"المصالحة" .. ذهاب الى التنفيذ ام ذهاب الى الثرثرة؟

بقلم: 

تتكاثر الأسئلة هذه الايام حول مؤتمر المصالحة المصغر الذي دعا اليه امير قطر خلال انعقاد القمة العربية في الدوحة, والأسئلة المثارة من قبل وسائل الاعلام والجهات المهتمة, تتعلق اولا بالتوقيت, متى يكون هذا اللقاء المصغر، وما هي الآليات؟ وما هي النتائج المتوقعة؟
بداية :
اصبح الجميع في الصورة الحقيقية بان هذا الانقسام الذي يقترب من انهاء عامه السادس, لم يستطع ان يكتسب أية شرعية, وان بعض الاطراف الاقليمية التي راهنت عليه, ووعدت بتوفير الشرعية له, وحاولت من خلال هجمات خاطفة وفاشلة ان تمنح هذا الانقسام اية شرعية, لم تنجح في مسعاها بغض النظر عن نواياها ان كانت حسنة ام سيئة.
والسبب وراء هذا الفشل ان الانقسام مع مرور الوقت, وافتضاح الممارسات, وانكشاف المستفيدين وأولهم اسرائيل, فقد كل غطاءاته السياسية والوطنية والأخلاقية, لم يعد قابلا للتعاطي معه من قبل القوى الدولية والإقليمية, ولم يعد احد يقبل ان يدفع ثمنا له، أي ان الانقسام تحول من رهان الى عبء، ومن مقايضة رابحة الى تجارة خاسرة, ومن فرض أمر واقع الى نتائج كارثية, والأمثلة على ذلك كثيرة.
من بين الامثلة ان قرار الجمعية العامة الذي صدر بهذا الاجماع الكبير، لم يأخذ بعين الاعتبار هذا الانقسام, وانحاز بشكل غير مسبوق للشرعية الوطنية الفلسطينية وكأن هذا الانقسام لم يكن.
كما ان الرهان على مصر في عهدها الجديد قد خسر أيضا, لأن اولويات الدولة المصرية اكبر من ان تتماشى مع هذا الانقسام، حيث وهذه المرجعيات هي ضرورات الدولة اهم من ضرورات الآيديولوجية, كما انه لم يسبق للرأي العام المصري ان كان محقونا بهذه الحالة الاتهامية, ضد الانقسام وأصحابه ومفرداته كما هو اليوم.
وقد جاءت الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الاميركي باراك اوباما الى رام الله, دون ان يلحظ احد انها تأثرت بوجود الانقسام.
وكان مهرجان غزة الفتحاوي قد حسم الامر بشكل خارق على مستوى وعي الجماهير.
ولكن القمة العربية بالدوحة طرحت موضوع المصالحة على لسان امير قطر, والطرح يتطلب ان تقود مصر لقاء صغيرا مكثفا بالقاهرة لإنهاء الانقسام وانجاز المصالحة من خلال المرجعيات الفلسطينية التي اتفقت عليها كافة الاطراف, في حوارات القاهرة وإعلان الدوحة, وهذه المرجعيات هي تشكيل حكومة وطنية من المستقلين, وذهاب هذه الحكومة الى الانتخابات، والأسئلة المثارة الآن, هل نذهب فعلا الى تنفيذ بنود المصالحة, ام نستدرج الى جلسات ثرثرة, وإحراق الوقت من جديد؟
اعتقد ان الآليات التي يتم بموجبها هذا الاجتماع هي التي تحدد مدى جديته, فان كنا ذاهبين الى التنفيذ فورا، فان الطريق ستكون سالكة تماما, وخاصة بعد ان اخذت حماس الوقت الكافي، بل اكثر, للسيطرة على خلافاتها الداخلية التي انفجرت بعد اعلان الدوحة مباشرة في السادس من شباط من العام الماضي, وبعد اكثر من سنة المفروض ان تكون الرؤيا داخل حماس قد توحدت للذهاب الى تنفيذ المصالحة، أما اذا اتضح من خلال الآليات التي سيدار بواسطتها هذا اللقاء المصغر, اننا سنعود الى جدل جديد وحوارات جديدة واستنباطات جديدة, فمعنى ذلك اننا سندخل في نفق مظلم مرة اخرى.
على العموم، سواء كان الاجتماع المرتقب سيتم بعد جولة اللجنة الوزارية المكلفة بعملية السلام وعودتها من واشنطن او حدث قبل ذلك, فان الفارق الزمني لن يكون طويلا, وبالتالي فان الآليات ستكشف عن مدى الجدية, وهل نحن ذاهبون بالفعل الى تنفيذ جدي لبنود المصالحة, ام نحن ذاهبون الى جولة جديدة من الثرثرة غير المجدية؟
ولكن في كل الحالات، فان الانقسام الذي نريد ان نطوي صفحته نهائيا لم يعد له هذا الثمن, ولم يعد له قيمة, ولم يعد يرخي بظلال سلبية على جوهر القضية, والرهان على هذا الانقسام ليس سوى ركض وراء الاوهام.
Yhya_rabahpress@yahoo.com

المصدر: 
الحياة الجديدة