حماس ومرسي والزج بالمسجد الأقصى

بقلم: 

لم يدم شهر العسل الإخواني طويلا، فسرعان ما تمرد الشباب في ثورة مضادة ضد حكم المرشد في مصر. تغيرت  المعادلة مرة أخرى في مشهد بوليسي  لم يخلوا من الدم. أستبعد مرسي وقيادات الاخوان عن الحكم في ليلة لا ضوء ولا قمر فيها. بطريقة العزل المقصود أي بمعنى نظرية الأنقلاب  ومن ثم دخلت  مصر في  عملية قيصرية خطرة. بين الشد والجزر وأصبحت ساحات مصر  تعج بالمتظاهرين  من انصار وزير الدفاع ومهندس الاطاحة بمرسي " عبد الفتاح السيسي "  ومن أنصار الأخوان والجماعات الاسلامية التي اتهمت الجيش بإرتكاب القبح من خلال الانقلاب على حكومة الاخوان الشرعية التي أتت بإرادة من الشعب ومن الناس الذين أسقطوا حكم مبارك من قبل.

لكن وعلى الرغم من أن الأزمة المصرية المتفاقمة والتي يرى المحللون وصناع الراي في المنطقة بأن ما يدور في مصر أخذ على الازدياد والتصاعد في ظل عدم تنازل اي من الاطراف عن مطالبة ولربما تدخل  مصر في اتون حرب يجهل المحللون والمتابعون الى اين قد تصل. ولربما تحمل نسقية التشابه مع السيناريو الذي يدور في سوريا ناهيك عن العمليات التي تنفذ يوميا ضد المقار الامنية في سيناء  والتي يذهب ضحيتها مجندين من الامن المركزي المصري من قبل الجماعات  الجهادية التي تتخذ من الصحراء في سيناء ملاذ لها. لتنطلق حتى تضرب الجيش المصري وترد كرامتها المهدورة  على يد الجيش بحس  رواية السلفيين والجهاديين في سيناء. الذين  يعيشون في كنف القبائل البدوية التي تقف الى جانبهم.

وبحكم العلاقة التي تربط قطاع غزة بمصر ومن قبلها علاقة الام بإبنتها اي علاقة  جماعة الإخوان  بحركة حماس فرعها في فلسطين. فإن هنالك مصالح مشتركة  بين الطرفين. ما جعل طموحات حماس  تكبر على وقع انتصار الاخوان. وفي ذلك الوقت أخذت حماس القرار بالانسحاب الفوري من سوريا نظرا لوجود دولة كبيرة مثل مصر اصبحت تحكمها الجماعة ما يعتبر داعم اكبر لحماس. وهو ايضا ما يلبس حماس ثوبا اكبر من حجمها المحدود في غزة  من خلال الدعم المتواصل وايجاد المأوى لقيادة الحركة وإنتقالها من دمشق الى القاهرة وحسابات  كثيرة كانت تجول في خاطر  قيادة المكتب السياسي التي تنقلت بين الدوحة والقاهرة  إلا انالحركة  استفاقت على صفعة  ساخنة وقوية تلقتها بسقوط نظام الرئيس محمد مرسي الذي لم يقدم لحماس شي يذكر  خلال عام من الحكم لا بل على العكس.

 لم يقصر في الحركة  حين كان الجيش المصري خلال ولايته شديد القبضة تجاه قطاع غزة بحيث لم يتوانى للحظة عن تدمير الانقاق  وملاحقة من يهربون الطعام والسولار  الى القطاع الرازح تحت وطأة الحصار. إذن سقط مرسي  وباتت حماس في عين العاصفة من خلال الاتهام المباشر  لها من  قبل الاعلام المصري الذي فاق حد الوصف بحيث جعل من الحركة هي من تدبر العمليات ضد الجيش وهي التي تقف  وراء الكثير من الهجمات التي استهدفت نقاط تابعة للجيش في  سيناء وفي قلب القاهرة. وهي من تعد العدة لكي تنتقم للجماعة الام من خلال ارسال  مقاتليها لتدريب عناصر الاخوان. حسب ما جاء في  رواية الاعلام المصري المتواصلة  والتي تتهم الحركة دائما بانها العقل المدبر والمرشد وصاحب الخبرة فيما يتعلق بثقافة الاشتباك مع الامن المركزي المصري.

ما عكس ذلك من حالة سخط  اتحاه الحركة المتخبطة في تعاملها مع الملفات الشائكة والتي  أخذت تسير على نفس النهج في معالجة الأخطاء السابقة  لحركة فتح والمنظمة  في التدخل في الشؤون العربية وسوريا  اكبر مثال حي لتدخل الحركة في شؤون الغير. إلا ان حماس وافرعها في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني وقطاع غزة أظهرت موقفا مغاير وهو موقف للاسف لا يرتقي الى المسئولية الوطنية والنأي بالنفس عن التدخل في شؤون الدول التي أختارت الشعوب فيها  نوع القيادة من خلال النزول الى الساحات على غرار حركة تمرد التي قضت على حلم الإخوان.

حركة حماس والتي  فقدت الكثير من شعبيتها جراء بعض التصرفات السلبية وايضا حالة الركود فيها بالنسبة للمقاومة. ما جعل الحركة تزاد يوما وراء يوما في مسلسل الخسارة الفادحة  وهي اليوم تتخندق في قطاع غزة. خلف الانقسام والمشاكل التي تعاني منها القضية الفلسطينية والتي تعتبر حماس بملف المصالحة احد المشاكل العالقة.

ومع ان الحركة الاسلامية في الضفة الغربية يخوض أسراها اضراب الكرامة عن الطعام متحدين الاحتلال وعلى رأسهم قائد القسام عبد الله البرغوثي. إلا ان الحركة لا تعير هذا المشهد وهذا الاضراب أي اهتمام سوى بالتحرك الخجول من قبل بعض قيادات وعناصر وانصار الحركة  في الضفة الغربية. لذلك من المستغرب جدا ان تقوم حماس ولربما  قد يكون مجرد  تصرف عفوي  يكون نتاج الولاء  لجماعة الاخوان من خلال القيام  بمظاهرات في الناصرة وكفر كنا وايضا في القدس ومبايعة محمد مرسي على قيادة الاسلام حسب ما نشر في بعض مواقع الانترنت. ويظهر قيادي في حماس وهو يخطب في الجموع  لتبتعد حماس كل البعد عن الخط  الوطني الذي قامت ونشأت وتاسست لاجلة. وتبقي الاسرى  يعانون الويلات  جراء تصرف المحتل بحق اضرابهم المفتوح عن الطعام لاجل الوصول الى الحرية. التي ينشدها كل الاسرى الذين باتوا اليوم في ذيل الحسابات بالنسبة لفصائلهم وعلى رأسها  حماس وهنا الكل مسوؤل ولا احد مستثنى من مسؤوليته الاخلاقية اتجاه قضية الاسرى.

وبالرغم من تصرف انصار الحركة يعبر عن موقف قيادة الحركة المختفية عن الانظار الا ان المسجد الاقصى المبارك والمقدسات الاسلامية والمسيحية هي مقدسات  تنشد الحب والسلام  ولا تنطق بإسم  احد ولا تتحدث على احد فهي بيوت لله يذكر فيها اسمه. وان تدخل المقدسات  في متاهات وصراعات خاسرة في التاييد لهذا وذاك فيما يخص ازمة مصر.  فتلك تصرفات غوغائية تعبر عن مدى سوء  التقييم والتقدير بالنسبة للفصائل الفلسطينية وخاصة التي تتبع لحركة الاخوان. والتي عاشت المجد دون ان تلامسة. ومن هذا المنطق كان حري بنا كفلسطينين ان نكون بعيدين عن هذا الواقع والمشهد المتأزم  وان لا نزج بالمسجد الاقصى والمقدسات في  مشاكل الدول المحيطة  ومنها مصر حتى تتعافى  تلك الدولة وتخرج من عنق الزجاجة سالمة غانمة راعية. وان لا نكون سوى ضيوفا ثقيليي ظل على القاهرة التي رعت  عملية المصالحة ولم تتوانَ عن الوقوف الى جانب فلسطين  وحقها في التحرر والحرية .