حركة فتح أقوى من المؤامرات

بقلم: 

في قراءتنا لما بعد حرق صور الرئيس محمود عباس "أبومازن" وتصميم صورته وخلفها علم الاحتلال، يجب ان نتوقف طويلا، ونضع النقاط فوق الحروف ليكتمل قراءة المشهد، فهؤلاء "النفر" القليل الذين تجمعوا في مكان الجندي المجهول، لم يأتوا بعشوائية وإنما من خلال دعوة تم تنظيمها وبرنامج قد وضع مسبقا، ومقالات تم كتابتها وتصريحات تم الجهر بها، وكلها تؤدي لتنفيذ الأجندة المعدة لهذه الجريمة، وبالتالي فإن ما تم وما حدث لم يكن عشوائيا أو مفاجئا .. هتافات حاقدة ضد الرئيس رئيس حركة فتح، وحرق الصور علناً أمام الكاميرات وكل من كان في المسيرة الانقلابية كان يحمل جوالا ويصور الحدث العار.

ومن خلال هذه القراءة السريعة يجب أن نبتعد عن الانشائيات والحسينيات والتبريرات وحتى التنديد المبطن او التلوين المزيف، فالحقائق تحتاج لمواقف جادة ومسؤولة وحادة لأن المنعطف خطير جدا ولا يحتمل الكثير من التفسير، وفتح القوية الصامدة في وجه الاحتلال والتدخلات ومحاولات طمسها، تتعايش مع كل الظروف وتتطور وترسم منهجها وبرنامجها السياسي والتنظيمي لانها ولدت لتبقى ولتنتصر، ولم تحجب يوما الأفق الوطني او الرؤية الحركية، وهي التي حولت قضيتنا من قضية لاجئين الى قضية وطنية فلسطينية ورفعتها الى أعلى المستويات، ومن رموزها ومؤسسيها وقادتها الأوائل والتاريخيين الرئيس محمود عباس "أبومازن" رفيق درب الشهداء ابوعمار وابو جهاد والكمالين وابواياد وثلة مؤمنة بالحق الفلسطيني صدقت ما عاهدت الله عليه.

إن حركة فتح عظيمة بتاريخها، بقياداتها ومواقفها وقيادتها للمشروع الوطني الفلسطيني وحمايتها للقرار الفلسطيني المستقل، ورفضها التبعية والوصاية وأن لا تكون في ذل الدرهم والدولار وتبيع المواقف المشبوهة لمن يدفع أكثر.

تتميز فتح بالمرونة العالية، وتعتبر أن الخطأ هو وليد لحظة الضعف وليس خطأ ممتدا ومتحولا وخارجا عن مبادئ الحركة ونظامها وبرنامجها السياسي ومدمرا لمفهوم العضوية والمرونة والسرية والانضباط والالتزام، فهذا الخطأ الأكبر هو المعنى الواضح للانشقاق سواء أعلن بالاسم او بالفعل وكلاهما يفرزان نماذج خرجت لتحرق صور الرئيس ابومازن في وسط مدينة غزة.

إن حركة فتح الممتدة عبر أكثر من نصف قرن ومستمرة حتى النصر، لا تخفي أخطاءها تحت ستار الكِبر والغرور، ولا تغمض عيونها عن الزلل والعيوب، ولا ترتهن للخوف ورجفة الجبن، ولا تترك الأمراض حتى تستشري في النفوس والقلوب والأفعال، فهي تجابه أخطاءها بجرأة ووعي ووضوح، وتحمي نفسها من فتنة الانحراف والجنوح، وتضع العلاج مع النصيحة والدواء مع المعرفة على ميزان فلسطين والقضية والانتصار والوفاء لدماء مئات الالاف من الشهداء والجرحى والأسرى، ولأنين القدس العاصمة التي تنادي الجميع، هذه هي فتح التي تعترف أن الكمال للخالق وحده، وانها تتقدم مع التجارب للأمام ولا تتراجع للخلف، وبالتالي تنجح دائما في معالجة الأحداث والمواقف، وتحدد الخطأ والصواب، والمرض والعافية، ولا تتردد في حماية القرار المستقل مهما كان الثمن، وكثيرة هي معارك الثورة كانت ثمنا لهذا الثبات والصمود، وبالتالي لن تبخل بأي ثمن اليوم او غدا ليبقى الحفاظ على استقرار القرار الفلسطيني والفتحاوي، وليبقى الوطنيون رافعي الرؤوس شامخين بإعتزاز دائم بالحركة وقيادتها، فهذا نهج الأحرار، وهذا هو العهد والقسم والديمومة.

ان جريمة حرق صور الرئيس ليست من باب النقد ولا الغضب ولا المحاسبة ولا أي شيء من مسلكيات حميدة في حركة عملاقة، بل هي انقلاب على كل ذلك وعلى كل القيم الفكرية والأخلاقية، وتطبيق حرفي لتهديد متطرفي الاحتلال للرئيس ابومازن واعتباره الشخصية الأخطر على (اسرائيل)، ومن هنا نفهم أن التبريرات "اللاحقة" للجريمة العلنية، إنما هي مجرد عبارات طنانة وفقاعات صابون، فقدت مصداقيتها لأن الأفعال السابقة لا تتطابق مع الأقوال اللاحقة، وبالتالي فقدت الأقوال معناها وصدقها"، فهذه التظاهرة "الخيبة" هي هزيمة لمن ارادوا الانتقاص من هيبة فتح عبر الانتقاص من هيبة رئيسها الأخ أبومازن "حفظه الله".

انها مسؤوليتنا جميعا للحفاظ على حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" والتمسك بقرارها المستقل، ولفظ كل من يريد بها سوءا وبقيادتها واطرها ونهجها ومبادئها وبرنامجها أي أذى، ومسؤوليتنا أن نقول للعالم كله بالفعل والقول أننا مع القيادة الفلسطينية ومع الرئيس محمود عباس ابومازن ومع مسيرة الحركة ومشروعنا الوطني حتى التحرير والدولة والعاصمة والاستقلال . عاشت فتح.