أصيلة.. سحر خليفة.. محمد عساف

بقلم: 

 

أُعطيت للروائية الفلسطينية سحر خليفة جائزة أصيلة لهذا العام. تحية إلى أصيلة وأخي الحبيب محمد بنعيسى هذا العام وكل عام. فقد أثبت لنا أن الثقافة أكثر ديمومة من السياسة وأبهى، مع أنه كان من ألمع السياسيين العرب. ولن يصدق سي بنعيسى أن مهرجان أصيلة هو أحد الأشياء القليلة التي أفتقدها وأحن إليها وأشعر بضيق عندما أعتذر عن عدم تلبية دعوته. أحن إلى بساطة أصيلة وألوانها ومينائها وإلى السهرة المزدحمة في منزل سي بنعيسى القديم. مجملا بضيافة ستي ليلى، التي تنادي زوجها كسائر المغربيات، سي محمد. سيدي محمد.

جاء تكريم سحر خليفة بعد أيام من فوز محمد عساف في «أراب أيدول» الذي اعتبر فوزا لفلسطين. الوجه الحضاري والثقافي لفلسطين ليس أقل أثرا من البعد النضالي. اسأل شباب العرب من هو شاعرهم اليوم والجواب واحد، محمود درويش. يسعدك ذلك لأنه ليس دليلا فقط على روعة محمود بل على روح النقاء في الجيل الجديد.

كان صوت حسن الكرمي يأتي من الـ«بي بي سي» طوال أربعين عاما وكأنه صوت الشعر العربي في كل مكان. ساحر البيان فائق العلم رائع الإلقاء. على إيقاع صوته وعمق آدابه كانت العرب تتذكر أن فلسطين هي أيضا ديوان الشعر وكتاب النقد الذي ارتقى به إحسان عباس ومحمد يوسف نجم.

أقامت مؤسسة عبد المحسن القطان في لندن مركزا لا يتعاطى سوى الثقافة، وفي رام الله صرحا لا يتعاطى سوى التعليم. وقبل أن تتحول إلى مؤسسة كانت ترعى كل ما هو فكر وأدب وسينما وموسيقى مقبل من فلسطين، وكان إدوارد سعيد أحد أبرز أمنائها.

صفق الناس بفرح لمحمد عساف. وطفق الجميع يكتبون عنه كفرحة نادرة. حتى زميلنا الكريم بكر عويضة خرج من تواضعه وأثرة الابتعاد ليرسل التحية إلى الشاب الساحر الصوت. لكن لي عتب على محمد لارتكابه خطأ غير مقصود. لقد غطى على بقية المشاركين تغطية كاملة. وبقدر ما أذكر، ووفقا لذوقي الشخصي، فقد كانت هذه المباريات الأكثر حشدا بالمواهب الحقيقية. كل مشترك كان يتمتع بصوت وأداء وحضور يخوله الفوز. محمد كان أولا جميلا ضمن صف من الأوائل الساحري الحضور.

من زمان أقرأ سحر خليفة. مثل محمود درويش في الشعر، يختلط نصها بالصورة الفلسطينية من دون أن يدخل في الخطابة. هي جيل ما بعد سميرة عزام، ببلاغة أقل ومهارة أكثر. ويجب أن نقرأ مريد البرغوثي في الرواية الفلسطينية المشغولة بمهارة وصناعة حداثية جذابة. وتحية إلى مبدعي هذه الأمة، يعوضون عليها وعلينا، بعض ما يفعله السياسيون.

 

 

المصدر: 
الشرق الأوسط