رسالة إلى الرئيس محمود عباس

بقلم: 

 

سيدي الرئيس محمود عباس:

إنه العفو الثاني الذي تصدره سيادتك في غضون شهرين، بقضيتين كلاهما يتعلق بالفيسبوك، وعلى خلفية قضايا إطالة اللسان على سيادتك، في كلا القضيتين أنس عواد وممدوح حمامرة، لم تكن من حرك القضية أو المشتكي حسب نص القانون في مواده في إطالة اللسان والقذف والشتم، بل جهاز المخابرات.

نعم ....جميع من أعرف من صحافيين أستقبل خبر عفوك عن الصحافي ممدوح حمامرة بسعادة، ولا ابالغ إذ أقول أنني أخبرت زملائي ظهر اليوم أنك ستصدر قرار العفو حالما تسمع بالخبر بعد أن نفعّل القضية إعلاميا، فلست أنت من يرضى أن يُمضي صحافي أو ناشط فيسبوك عاما في السجن لأنه انتقدك بصورة أو تعليق، حتى وإن كان هذا التعليق يخرج عن أصول النقد الى التجريح، الأمر الذي نرفضه جميعا لأنه لا يمثل أخلاقنا كصحافيين.

لكن يا سيدي و قبل ان نطلب منك بعد شهر أو أقل بإصدار عفو ثالث عن أحد الفيسبوكيين، أسمح لي أن أطلب منك أمرا آخر وهو أن تضع حدا لأولئك الذين بات شعارهم "عباسيون أكثر من الرئيس عباس"، أولئك أي العسس الإلكتروني الذي بات كل همهم اصطياد صورة أو تعليق والرجوع الى قانون كهل أكل الدهر عليه وشرب لتفصيل تهمة تتناسب مع الفيسبوك والتويتر!!!

 

سيدي الرئيس : هناك من يصرّ أن يضعك دوما في هذا الموقف، موقف الرئيس الديكتاتور الذي بكلمة منه يفتح باب السجن وبكلمة منه يصبح السجين طليقا.. وأنت لست كذلك لم تكن ديكتاتورا ولن تكون .. لكنهم يصرون على أن نظهر كفلسطينيين دولة بوليسية تمارس كبت الحريات وتلاحق الصحافيين والناشطين بسبب نشر صورة أو تعليق على الفيسبوك.

 

نعم، يسعدنا قرار العفو عن الزميل ممدوح حمامرة، لكن هذا العفو أصبح مأزقا وليس منقذا، لأنه يرسخ في ذهن العالم صورة عنا لا نريدها، صورة البلد المحكوم بأجهزة الأمن، صورة الرئيس الفرد الذي يعفو عمن يشاء، وبما أنه قادر على العفو فمن السهل أن نستنتج أنه قادر على الإدانة أيضا، وهذه الصورة تجافي الحقيقة، لكن تكرار هذا السيناريو يجعل الأمر قابلا للتصديق بغض النظر عن النوايا الحسنة، وعن تصريحاتك المستمرة أن حريتنا سقفها السماء.

 

طيلة فترة اعتقاله من قبل جهاز المخابرات الفلسطينية التي استمرت 55 يوما عام 2010 نفى الزميل ممدوح حمامرة نشره الصورة وأكد أن هناك من قام بعمل "شير" له على صفحته، ولم يفلح جهاز المخابرات بعد التنقيب بحاسوبه أن يجد دليلا واحدا أن الصورة خرجت من عنده حسب ما أكد جهاز المخابرات في المحكمة، وحتى الشاهد الوحيد في القضية كانت شهادته لصالح حمامرة، ومع ذلك تردد على المحكمة طوال الفترة الماضية وتم الحكم بسجنه عام، وها هو اليوم يخسر الاستئناف وينام ليلته الأولى في السجن بتهمة وجود صورة على صفحته تسيء لك.

سيدي: كيف نُقنع وسائل الإعلام العالمية ومؤسسات حقوق الإنسان التي نشرت خبر الحكم على حمامرة بالسجن عاما كاملا، أن القضية لا تستحق أن تكون قضية بالمقام الأول، كيف نقنعهم أن القضاء نزيه إذا كان بإمكان الرئيس أن يصدر عفوا يتجاوز قرار المحكمة وبعدها محكمة الإستئناف في قضية صحافي إعتقله جهاز المخابرات؟!

هذا المأزق الذي نحن فيه اليوم سببه هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم عباسيون أكثر منك، حريصون عليك من النقد والتجريح أكثر من حرصك على نفسك، يعتقلون باسمك ومن أجلك وأنت لا تعرف إلا بعد أن تكتمل الكارثة بحكم السجن لصحافي أو ناشط تتناقله وسائل الإعلام في كل العالم.

 

سيدي : قل لهم كفوا أن تكونوا محمود عباس أكثر من محمود عباس، وأرجوك أصدر توجيهاتك للأجهزة الامنية بعقد دورات في "السوشال ميديا" حتى يستطيعوا أن يعرفوا وهم يراقبون صفحات الفيسبوك ما هو الفرق بين" Tag, share, like, comment