هموم، بين ناري الاستيطان «والمخطط المكاني» الفلسطيني..!

بقلم: 

هل يعقل ان نطبق مخططاً غير موضوعي وغير واقعي يقضي بوقف التوسع العمراني لقرانا وبلداتنا الصامدة المرابطة امام الطوفان الاستيطاني، المترقب والمتأهب لتنفيذ المخطط الاحلالي الاحتلالي، الهادف الى ازالة الوجود السكاني الفلسطيني، المتواصل في هذه الديار، عبر التاريخ، والمحافظ على هذه الارض الطاهرة المباركة المقدسة؟!

ومن وضعوا قانون «المخطط المكاني» العجيب «المناطق الخضراء» يعيشون في برج عاجي، وينظرون لوضع ما تبقى من فلسطيننا بمنظار غير واقعي، لا يرى الامور على حقيقتها، متجاهلين الوقائع المريرة التي يفرضها المحتل على ارضنا، عبر التهام اكبر مساحة منها، وتوسيع رقعة الاستيطان واعداده لتنفيذ ترانسفير رهيب ضد شعبنا..!

الا يكفي القرى والبلدات ما نهب منها من ارض، وحصرها في رقعة ضيقة لمنع تمددها، ومحاصرتها وتحويل حياة اهلها، الى جحيم لا يطاق، من خلال اعتداءات المستوطنين، وحرقهم لاشجار الفواكه والزيتون، للقضاء على مصدر رزق اهل الريف الذين كانوا آمنين، حتى حلت عليهم كارثة احتلال يتواصل منذ عشرات السنين..!

لقد عانينا نحن معشر المقدسيين من اللون الاخضر، فكلما ارادت اسرائيل مصادرة أرض، وحظر البناء عليها تمهيداً لاستيطانها، اعتبرتها خضراء، وهكذا أصبحت معظم ارض بيت المقدس خضراء، نمنع من البناء عليها، وينتهك حقنا في السكن اللائق نحن واولادنا.

ألا يكفيهم من هم في الاغوار، هجمات جيش الاحتلال عليهم في الليل والنهار، وحرمانهم من المياه ورعاية الاغنام، ومصادرة خزانات المياه، وتدمير حظائر الاغنام، وتشريدهم من مكان الى مكان، وافتراشهم ارض الاجداد وإلتحاف السماء..؟!

الا يكفي اهلنا في الارياف تدمير الاحتلال للآبار، وعرقلة شق الطرق الزراعية وكل مشروع، يعزز صمودهم ويقوي تحديهم ويزيد اصرارهم على البقاء؟!

هل نحن في بلاد مساحاتها هائلة وشاسعة كأستراليا وكندا واميركا وروسيا..؟ ألسنا في فلسطين التاريخية التي لا تزيد مساحتها على ٢٧ الف كلم٢، وقد تكون مساحة مزرعة في تكساس بهذه المساحة..!

أليست مدننا وقرانا وبلداتنا في الداخل الفلسطيني بأرض فلسطين المنكوبة في ايار ١٩٤٨، محاصرة محرومة من التوسع العمراني، ويعاني أهلنا هناك من قلة المساحات ويحتارون ويقلقون على مصير اولادهم الذين وصلوا سن الزواج..! ما يضطرهم للبناء العمودي، او شراء الشقق خارج اماكن سكناهم..!

الا تكرر سلطات الاحتلال في الضفة الغربية، نفس سياستها التي انتهجتها خلال الفصل الاول من احتلالها لفلسطين؟!

أنظروا الى ما جرى هناك...وكيف حولت اهل البلاد في حيفا ويافا وعكا الى أقليات؟!

لا يمكن ان نحدد مساحات خضراء ونحظر عليها البناء في ما تبقى من وطننا الجميل؟

الا يدرك من وضعوا «المخطط المكاني»، ان الاستيطان التهم جزءاً كبيراً من أراضي المواطنين، وان كل المناطق المحيطة بالمستوطنات، يحظر الاحتلال البناء فيها...فهل يريد اصحاب المخطط المكاني ان يحاصروا ويحدوا من التوسع العمراني لهذه البلدات لتصبح بين ناري الاحتلال الاستيطاني والمخطط المكاني؟!

لماذا نترك ما يخليه الاحتلال من بؤر ومستوطنات، مهجوراً فلماذا لا نقيم عليه مشاريع او منافع او اسكان لمتوسطي الحال، او مزارع لنحبط اي محاولة او تفكير للمستوطنين للعودة الى ما أخلوه من أرضنا؟!

لماذا لا نشجع مشاريع إسكان توفر شقة سكنية بسعر يتراوح بين ٢٠ و٢٥ الف دولار وندعم المقاولين، ونوفر لهم مساحات من الاراضي المهددة بالمصادرة بأسعار رمزية ونحميها من الالتهام الاستيطاني؟ فالمعلوم ان سعر الشقة السكنية عندنا مرتفع بسبب ارتفاع اسعار الاراضي..فلماذا لا نفعل، ما يفعلونه في غزة...! حيث يستطيع الموظف الشاب مع زوجته الموظفة ان يمتلكا شقة تسترهما واولادهما بسعر غير مرهق وأقساط ميسورة..!

انني اضم صوتي لكل القوى الوطنية المخلصة، بضرورة التخلص من هذا «المخطط المكاني»،.

يجب تصعيد الحملة على هذا «المخطط المكاني» الذي اعجبني وصفه بالرومانسي والخيالي...لانه من العار ان يكون واضعوه بهذا الجهل بطبيعة الوطن الغالي، واحتياجاته السكنية، واحتياجات التوسع الطبيعي، ولطبيعة صراعنا مع الاحتلال، لاننا ما نزال في مرحلة تحرر وطني. كما افاد المشاركون في اللقاء الجماهيري الذي احتضنته قرية برقة شمال نابلس يوم الاثنين ١٧/ ٦/ ٢٠١٣ ,والى المشاركين في المؤتمر الوطني الشعبي في نابلس الذي عقد السبت 6/7/2013 وطالبوا خلاله بالغاء المخطط المكاني وحذروا من استيلاء المستوطنين على الاراضي المحظور البناء فيها. فإلى كل واحد منهم تحية فخر واعتزاز وإكبار وتقدير منقطع النظير، على وقفتهم الشجاعة، ووطنيتهم وغيرتهم على أرضهم ومستقبلهم ومصيرهم ووجودهم وانتمائهم لهذا الوطن المعطاء، الذي ما يزال بخير، بفضل أمثال هؤلاء المخلصين المرابطين بإذن الله تعالى الى يوم الدين.

المصدر: 
القدس