هل يسهم السلام الإسرائيلي الفلسطيني باستقرار الأوضاع في الشرق الأوسط؟
هل تعني عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين شيئا لأحد غير الأطراف المعنية بالأمر؟
وهل تمثل هذه المشكلة الرئيسية في الشرق الأوسط، إن جرت تسويتها، حلا في إحداث تغير مناخ واسع النطاق في المنطقة، كما ينظر إليها توني بلير، مبعوث المجموعة الرباعية الدولية لوسطاء السلام في الشرق الأوسط، والحكومة البريطانية أيضا؟
أم أن السلام الإسرائيلي ـ الفلسطيني أصبح قضية منفصلة، مع الأخذ في الاعتبار تلك الاضطرابات التي تعصف بمصر وسوريا والعراق ودول أخرى، وانعدام أي مؤشر يشير إلى انتهاء التوترات الإقليمية وتعقد الأوضاع؟
ومع اقتراب بدء استئناف المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة هذا الأسبوع، يسود شعور غامر في الأوساط الدبلوماسية إن كل شيء فيها معروف مسبقا.
وثمة تنازلات معتادة من أجل إبرام المحادثات، أمثال إفراج إسرائيل عن سجناء فلسطينيين، والتفاهم غير واضح المعالم لتجميد بناء المستوطنات أو الحد منها في إسرائيل، والإعلانات العامة عن طرح أعمال بناء جديدة، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الإسرائيلية المحافظة إلى استرضاء المعارضين المحليين لمحادثات السلام.
وبالنظر إلى الانقسامات السياسية المتشددة في إسرائيل والانقسام بين حماس في قطاع غزة والضفة الغربية التي تهيمن عليها حركة فتح، ناهيك عن الجماعات الإسلامية المغالية في التشدد المعادية للطرفين، تبدو جهود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الرامية لاستئناف عملية السلام ساذجة ومحكوم عليها بالفشل من وجهة نظر المراقب للأحداث.
غلق النوافذ
لكن ثمة اتجاهين رئيسيين يعملان على دعم جهود كيري الأمر الذي يجعل الكثير من المحللين يعقدون أهمية كبيرة على استئناف محاثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية الآن أكثر من أي وقت آخر.
وأحد هذين الإتجاهين هو تنامي الاعتقاد لدى أطراف عديدة، كما تسمعه صراحة من وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، بأن فرصة حل "الدولتين"، أي اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل، تتضاءل.
يذكر أن هيغ صرح في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي بأن "نافذة حل الدولتين تغلق".
ووفقا لوجهة النظر هذه تصبح مخاطر الاحتلال دائمة، وهو ما يثير تساؤلات عميقة بشأن طبيعة الديمقراطية الإسرائيلية والطريقة التي ينظر بها إلى هذا البلد في الخارج ، بشكل خاص في الغرب.
والاتجاه الأخر هو الفوضى والغموض الذي يكتنف ما يطلق عليه "الربيع العربي".
لقد تراجعت الثورات الشعبية في دول الربيع العربي لتصب في بوتقة سيطرة الجيش وشبه فوضى وحرب أهلية شاملة و تجدد العنف الطائفي المرير.
ووضعت الأزمة القائمة في سوريا برسم السؤال قضية الحدود المختلفة لبعض الدول التي تأسست مع مغادرة القوى الاستعمارية المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية. وبات من الواضح أن هذه الصيرورات عميقة وتتكشف في فترة زمنية كبيرة.
لا يعد السلام الإسرائيلي الفلسطيني بحل أي من هذه المشكلات. ولن يفلح. بل ولن يسهم في تسويتها.
غير أن الدبلوماسيين الغربيين يعتقدون أن تسوية أحد أكثر النزاعات الدولية تعقيدا قد يخفف من حدة الغليان الدبلوماسي الذي يؤجج المشاعر والتوترات في ما بعد منطقة الشرق الأوسط ويسهم في تفاقم الوضع السئ بالمنطقة.
*مراسل بي بي سي للشؤون الدبلوماسية