعتقال والاغتيال وإذلال المواطنين على الحواجز.

من المفترض أن تكون النتيجة الطبيعية بعد استئناف التفاوض العلني وازدياد قوة التنسيق الأمني، هو وقف العدوان وأن تشهد الضفة الغربية تسهيلات على المواطنين، وتتوقف عمليات القتل والملاحقة والعربدة (الإسرائيلية)، إلا أن العكس تماما هو ما يحدث، فكلما سار قطار التفاوض يبرز المحتل وكأنه انتصر في معركة الاذلال والإذعان، فيقوم بزيادة جرعة العدوان.

فما حدث في مخيم قلنديا من استشهاد ثلاثة مواطنين فلسطينيين بدم بارد هو دليل واضح على الاستخفاف المفرط بسلطة فتح وبالرئيس محمود عباس نفسه، واستهتارا بينا بالمفاوض الفلسطيني المغيب، واستفزازا لأي قيمة وطنية قد يتحلى بها احد القيادات الامنية والسياسية في المقاطعة.

رد سلطة فتح جاء في سياق وكأن شيئا لم يحدث، فالرئيس عباس لم يُكلف خاطره بزيارة بيوت الشهداء والتحدث لأهاليهم وإظهار غضبه وحزنه أو الاشارة لهذا الدم الفلسطيني، فضائية فلسطين أبقت على برامجها الراقصة والغنائية كالمعتاد وتعاملت مع الجريمة وكأنها حدثت في جزر الموز، حتى التسريبات الخجولة عن توقف بعض جلسات التفاوض في اليوم نفسه ثبت كذبها فعقدت هذه الجلسات في لحظة تشييع الجثامين، ليتأكد لنا عن وجود بلادة وعدم مسؤولية وصلت حدا موجعا، ففي الوقت الذي شيع أهالي قلنديا شهداءهم الثلاثة كان اللقاء (الإسرائيلي) الفتحاوي على أشده، ويمكن ان نتصور ان عريقات وليفني كعادتهما تبادلا الابتسامات وبعض النكات.

في جنازة شهداء قلندية برز مقنعون ينتمون للأجهزة الامنية التي من المفترض أن مهمتها حماية الشعب الفلسطيني، واخذوا يطلقون من بنادق وأسلحة آلية الرصاص في الهواء بمشهد يلخص بؤس الحالة الفلسطينية في الضفة الغربية، ويطرح سؤالا عفويا: اين كان هذا السلاح وما هو دوره حماية المواطن ام المحتل؟

لتتم الإجابة بعد يوم واحد فقط في مخيم عسكر قرب نابلس فيقتل سلاح الاجهزة الامنية شابا ويصيب ثلاثة آخرين، بعد ان ذهبت قوة من الأمن الوقائي لملاحقة مجموعة فتحاوية ترفض المفاوضات وتدين عبثيتها.

أحداث مخيم عسكر الذي خرج فيها الناس من كل حدب وصوب وهاجموا قوة الامن الوقائي المعربدة، ورجموها بالحجارة كما تُرجم قوات الاحتلال، ولاحقوها كما تلاحق وتخرج قوات الاحتلال دليل على وجود سخط شديد ينتشر بين أهالي الضفة الغربية على سلطة فتح وأدائها ومفاوضاتها وفسادها وتنسيقها الأمني، هذا السُخط لا ينحصر بين أبناء جهة معينة او تيار محدد، بل هو سخط عام تجده بين الفتحاوي قبل الحمساوي، والغني قبل الفقير.

السلطة بطريقها للأفول ان استمرت تتبع خطوات (إسرائيل) وأمريكا، وتركن لقوتهم ودعمهم واقتصادهم على حساب القضايا الوطنية الجامعة، وكم تحتاج حركة فتح لمراجعات جوهرية جدية تعيدها لصف المقاومة والخيار الوطني لتنقذها قبل فوات الاوان؟.

المصدر: 
الرسالة