لهؤلاء سأصوت في المؤتمر السابع لحركة فتح

بقلم: 

للذين أقدامهم على الأرض، يمشون ويمشون، يرون الجغرافيا الحبيسة، والأشجار اليتيمة المقصوفة، ويشربون الزيت والدمع من بصر التراب الأحمر ويقرأون الفاتحة على كل شهيد تحت الأرض، يزرعون على قبره وعدا ووردا ويصعدون على شعاع الروح المستفيضة ، سأدلي بصوتي في المؤتمر السابع لحركة فتح المنعقد يوم 29/11/2016.
للذين لا يعبدون النص والصنم والشخصيات النمطية، لا يصدأون ولا يتكلسون ولا ينطفئون ولا يتغيرون فكرا وقيما، يخرجون من الصندوق ويتحركون في الوقت الأصعب ووسط الرياح الهائجة ، يعشقون البيت و البرهان والرواية ، ولا يغادرون جرحي حتى آخر نزيف، لهم صوتي كله ودمي.
للذين أصدقهم وحدهم، الأسرى الحاملين على أجسامهم وأرواحهم سنوات السجن والعذاب الطويل الطويل، من عاشوا في الزنازين بين الرطوبة والحديد، من قصفت اعمارهم هناك بعيدا في الظلمات وظلوا صامدين صامدين ، سأدلي لهم بصوتي واطرق عليهم الباب الف ألف مرة.
للذين يتفقدون الناس الفقراء والغلابا، أهالي الأسرى والشهداء ، يلقون السلام على هذه الأم وذلك الطفل ، يشربون معهم الشاي ويفيضون في الدعاء والأمل، لا يتغطرسون ولا يكذبون ولا ينافقون، يزرعون في البعيد رجاء، وفي السماء شمسا ، وفي هذا الجفاف السياسي غيمة ويمطرون، لهم صوتي واضحا تحت المطر.
للذين لا تأسرهم الشعارات الكبيرة ، يميزون بين الخيال والواقع، لا يكثرون الكلام، يعملون بصمت ويحفرون بالفأس هذه الأرض، وبالإرادة يواجهون العاتيات والضائقات والمصائب، تجدهم في كل مكان، لا يسافرون بعيدا، لا يهربون إذا حوصرت كنيسة المهد أو المقاطعة، ولا يديرون وجوههم إذا ضاق العيش على فقير من العباد، لهم صوتي مباركا بدم النهار.
للذين يعرفون الفرق تماما بين الثورة والدولة، لا يتأرجحون ولا يتكسبون من التباس المرحلة، يتصرفون كجزء من شعب محتل، ولغتهم لغة التحرر الوطني، وسعيهم البحث عن الكرامة والهوية الوطنية وحق تقرير المصير ، سأدلي لهم بصوتي بقناعة وقسم.
للذين يحبون أشعار محمود درويش ومعين بسيسو و توفيق زياد وعز الدين مناصرة وإبراهيم طوقان وسميح القاسم، ويهتفون بأننا نعشق الحياة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ويغنون للشعب المضيع والمكبل، وللحرية الشاملة وانكسار القيد عن الأرض والإنسان ، ويستجيب لهم القدر دائما، سأدلي لهم بصوتي وانتخبهم في المؤتمر السابع.
للذين تحررت عقولهم من سطوة السكين والقبيلة، يقدسون المرأة حارسة نارنا وبيتنا وزرعنا الأخضر، لا يذبحوها ولا يخونوها ولا يصفونها بالضلع القاصر أو بوعاء للحيض، شعارهم المساواة وعدم التمييز والحب، لهم صوتي من أعماق قلبي.
للذين يمرون عن الحواجز العسكرية، ويلعنونها دائما ، ويتظاهرون في القدس وباب الواد وفي البلدة القديمة بالخليل، يحفرون جدار الفصل العنصري بأظافرهم، يرفضون الطاعة للأمر الواقع، ويقاومون هيمنة الزمن الراهن، يزرعون أشجار الزيتون ويعصرون الزيت حتى تطفح جرارهم،لهم صوتي الانتخابي كرغيف خبز ساخن.
للذين يفرقون بين الجامع والجامعة كما أوصى محمود درويش، لا يسيسون الدين ولا يستخدمونه لأغراض حزبية وشخصية ، يؤمنون بالديمقراطية والتعددية والرأي الحرّ، لهم لغة واحدة هنا وهناك، لا يعبدون السلطان ولا ينكسون الرؤوس، مرتفعون بالقامة والموقف،يصنعون البطولة والتغيير، لهم صوتي الحرّ دون تدخل أو تأثير أو إشارة أو تهديد.
للذين حافظوا على ذاكرتهم ، لم ينسوا اللاجئين المشردين، القابعين في علب الصفيح في المخيمات، المحشورين الحالمين بالحياة والعودة، الزاحفين على الرصيف مظاهرات وشهداء وأسرى وجرحى، يحفظون أسماء قراهم المدمرة، وأسماء الآبار والحقول و الأنبياء، ومن دفنوا في جوف الشجرة، لهم صوتي ومفتاحي وكوشان ميلادي.
للذين أراهم في كل جنازة وبيت عزاء، يشاركون الناس أحزانهم، يتأملون في هذا الموت الذي يحصد الأطفال والشباب والنساء، الإعدامات والقتل المتعمد، يحدقون بقسوة في وجوه الجنود والقناصة، يحملون حجرا ويطيرون شعاعا سأدلي لهم بصوتي إن كانوا أحياء أم شهداء.
للذين لا ينكرون التاريخ ولا يتعالون عليه، من يذكرون أبو السكر ومحمود حجازي واحمد هزاع وزياد أبو عين وخليل الوزير وماجد أبو شرار وعلي أبو طوق وفيصل الحسيني وكمال ناصر و مروان البرغوثي ودلال المغربي وكريم يونس وصلاح خلف، وقافلة طويلة من القادة والشهداء والمناضلين، لهم صوتي ، بطاقة من القلب وشعورا بالأمان وعدم الخوف من العابرين الجدد.
للذين يرتدون كوفية ياسر عرفات سيد الشهداء، نهجا ورؤية وعهدا وقسما، ولم ينزلوا عن الجبل، يرفضون أن يكونوا إما طريدا أو قتيلا أو أسيرا، بل شهيدا شهيدا شهيدا، لهم صوتي في المؤتمر السابع لحركة فتح.
للذين يصلّون في القدس وكنيسة المهد، يضيئون شجرة الميلاد كل عام ويعرجون من المسجد الأقصى إلى أعالي الحرية، لا يفرقون بين الجامع والكنيسة، لا تأسرهم الطائفية المقيتة، متآلفين متحابين في الآيات والدم والصلاة حتى طلوع الفجر ، سأدلي لهم بصوتي آمنا على أولادي في الحياة القادمة.
للذين يكرهون الانقسام، ويعملون لأجل الوحدة الوطنية، ويرون التناقض الرئيسي متمثلا بالاحتلال، لا يسفكون الدم ولا يهدمون المعبد والوطن لأجل مصالحهم السلطوية، لهم صوتي، وسيبقى باب بيتي مفتوحا، لا قناع اسود يتربص بي، ولا سيف ينحرني في النوم.
للذين يردون على الرسائل والشكاوي والتظلمات، لا يلقونها في سلات المهملات، يستمعون ويتأملون ويجتهدون، يبنون الوطن حجرا حجرا، ويملأون النهر قطرة قطرة حتى يمتلئ ويسير في كل الاتجاهات، لهم صوتي شفافا كبياض الماء.
للذين لهم قلب ينبض، ومشاعر صادقة، لا يتلونون، يعرفون الحب دائما، يتقنون التأمل في الجمال برا وبحرا، يرون في أعماقهم جري الغزال في البراري وبهجة الطفل في ساحة المدرسة، لهم صوتي الانتخابي، ولهم قصيدتي التي وقفت فوق قوافيها كامرأة باهرة الجمال.
للذين يحبون السلام الحرّ، وليس سلام العبيد وسلام المستوطنات والمعازل المسيجة، يفهمون المعنى بين الوطن وبين معسكر الاعتقال، لا يغرقون في المسميات والشكليات، يسعون لإنقاذ الهوية من خطر التلاشي والانقراض، لهم صوتي قبل أن يطوينا النسيان.
للذين أخرجونا من المحلية إلى العالمية، وصار لنا اسما وموقعا في الاتفاقيات والمؤسسات الدولية، حاضرون اسما وهوية وأندادا، لنا حكايتنا وارض ميعادنا ، نخلق الأمل بقوة الحياة وليس بالأسطورة ، لهم صوتي مكتمل اللغة والبيان والأضلاع.
أيها السيدات والسادة
صوتي لهؤلاء
صوت ضحية
فاحملوا البلاد بنا
وكونوا قادة الإرادة