من اراد القصف فليصنع سلاما

بقلم: 

سيبدو هذا لكثيرين داحضا، لكن يمكن ان نقول بحذر انه لأول مرة منذ عقدين يوجد احتمال جيد لتسوية بين اسرائيل والفلسطينيين. وليس ذلك بسبب رغبة الزعيمين الاسرائيلي والفلسطيني، بل بسبب ضعفهما مع تصميم لم يسبق له مثيل من الادارة الامريكية والبرنامج الزمني للبرنامج الذري الايراني.

يحرص رئيس الوزراء منذ كانت جولة المحادثات التي بدأت في واشنطن على أن يشيع حوله استخفافا مطلقا باحتمالات نجاح العملية، ويشيع الفلسطينيون التشاؤم ايضا. كلا، لن يتغير نتنياهو، ولم يبدأ بخلاف عدد من التوقعات الحديث ايضا مع وزير التاريخ، تمهيدا لما يبدو انه ولايته الاخيرة. لكن بنيامين نتنياهو ـ’من دون شروط مسبقة’ ـ خضع للضغط الامريكي ودخل التفاوض مع قبول شرط مسبق وهو الافراج عن 104 سجناء، فيهم اسوأ القتلة ايضا من دون الوعد بأي مقابل. وكانت تلك نتيجة مباشرة لوزير خارجية امريكي مصمم على عدم الدخول الى القائمة المجيدة لأسلافه الذين فشلوا في جهود المصالحة بين الاسرائيليين والفلسطينيين، ومن ورائه رئيس امريكي في ولاية أخيرة لا يقل عنه تصميما.

تقول الرسالة الامريكية الى نتنياهو، وإن لم تُصغ على هذا النحو بصورة مباشرة: انه في وقت ما في صيف 2014 ستبدأ ايران باستعمال مفاعل الماء الثقيل في أراك، وهو مفاعل ذري يستطيع أن يمدها بالبلوتونيوم لقنبلة ذرية. ولن يمكن منذ لحظة استعمال المفاعل الذري ان يهاجَم من دون التعرض لخطر كارثة بيئية مثل تشرنوبل. فاذا كنتم أيها الاسرائيليون تريدون دعم هجوم على ايران في صيف 2014 فيجب عليكم ان تُزيلوا الموضوع الفلسطيني عن الطاولة، أو ان تبقوا وحدكم في مواجهة ايران.

لم يعد يوجد فجأة وقت لانتظار موت اللص ولا الكلب ايضا. فقد بقي للص ثلاث سنوات ولاية، وأصبح الكلب قريبا جدا من احراز قدرة ذرية لا يستطيع أحد سلبه إياها. إن استعمال المفاعل في أراك الذي سيؤخر في شبه يقين عدة اشهر عن الموعد المخطط له في آذار/مارس 2014، سيُقر وضعا لا رجعة عنه يكون فيه لايران قدرة ذرية.

إن نتنياهو الذي يرى إزالة التهديد الذري الايراني مهمة حياته التاريخية، يقترب سريعا من خط نهايته. وعند مدخل خط النهاية يقف وزير خارجية ورئيس امريكيان هما أقرب للرواية الفلسطينية من قربهما من الموقف الاسرائيلي. لكن كيري واوباما لن يحجما عن التلويح بعصا المساعدة أمام محمود عباس ايضا الذي يجد نفسه معزولا في العالم العربي أكثر مما كان في اي وقت مضى.

ليس من المؤكد ان يكون عباس مهيأ حتى ذلك الحين للتوقيع على انهاء الصراع. ومن المؤكد ان نتنياهو لن يكون مهيأ لتنازلات مطلوبة لاحراز هذا التوقيع. لكن الخيار الذي سيكون أمام نتنياهو قاسيا: فاما التخلي عن اراض من اراضي اسرائيل الغالية، وإما البقاء وحده في مواجهة ما يراه تهديد فناء. إن المفاعل في أراك مثل مصانع تخصيب اليورانيوم في نتناز وقُم تشبه في نظره غرف اوشفيتس. وقد عرض على أكثر من شخص السؤال التالي: ‘هل تتخيل أن نرى غرف أوشفيتس تُبنى وننتظر الى أن يُدخلوا الناس فيها كي نهاجم؟’. وسيوقفه الامريكيون أمام لحظة الحقيقة، فلا كلام بعد الآن فاما الهجوم وإما الكف.

ولن تساعده هنا القيادة العسكرية العليا، وسيصعب عليه أن يحثهم على عملية من طرف واحد موجهة على ايران بلا دعم امريكي وبلا شرعية دولية لدولة ستُرى رافضة للسلام. وقد تبدو هذه صفقة القرن لاسرائيليين كثيرين، أعني تسوية مع الفلسطينيين وإزالة التهديد الايراني في رزمة واحدة. وستكون صعبة على نتنياهو كاختيار صوفي صعبة الى غير ممكنة. وسيتلوى ويتمرد ويحاول ان يعض ايضا، لكن الضاحك عند ننتياهو هو من يضحك أخيراً.

المصدر: 
هآرتس