«هاجل» والعلاقة بإسرائيل

بقلم: 

قبل أسابيع من أداء وزير الدفاع، تشاك هاجل، اليمين الدستوري لتولي منصبه رسمياً، تلقى ما يشبه الواجب المدرسي من سلفه، ليون بانيتا. فعلى مائدة عشاء خاص أطلع بانيتا خلفه على ما كان حتى تلك اللحظة من الأسرار العسكرية مفاده أن الولايات المتحدة على وشك إتمام صفقة أسلحة بقيمة عشرة مليارات دولار مع بلدان شرق أوسطية، وهي الصفقة التي يرى الخبراء أنها قد تغير قواعد اللعبة الاستراتيجية في المنطقة. ومع أن الاتفاق كان في مراحله الأخيرة، كانت مهمة هاجل هي إتمامه وإنهاء الصفقة. والحقيقة أن مهمة هاجل لم تقتصر فقط على إتمام صفقة السلاح، بل أيضاً إعادة «العلاقة الخاصة» بين أميركا وإسرائيل، والتي اعتراها بعض التوتر في المرحلة الأخيرة، إلى مسارها الطبيعي. وبعد تلقيه المهمة مضى هاجل قدماً في التنفيذ، ووسط الأزمات التي تتخبط فيها بعض الدول، مثل كوريا الشمالية وسوريا ومصر، واستياء كبار ضباط البنتاجون لتراجع حصته من الموازنة، ركّز وزير الدفاع على الجائزة الكبرى والمتمثلة في توظيف صفقة الأسلحة الكبيرة لتعزيز العلاقة مع إسرائيل، وهو ما أطلق مجموعة من التحركات التي تندرج في إطار «المرة الأولى»، فكانت الزيارة الخارجية الأولى التي قام بها وزير الدفاع بعد أفغانستان إلى إسرائيل، كما أن المكالمة الأولى التي أجراها بعد تنصيبه رسمياً كانت إلى نظيره الإسرائيلي وقتها (إيهود باراك)، ثم هاتف خلف باراك (موشي يعلون) خلال اليوم الأول لتوليه المنصب... كل ذلك دفع بصفقة الأسلحة المهمة إلى خط النهاية، وهي تشمل صواريخ متطورة وأنظمة رادارات وطائرات لشحن الوقود من الجيل الأخير قادرة على تزويد الطائرات الإسرائيلية بالوقود دون توقف، ومن ثم الوصول إلى إيران، والأهم من ذلك طائرات مروحية من طراز V-22 أوسبري التي لا توجد في أي بلد آخر عدا أميركا وإسرائيل.ومع أن الصفقة لم توقع بعد وما زال البعض يتحدث عن تفاصيل يتعين الاتفاق عليها، فإنه في جميع الأحوال وعندما يبرم هاجل الاتفاق مع إسرائيل ستكون إدارة أوباما قد أعادت نفوذها في منطقة تعيش على وقع الاضطرابات والقلاقل. هذا بالإضافة إلى أن هاجل هو قناة التواصل الأميركية الوحيدة حالياً مع الفريق الأول عبد الفتاح السيسي في مصر. ولعل ما يحرك صفقة الأسلحة ويدفعها إلى التبلور هو مدى تعزيزها للعلاقات ليس فقط مع إسرائيل، بل مع دول أخرى شرق أوسطية، ما جعل هاجل، الذي تعتمد عليه الإدارة في التواصل مع قادة مصر، في الواجهة لتشكيل تحالف جديد للوقوف في وجه إيران.

 

واللافت أن مساعي هاجل لتحسين العلاقات مع إسرائيل وتوظيف صفقة السلاح لمزيد من التقارب، تتعارض مع الصورة التي شكلت حوله أثناء تعيينه، من أن له تصريحات مناهضة للدولة العبرية! والحال أن تلك الصورة بالنسبة لمن يعرفون هاجل جيداً لم تكن حقيقية، لكنها ساهمت في تخفيض حجم التوقعات بشأن علاقته مع إسرائيل ومن ثم تعظيم فرص نجاحه في هذا المسار. فالصورة المريبة التي تشكلت حوله، بالإضافة إلى صفقة الأسلحة، مهدت الطريق للوصول إلى ما تعتبره واشنطن مستوى «غير مسبوق» في التعاون الأميركي الإسرائيلي، وربما أيضاً تسهل مأمورية وزير الخارجية، جون كيري، في إحياء عملية السلام بعد أن تشعر إسرائيل أن الولايات المتحدة في صفها حتى وتسعى إلى تسوية مع الفلسطينيين.

--------

محرر الأمن القومي بمجلة «فورين بوليسي»

--------

 «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»