أو ليس حجرها اكثر أمنًا ودفئًا ؟؟؟

بقلم: 
تعجز الكلمات والحروف عن الخروج لتخط على  الورق عندما تكون هذه الكلمات عن امهات الاسرى ، امهات ذابت قلوبهن لفراق فلذات اكبادهن ، امهات يعلمن اولادهن الايمان بالقضية الفلسطينية . امهات يسطرن اعظم البطولات ، صامدات رغم المشقة  اثناء زيارة اولادهن خلف زنازين الاحتلال الاسرائيلي ، يروين قصصهن ومعاناتهن ويصفن حالتهن والبكاء يملئن اعينهن .
جلست ام اشرف الخليلي والدة الاسير عماد عادل خميس الخليلي تحلم وأثناء حلمها ترى ولدها حرا طليقا بعيدا عن أسيجة السجان وعن ابوابه المؤصدة وعن سراديبه المظلمة وعن نوافذه المعتمة ، تحلم بتحطيم اغلال ولدها تشتاق الى احتضانه كاحتضان امرأة لطفلها بعد ولادته .
تروي ام اشرف الخليلي والدة الاسير عماد قصة اعتقال ولدها ، فولدها عماد القاطن في مخيم قلنديا ، اعتقله الاحتلال الصهيوني من حاجز قلنديا شمال القدس المحتلة واتهمه الاحتلال بتهم باطلة لم يفتعلها ، وحكم عليه 8 اشهر بالسجن الفعلي وسنة ونصف مع وقف التنفيذ وكفالة قيمتها ( 3000 ) شيقل . فالأسير عماد عادل الخليلي قائد كشفي في مجموعة فرسان اللد الكشفية ومتواجد في سجن عوفر .
ام اشرف الخليلي تستعين بالصبر بلسما لجروحها ، تتغلب على بعدها عن ولدها بقوة ايمانها وشجاعتها وثقتها بالله فروحها تحلق الى السماء وترفع اكفها الى الرحمن داعية بفرج ولدها وكافة كل الاسرى . ام الاسير عماد تتحلى بحقل من الآمال وتتجمل بثوب التفاؤل ، تزور ولدها ولكن تلك الزيارة يملئها البؤس والمشقة تبدأها من الخامسة صباحا حتى السادسة مساءا رغم قرب سجن عوفر في منطقة بتونيا ولكن همجية الاحتلال وسياسته الاذلالية يجعل من تلك الرحلة رحلة الانتظار القاتل فهي تمر بمحطات التفتيش الذي يهين كرامة امهات الاسرى ويمس خصوصياتهن . والكلاب تحيط بأقدامهن لإخافتهن فهي رحلة العذاب ومحطات الآلام والأحزان .
رغم ذلك فأم الاسير عماد لم يفقدها هذا العذاب الامل ، فهي تمسك صورة ولدها وتستنشق منها رائحة ولدها  وتدمع عينيها للقائه شوقا وحبا فأمنيتها ان تراه حرا طليقا ويتزوج كباقي اصدقائه . تستمر ام الاسير عماد برواية آلامها عن ولدها وتقول ان ولدها مريض فهو يعاني من آلام شديدة في معدته ومهما اشتد عليه الالم إلا ان الاحتلال لا يعطيه سوى حبة الاكامول وهذا العلاج لا يعالج المرض من جذوره و يعالج في سجن الرملة الذي هو اشبه بمقبرة للأحياء والذي لم يكن مريضا فالذي يدخل هذا السجن يصبح مريضا لان هذا السجن مختبر للاحتلال الاسرائيلي على شرفاء الامة الفلسطينية . فالاحتلال  الاسرائيلي يتعمد في اهمال كل المرضى بسياسة الاهمال الطبي . بالرغم ان كل الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة اقرت بإعطاء المريض حقه في علاجه حسب المادة ( 90 ، 91 ) . ولكن الاحتلال ينتهك هذا الحق رغم ان الاحتلال الاسرائيلي التزم باتفاقية جنيف الرابعة .
ما اعجبني بتلك الام الفلسطينية انها تمتلك ابتسامة تفرح صديقها بها  وتغيظ عدوها بها . امرأة لا تكل ولا تمل ، ابتسامتها تعانق الارض والسماء صامدة شاكرة حامدة راضية فهي ام كزيتونة غارقة في التأمل . تسأل ام اشرف ؟ اين العدل ؟ اين احترام الآدمية والإنسانية ؟ اين ضمير العالم ؟ وأين حقوق الانسان ؟ وأين من يراعي حقوق الاسرى ؟ لدعم ولدها وكل الاسرى وبالذات المرضى والأطفال والأسيرات والقدامى منهم .
هل وضع العدل على رفوف المنصات ؟ هل اصبحت قضية الاسرى في ذاكرة الحي القديم ، ام اصبحت حكايتهم في بوتقة النسيان ؟ هذه كلمات كل امهات الاسرى . تناشد ام الاسير عماد بان تأخذ قضية الاسرى منعطفا شعبيا وسياسيا ودوليا يليق بتضحيات اولادنا . فرغم المشاق والمعاناة إلا اننا نفتخر بأولادنا لأنهم مشوا على طريق الخلاص والحرية صامدون لسد ثغرات الوطن واسترجاع حقوقنا  .
 
مهما كتبنا عن امهات الاسرى من حروف وجمل لا تكفي تلك الكلمات للتعبير عن ربيع الام وبلسم الام وبهجة حلمها . او ليس حجرها اكثر مكانا آمنا ؟؟