ردا على مقال حسن البطل: اكرام الميت دفنه وليس العويل على جثته

بقلم: 

كنت أتوقع من الصحفي المخضرم حسن البطل ان يكون اكثر ذكاء في تبرير والدفاع عن موقف السلطة الفلسطينية وم.ت.ف من حرب الابادة التي تشن على مخيمات الشعب الفلسطيني في سوريا، لا أن يقف موقف المستهزء من تشريد عشرات الالاف من سكان المخيمات تحت تساؤل ديماغوجي مفاده: ما الذي في وسع السلطة ورعاياها أن يفعلوا لنجدة وإغاثة شعبهم في مخيمات سوريا؟
لا توجد مدافع فلسطينية في رام الله تصل مخيم اليرموك، كما في حال مخيم "تل الزعتر" ولا قوات مجوقلة وتدخل سريع، ولا إمكانية عملية وسياسية لفتح مدن الضفة أمام اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
ترسل السلطة إلى المخيمات أموالاً ليست بالكثيرة، وأيضاً أدوية وأغذية وتجهيزات أخرى، وقامت بخصم نسبة ضئيلة من رواتب موظفيها لصالح سكان المخيمات في سوريا.. وقت عز أزمة الرواتب.
وليختم المقال مشهرا بكل من انتقد موقف السلطة بانه من هواة المواقف.
مقال حسن البطل نموذجا فاقعا لجوهر موقف سلطتي رام الله وغزة من مخيمات اللجوء. انه تخل كامل عنها وتحلّل من مسؤوليات الدفاع عن سكانها باعتبارهم مكونا رئيسيا من مكونات الشعب الفلسطيني. كان يمكن السكوت عن مواقف السلطة وفصائلها المنحازة على الارض لصالح النظام السوري رغم ادعاء الحياد. من ينكر هذا ليراجع مواقف عزام الاحمد وليلى خالد وجوهر الاتفاق السوري مع زكريا الأغا حين زار دمشق قبيل اشهر تحت حجة بحث النأي بالمخيمات عن الصراع السوري الداخلي، فاذا به يعود باتفاق على تسليم مكاتب المنشقين عن فتح الى فتح السلطة وهو ثمن لم تعطه له دمشق مجانا.
لم يطالب احد سلطتي اوسلو بقوات مجوقلة، او حتى الدعوة لفتح مدن سلطة اوسلو للاجئين من مخيمات سوريا، ولم يطالبه احد برمي الفتات الذي يتبقى بعد صرف الملايين على هيئة رواتب وموازنات لأمن الرئاسة ومكتب الرئيس و....
ما طالب به من انتقد سلطتي اوسلو ان تقف هذه السلطة بكل مكوناتها امام مسؤولياتها الاخلاقية، باعتبار سكان هذه المخيمات مواطنين فلسطينيين، بأن تكون هذه النقطة على جدول اعمالها في كل لقاء مع أي مسؤول دولي... أن تكون احدى نقاط الاهتمام لسفارات هذه السلطة... ان تحشد المظاهرات والمسيرات للتضامن مع سكان المخيمات... ان يعطي ابو مازن سكان هذه المخيمات بعضا من الوقت الذي اعطاه لنجدة انزور وصاحب قناة الميادين غسان بن جدو المدافعين عن النظام السوري حين كرمهما بينما لم يكرم شهيدا واحدا من شهداء هذه المخيمات...
ما طالبنا به ان تتصرف م.ت.ف. باعتبارها ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني في كافة مناطق تواجده وليس شبحا لسلطة اوسلو الممثلة الشرعية الوحيدة لسكان الضفة وغزة.
الخوف ان يكون ما كتبه حسن البطل معبرا عن ان هنالك شعوب فلسطينية ذات هموم مختلفة وواقع مختلف واهداف مختلفة.. شعب هدفه الراتب والمفاوضات من اجل بقاء سلطته العتيدة في رام الله، وشعب هدفه دولة الخلافة في غزة، وشعوب متناثرة في مخيمات اللجوء بات هدفها البقاء فقط على قيد الحياة.
اتفق مع ما اورده الصحفي حسن البطل في عجز السلطة والمنظمة والفصائل عن فعل اي شيء، لكني اختلف معه في الاستنتاج... نعم السلطة والمنظمة باتت اقرب الى الميت واكرام الميت دفنه وليس العويل على جثته.