هل سترى مبادرة شلح النور؟
يشهد الشارع الفلسطيني في الآونة الأخيرة تقلبات سياسية من شأنها أن تطيح بالمشهد السياسي الفلسطيني لجهة مجهولة قاعها عميق ومظلم، ولعل من هذه التقلبات تأجيل العملية الانتخابية للمجالس المحلية، والذي عزز مأساة ما يسمى بالانقسام بين ضفة وقطاع غزة، وما تمر به حركة فتح من خلافات داخلية أيضا كان له مكان ضمن هذه التقلبات.
لم نعد نحتمل وهنا أتكلم عن صوت ضمير الشباب الفلسطيني، الانجراف خلف تلك الخلافات التي نتجت خلال مرحلة الانتخابات العامة للمجالس المحلية، والتي أطاحت بكل معايير "الشرف الوطني" فبتنا لعبة في أيدي من يملك القوة السياسية في هذا الوطن. حماس تبرر وفتح تبرر واللجنة المركزية أيضا تبرر وتدعو إلى أن يتم إجراء الانتخابات، إلى أن وُكّل الأمر لمحكمة العدل العليا. لا أعلم أليس من حق الشعب أن يقرر! أم أننا مجرد "خراف" يسوقها الراعي لنأكل ولا نعلم ما الذي نأكله!
تأجيل الانتخابات عمّق أكثر الأزمة السياسية التي يشهدها الواقع الفلسطيني، ليس هذا فحسب بل أن مسألة من سيتربع على عرش الرئاسة بعد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المنتهية صلاحيته، والدعوة للسماح للنائب المفصول من حركة فتح محمد دحلان بالعودة من قبل الرباعية العربية واجتماع عين السخنة الذي عقد منذ أيام، هذه الأمور مجتمعة أظهرت الخلاف الداخلي العميق في صفوف حركة "فتح" التي كانت قبل حين تحت المجهر التركي والقطري في آن واحد، ولاسيما الاعتقالات التي جرت بحق بعض الشخصيات في المخيمات الفلسطينية لدعمها دحلان.
وفي ظل الحديث عن المشاكل التي تواجهها "فتح" في هذا الوقت، فأيضا حركة "حماس" من جهة أخرى تواجه تحديات وصعوبات كونها حركة إسلامية تابعة للإخوان المسلمين، بعيدا عن المشاكل التي تعانيها من الداخل والتي نجحت نوعا ما في عدم إظهارها للعلن على خلاف حركة "فتح"، إلا أن "حماس" يجب عليها كحركة إسلامية أن تعمل على إعادة صياغة منهجها السياسي حسب رأيي، فغياب المرجعيات السياسية والفكرية والتنظيمية أيضا عن جدول الأهميات في الحركة قد يكون سببا في عدم قدرتها على الوصول للسلطة في فلسطين، لأن الواقع يتطلب من الفصائل كافة لا الإسلامية فقط، المحاولة في مجارات الوضع الراهن وجعل السياسة الفكرية والتنظيمية ملائمة له.
إذا مازلنا نعاني من الاحتلال الصهيوني الذي مزق أوصال هذا الشعب، وعزز الكراهية فيما بيننا ليجلس على كرسي الراحة ويراقب الأوضاع الداخلية في فلسطين، محاولا زيادة حدة معاناة الشعب الفلسطيني، والإصرار على عدم الوصول للحلول التي من شأنها أن تزيل مبدأ الفصائلية والحزبية من أذهان أبناء الشعب، ونحن بطبيعة الحال من خلق تلك الكراهية التي أصبحت من أولى المشاكل التي ترهق الشعب قبل الاحتلال، فنحن لم نعد ندرك مدى خطورة الموقف الذي بتنا رهن اعتقاله.
بعد أيام قليلة سيعقد المؤتمر السابع لحركة "فتح" الذي دعا له محمود عباس، وسيعقد لمناقشة أمور الحركة ووضع "الاستراتيجيات الملائمة " كما يقولون! ولكن كما نرى في ظل هذه التصعيدات التي تمر بها الحركة قد يكون هناك حصة لمناقشة موضوع الرئاسة ومن سيخلف عباس بوصاية منه، وعلى الأرجح سيكون ناصر القدوة ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي برز اسمه من بين أسماء القيادات الفتحاوية، ومناقشة قضية محمد دحلان وعودته للساحة الفلسطينية خوفا من ترأسه السلطة بعد عباس وخاصة بعد قيام أعضاء من حركة فتح في غزة بالتوجه لمصر وعقد مؤتمرعين السخنة لمناقشة أمور الحركة والوضع الفلطسيني، والذي استُثني منه من هم في الضفة! والذي كان إلى صف دحلان.
ولكن السؤال الأهم في هذه المرحلة هل سيكون هناك حصة في هذا المؤتمر لمناقشة سبل إنهاء الانقسام الفلسطيني بين "حماس"و"فتح" ؟ لا سيما بعد اللقاء الذي جرى في الدوحة بين عباس ومشعل تحت رعاية أمير قطر تميم بن حمد آل الثاني، وعقب المبادرة التي القاها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان عبدالله شلح والتي تضمنت عشرة نقاط مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار لمحاولة أنهاء الانقسام. فهل سيكون هناك عمل جاد في نهاية هذا المطاف من قبل الحركتين لأنهاء مهزلة الانقسام التي عززت الكراهية بين صفوف أبناء هذا الشعب؟ مع أن القيادة للحركتين لا تعاني من هذا الانقسام!