إيران وحماس وتعقيدات العلاقة

بقلم: 

بطبيعتها العلاقات السياسية معقدة لا تحمل وجهاً واحداً محدداً، ففي أساسها تُبنى على تقاطع الأهداف والمصالح بين الطرفين، إلا أن هناك عناصر أخرى قيمية وأيديولوجية ونفسية لا غنى عنها في تحديد العلاقة، وتلعب هذه العناصر دوراً بارزاً في التأثير والتوجيه والبعد والقرب، وهذا ما حدث في علاقة حركة حماس والجمهورية الإيرانية.

فحركة حماس وإذ تدخل السياسة من أوسع أبوابها فهي تمتلك رؤيةً ناضجة، وحساً وطنياً خالصاً، بالإضافة إلى مرونة إيجابية في التشبيك والتشابك مع القوى الدولية ممن تتفق أو تختلف معهم، في ضوء هدفها المركزي (تحرير فلسطين).

فلم يُثن حماس ما تعرضت له من انتقاد واتهام حول علاقتها بالجمهورية الإيرانية طوال الفترة السابقة، ولم تخجل في يوم من الأيام من الإعلان عن تقديرها واحترامها لهذه الدولة التي وقفت إلى جانب المقاومة الفلسطينية في السراء والضراء، واستطاعت تقديم يد العون لها في كثير من المواطن والمنعطفات الخطرة، ولولا الأزمة السورية وموقف إيران الحاد منها، ودعمها غير المحدود للنظام لما طرأ أي تغيير على موقف حركة حماس من علاقتها بطهران.

تحرص حركة حماس على إبقاء الحد الأدنى من العلاقات والتواصل المستمر مع إيران، ولا تسعى بأي حالٍ من الاحوال للقطع النهائي مع قوة إقليمية عدوة لـ(إسرائيل)، فاستراتيجية حماس واضحة بألا تتورط في الصراعات المذهبية من جهة، وتحدد عدوها الرئيسي والمركزي والوحيد في المنطقة والمتمثل بالاحتلال (الإسرائيلي).

إيران من جهتها تحرص على إبقاء حماس في دائرة قريبة من جمهوريتها، لما للحركة من ثقل رئيسي في القضية الفلسطينية، وما تمثله كرأس حربة للمقاومة في المنطقة، إضافةً إلى أن حركة حماس تحظى باحترام وتقدير الشعوب العربية والإسلامية، وهي محط ثقة وإعجاب كبيرين بعد تاريخها المشرف وحروبها الناجحة.

علاقة حماس بإيران تمر بمرحلة فتور بسبب تعقيدات الأزمة السورية والشحن الطائفي الموتور، بالإضافة للدور الايراني الحاد والمستفز لضمير المستضعفين العرب، وما يواكب أزمة سوريا من تقسيمات إقليمية جديدة، وإعادة تشكيل أحلاف مختلفة وهيكلتها وفق نتائج ومواقف ثورات الربيع العربي.

تتمسك إيران بخيوط العلاقة والتواصل مع حركة حماس ليقينها بانعدام البديل عنها في الساحة الفلسطينية، ويمكن الاعتماد عليه والتنسيق معه كواجهة لدعم الشعب الفلسطيني، وفي المقابل حركة حماس تحفظ لإيران أنها الدولة الوحيدة القادرة على دعمها بالسلاح، وهو جزء أساسي مما تحتاجه الحركة في مشروعها التحرري.

حركة حماس في ضوء مشروع التحرر تحتاج لجميع القوى الاسلامية والعربية للوقوف إلى جانبها ولا يمكن أن تدخل في إحدى الصراعات الخارجية، وما يميز الحركة تمسكها بهدفها الرئيسي تحرير فلسطين دون التورط بمستنقعات بعيدة عن هذا الهدف.

 

المصدر: 
الرسالة