فلسطينيو سوريا: الإغاثة

بقلم: 

في وصف حالة الدمار المعمّم التي لحقت بالمجتمع الفلسطيني اللاجئ في سوريا، لا يوجد تعبير أوضح ممّا أعلنته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا)، عن أن "سبعة مخيمات من أصل 12 مخيماً قد تحولت إلى ساحة حرب"، وأن "أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين في سورية قد أصبحوا مهجرين". هذا فيما يحتاج نحو 80 في المئة منهم إلى مساعدات عاجلة.

يعتبر اللاجئون الفلسطينيون في سوريا من أشدّ المجتمعات فقراً ومعاناةً. تأسيساً على ذلك، لم تكن إمكاناتهم الهشة قادرة على امتصاص آثار الزلزال السوري المدمّر من دون أن تصاب بأضرار جسيمة. فقبل الثورة، وبحسب بيانات الأمم المتحدة كان نحو 27 في المئة منهم يعيشون على دخل أقل من دولارين أميركيين يومياً، وأكثر من 12 في المئة غير قادرين على تلبية حاجاتهم الغذائية. لقد كان المجتمع الفلسطيني من اشد المجتمعات عرضة للمخاطر وأقلها حصانة ضدها. 

في بداية العام 2013 أعلنت "الأونروا" عن أن 360 ألف لاجئ فلسطيني في سورية باتوا بحاجة ماسة إلى المساعدة. خمسة أشهر فقط كانت كفيلة بأن يقفز الرقم إلى 420 ألفاً، وهو يرتفع باستمرار ويكاد يصل إلى العدد الكلّي للّاجئين الفلسطينيين في سوريا (530 ألف لاجئ). يعيش معظم هؤلاء في دمشق الكبرى، وتتوزع البقية في مخيمات قريبة من بعض المدن أو في داخلها مثل حمص وحماة وحلب واللاذقية ودرعا. وقد طرأ تغيّر حاد في أعداد النازحين منهم مع نهاية العام الماضي، أي بعد دخول مخيم اليرموك دائرة الصراع. فالمخيّم الأكبر على الإطلاق في سوريا والذي يقطنه نحو 150 ألف لاجئ، رفع أعداد النازحين لتصل حالياً إلى 235 ألفاً في داخل سوريا، يشمل ذلك أكثر من 54 ألف طفل. هذا فضلاً عن 80 ألف لاجئ فرّوا إلى لبنان، و10 آلاف لاجئ فرّوا إلى الأردن، وأعداد أخرى حطّت رحالها في مصر وغزة. 

وتقدّر "الاونروا" تعرض منازل حوالي 46 ألف عائلة (نحو 180 ألف شخص) إلى التلف أو التدمير. ما دفعها للعمل على توفير مساكن لنحو 8,200 فلسطيني نازح إلى جانب عدد قليل من السوريين في 21 منشأة من المنشآت التابعة لها في مختلف أرجاء سورية. تقول وفاء لـ"المدن" وهي تقطن مع عائلتها في إحدى تلك المنشآت في وسط دمشق: "لا نعيش كعائلة هنا، إذ ننام في عنبرين منفصلين للنوم الجماعي، أحدهما للنساء والآخر للرجال، ونلتقي صباحاً في باحة المنشأة"، وتضيف وفاء: "يُقدم لنا وجبة واحدة مشتركة في مطعم المنشأة هي وجبة الغداء، ويُوزع علينا معلبات غذائية للإفطار وللعشاء نتناولها وقت نشاء".

كما تعرضت 57 مدرسة من أصل 118 تابعة لـ"الاونروا"، لدرجات متفاوتة من الأضرار. وقد تمكنت الوكالة الدولية من تأمين 20 موقعاً بديلاً للمدارس، ويتلقى اليوم حوالي ثلث الأطفال المسجلين لديها حصصاً دراسية مستمرة. يقول أحمد الأستاذ المدرسي في مخيم اليرموك لـ"المدن": "أقمنا مدارس بديلة في المخيم، لم تعترف بها الاونروا في البداية، إذ لم يتمكن موظفوها من الوصول إليها، لكنها سلمت أخيراً بالأمر بعد اتفاق معها على رقابة محدودة على المدارس، ووافقت على اعتماد نتيجة الامتحانات التي سنقوم بها للطلاب".

وكانت "الاونروا" قد أصدرت حديثاُ "الخطة الإقليمية للأزمة السورية" الخاصة بالنصف الثاني من العام 2013، وناشدت فيها الحصول على مساعدة إنسانية حرجة على شكل مواد غذائية ومساعدات نقدية ومواد منزلية شتوية وخدمات صحية، في كل من سورية ولبنان والأردن، بقيمة إجمالية تجاوزت 91 مليون دولار.

وقالت بأن العديد من المانحين قد استجابوا بشكل سخي، وقاموا بتمويل 85.6 في المئة من الحاجات حتى اللحظة. وأكدت أنها خلال الأشهر الستة المقبلة، ستقوم بتوفير المساعدة الإنسانية العاجلة لنحو 420 ألف لاجئ فلسطيني، في مناطق وجودهم. 

لكن المفوض العام للوكالة فيليبو غراندي وفي مؤتمر صحفي عقد قبل أيام، لم يتحدث عن "سخاء" المانحين المشار إليه في خطة "الاونروا". على العكس من ذلك، وصف غراندي الوضع المالي الحالي بأنه "صعب"، وتوقع أن يبلغ العجز لهذا العام 65 مليون دولار. وشدّد على حاجة الوكالة إلى 200 مليون دولار لمواصلة تمويل عملياتها للاجئين الفلسطينيين في سوريا للنصف الثاني من العام الجاري. 

ترتكز استجابة "الأونروا" الطارئة في سورية على توزيع عريض للمساعدات، وهي في المقام الأول مساعدات نقدية. يقول طارق الشاب الفلسطيني النازح من مخيم خان الشيح والمقيم في منطقة قدسيا لـ"المدن": "حصلنا حتى الآن على مساعدتين نقديتين، الأولى قبل خمسة أشهر وهي عبارة عن 3000 ليرة سورية لكل فرد من العائلة، والثانية قبل أسبوع وهي 6000 ليرة لكل فرد". ويتابع "تسري شائعات عن أن المساعدة ستصبح شهرية، نأمل ذلك، إذ أن معظم العائلات باتت تعتمد على المساعدات للبقاء، وها أنا عاطل عن العمل منذ ستة أشهر، وقد يئست من إمكان إيجاد فرصة عمل".

المصدر: 
موقع المدن