الحياد الفلسطيني

بقلم: 

كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس منشغلاً منذ حوالى الأسبوعين، حين تناهى اليه خبر اصطدام الجيش اللبناني مع مجموعة الشيخ أحمد الأسير في عبرا. لم يتأخر أبو مازن ليُعلن أن "الفلسطينيين في لبنان هم تحت سقف الشرعية ولن يتدخلّوا في الشؤون اللبنانية"، وأوعز الى أنصاره برفض الإنسياق الى المواجهات التي دارت وقتها، خاصة أن عبرا تقع على تخوم أكبر وأشهر مخيم فلسطيني في لبنان: عين الحلوة.

لم يكتفِ عباس بتصريحه هذا، بل عبّر عن عزمه زيارة لبنان، وهو ما تمّ، حاملاً معه ملفات اشكالية، لطالما سببّت حروباً في السابق بين السلطة اللبنانية والمخيمات. أبرزها على الاطلاق "التورّط الفلسطيني في الصراع السياسي والعسكري في لبنان". رفض عباس، خلال لقائه الرئيس ميشال سليمان في بعبدا، اقحام الفلسطينيين مجدداً في النزاع اللبناني – اللبناني، والذي كلّف في السابق أثماناً باهظة: هجرة فلسطينية أخرى، تدمير الحدّ الأدنى من مقوّمات الحياة الطبيعية في المخيّمات، واستيلاد أزمة ثقة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني.

أصرّ عباس على أن "الحكومة اللبنانية تقرّر مصير السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، وهذا متفق عليه في منظمة التحرير ولكن هناك أشخاصا خارج المنظمة لا نستطيع أن نوجههم"، مشيراً الى أننا "نطيع ما نؤمر به في هذا الموضوع باعتبارنا ضيوفاً، ونحن نتلقى الأوامر المتعلقة بسلامة لبنان من الرئيس والحكومة لأننا حريصون على أمن لبنان ووحدته".

لم يكن سليمان بعيداً عن أجواء عباس، مثمّناً الحياد الفلسطيني في "أحداث صيدا الأخيرة التي عمل الجيش اللبناني على فرض القانون فيها"، بحسب قوله. ومع أن الرئيسين بحثا أيضاً ملف النازحين الفلسطينين من سوريا وعددهم 65 ألفاً، غير أن مسألة السلاح كانت طاغية على ما عداها. فقد حمل نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز، في زيارته الأخيرة الى لبنان، باقة دعم أميركية على شكل مساعدات "متطورّة" للجيش اللبناني، وهي من نوعية المعدات التي استُعملت في بعض الاشتباكات الأميركية مع التنظيمات المتشددة في بعقوبة وتكريت العراقيتين.

وانطلاقاً من الدعم الأميركي المُعلن، والذي يُفسّر على أنه "ضوء أخضر" لافت للجيش اللبناني، اعتبرت مصادر رئاسية أن "سليمان كان يهمّه الموقف الرسمي الفلسطيني، بعد أن أبدت الولايات المتحدة دعمها الكامل لكل عمليات الجيش من أجل اعادة الأمن والقانون الى مناطق لبنانية معيّنة". ولفتت المصادر الى أن "عباس شجّع سليمان على المضي قدماً في الخطط الأمنية، وأن الفلسطينيين لن يُشكّلوا عائقاً، ولا غطاء رسمياً لكل معتدٍ على الدولة اللبنانية"، متفهّماً "خطوات الدولة اللبنانية".

من جهتها تحدثت مصادر فلسطينية في عين الحلوة عن أن "موقف أبو مازن في موضوع السلاح الفلسطيني ليس بجديد، والمشكلة غير متعلّقة بحركة فتح، بل في التنظيمات الفلسطينية الموالية لسوريا، كالجبهة الشعبية – القيادة العامّة، والتي تمرّدت على مقررّات الحوار الوطني، رافضة بحث موضوع السلاح الفلسطيني داخل وخارج المخّيمات". وأشارت المصادر الى أن "ما ينطبق على التنظيمات الموالية لسوريا ينطبق أيضاً على الحركات الاسلامية، التي تصادمت معها حركة فتح مراراً".

المصدر: 
المدن