ليس هناك خطة بديلة لمنطقة الشرق الأوسط

بقلم: 

هناك مشهد في مسلسل “الجناح الغربي” يقوم فيه مستشارو الرئيس الأميركي بتحذيره من إطلاق محاولة أخرى لعقد السلام في الشرق الأوسط.

يقول توبي زيغلر للرئيس جد بارتليت: “إن الطريق إلى جائزة نوبل هو الطريق إلى الفشل المشرّف”.

وتعكس هذه الشذرة من الحكمة التحذيرية خيبة الأمل التي المت ببيل كلينتون في الساعات الأخيرة من عمر إدارته في كانون الثاني سنة 2001 بينما كان يتوسل الى ياسر عرفات للموافقة على خطة السلام الأميركية وإنشاء دولة فلسطينية.

وأكدت اتفاقية جنيف لعام 2003، والتي تفاوض بشأنها ممثلون سابقون عن الحكومتين الإسرائيلية والفلسطينية على مدى عامين، على الخطوط العريضة المعروفة للاتفاق. وكذلك فعلت المبادرة العربية للسلام، والتي طُرحت لأول مرة عام 2002، وهي كانت المقترح العربي الرئيسي لأنهاء الصراع.

ولكن قبل أن نشعر باليأس، يجب أن نتذكر نجاح جيمي كارتر حيث لعب دورالوسيط في اتفاقات كامب ديفيد، والتي أدت إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. ولا تزال هذه المعاهدة قائمة. وكان الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغن قد اخذا مجازفات جسيمة لجعلها تثمر، وتقاسما جائزة نوبل للسلام سنة 1978 والتي منحت تقديرا لجهودهما.

هناك إجماع أن الجمود الحالي بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيستمر دون وجود قيادة أميركية. وتؤيد أستراليا هذا الرأي، وقامت في وقت سابق من هذا العام بتأييده إلى جانب وزير الخارجية البريطاني وليام هيج، الذي طلب من أستراليا الانضمام إليه في الدعوة لقيادة الولايات المتحدة.

ومنذ ذلك الحين زار وزير الخارجية الأميركي جون كيري إسرائيل والأراضي الفلسطينية خمس مرات لوضع الأسس لاستئناف المفاوضات.

إن الملامح النهائية لمعاهدة السلام معروفة جيدا، ولخصها الرئيس باراك أوباما خلال زيارته إلى إسرائيل في شهر آذار المنصرم: “دولتان لشعبين”. هناك إجماع دولي على أن نقطة البداية يجب أن تكون حدود عام 1967. وينبغي لهذه أن تخضع لتبادل أراض متفق عليه.

وينبغي للحل أن يودي إلى دولة فلسطينية قابلة للحياة تخضع لضمانات شاملة للأمن الإسرائيلي مع تقاسم للقدس.

حدثني هنري كيسنجرعن زيارة قام بها الى القدس منذ سنوات حيث قال إنه تناول الغداء مع عرفات وتحدثوا عن مدى قرب حل ما يسمى قضايا الوضع النهائي. وبينما ركّز عرفات على القدس، عرض وقتها البت في الامور في ذلك المكان وتلك اللحظة. ولإثبات ان تقسيم المدينة قابل للتحقيق، ارسل عرفات نادلا الى الخارج لجلب دليل شوارع. وهنا تكمن المعضلة - فنحن نعرف الملامح - ولكنه من الصعب ان نتوصل اليها. فالإسرائيليون يركزون، بشكل مبرر، على الأمن والفلسطينيون يركزون على حدود دولتهم.

ويمكن للقادة الأستراليين فهم الضغوط التي تواجهها كلتا القيادتين بسهولة. ولكن بالنظر إلى علاقاتنا الودية مع كلا الجانبين، هذا يؤهلنا لندفع بهذا الاقتراح الذي لا يمكن دحضه قدما: ليس هناك خطة بديلة. ليس هناك بديل عن حدود 1967 مع تبادل أراضٍ متفق عليه ودولة فلسطينية مع ضمانات أمنية لإسرائيل.

ينبغي على أصدقاء إسرائيل وأصدقاء الفلسطينيين الاعتراف بأن هنالك انهاكا على الجانبين –بين القادة ولدى ناخبيهم على حد سواء.

أكد اشتعال الاوضاع في غزة لكثير من الاسرائيليين أنهم يواجهون هجمات مقابل التنازل عن أراض بينما يشير الفلسطينيون إلى زحف المستوطنات الإسرائيلية، والذي أكده تقرير حديث نشرته إحدى الصحف الإسرائيلية التي وصفت “الزيادة السكانية” في الضفة والذي رفع عدد المستوطنين الإسرائيليين من 190،000 إلى 385،000 خلال 10 أعوام. ولكن ليس هناك خطة بديلة.

إن الوصول الى التسوية التي لا مفر منها، سيكون رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بحاجة ماسة إلى كل خبرته الطويلة ومرونته. فعبر تشكيل حكومته الجديدة، أكد التزامه بحل دولتين سلمي من خلال تعيين تسيبي ليفني، وزيرة خارجية إسرائيل السابقة التي خاضت الانتخابات تحت حملة تحث على استئناف عملية السلام.

وأعاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني الماضي، تأكيد التزام الفلسطينيين بالمفاوضات، وهو التزام كان قد عبر عنه مجددا لدعم جهود كيري.

ويجب على الطرفين قبول مفاوضات مباشرة من غير شروط مسبقة، ولكن النجاح سيعتمد على أخذ كل طرف خطوة مهمة. فيجب على الفلسطينيين الالتزام بشروط وقف إطلاق النار في غزة المتفق عليها في تشرين الثاني الماضي، ووقف كافة الهجمات الصاروخية على جنوب إسرائيل. كما يجب على إسرائيل وقف إنشاء مستوطنات جديدة في الأراضي الفلسطينية. وتقوّض الهجمات الصاروخية الأتية من غزة مصداقية الفلسطينيين كشريك في السلام. كذلك يبقى النشاط الاستيطاني غير قانوني ويقوض الثقة في نوايا إسرائيل وحسن النية عند الرجوع الى طاولة المفاوضات. فهو يخلق “حقائق على الارض” التي لديها القدرة على تهديد قابلية الدولة الفلسطينية المستقبلية على الحياة.

كصديق لإسرائيل، أستطيع أن أقول ان هناك قضية جوهرية أخرى على المحك: بقاء إسرائيل كدولة ديمقراطية. إن متانة الديمقراطية الاسرائيلية تتطلب وجود دولة فلسطينية قابلة للحياة. ودون ذلك، ستكون اسرائيل واقعة في شركٍ وتحكم سكانا عربا متزايدين والذين لن تتمكن من منحهم حقوقا مدنية كاملة ومتساوية بينما تبقى دولة يهودية.

لقد سررت بقرار أستراليا الامتناع عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمنح السلطة الفلسطينية صفة مراقب في الأمم المتحدة. ونقلَ امتناعنا عن التصويت رسالة لا تقل حزما عن تصويت بنعم أو لا. والرسالة التي أرسلناها، بصحبة كل من بريطانيا وألمانيا و38 دولة أخرى امتنعت عن التصويت، هي أن تسوية هذا النزاع هو المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين.

آمل بحرارة أن تجديد الرئيس أوباما لعملية السلام سيؤدي في نهاية المطاف إلى دوربناء للأمم المتحدة، حيث كانت أستراليا أول بلد تسجل تصويتها على خطة تقسيم الأمم المتحدة التي انشأت إسرائيل قبل 65 عاما. ومع ذلك، فإن الطريق إلى الدولة الفلسطينية لا تمر عبر قرارات الامم المتحدة. ولا تتمثل ايضا في السعي لعضوية المنظمات الدولية. وكما قال أوباما في القدس في أذار المنصرم: “يجب ان يعقد السلام بين الشعوب وليس بين الحكومات فقط.” وينبغي لجميع أعضاء المجتمع الدولي الاتحاد خلف جهود كيري والعمل على تشجيع كلا من الإسرائيليين والفلسطينيين على الانخراط فيها بشكل بناء.

ولم يرَا أي منا خطة بديلة.

 

المصدر: 
ذي اوستراليان