السعودية وتركيا تتدخلان في سوريا

السعودية

سُمعت اصوات في الاسابيع الاخيرة في الرياض وأنقرة، حيث هددت الدولتان بارسال قوات عسكرية إلى سوريا ضد تواجد روسيا وإيران المتزايد هناك. الدولتان لا ترتدعان من التحذير أن تدخل عسكري كهذا قد يؤدي إلى مواجهة مع إيران وروسيا. وبالتالي اشعال صراع اقليمي أو حتى دولي.

الحقيقة هي أن السعودية وتركيا تقولان إن القوات التي سيتم ارسالها إلى سوريا تهدف إلى محاربة داعش. وهذا الهدف يوجد اجماع دولي عليه، لكن لا أحد على قناعة بذلك. ففي نهاية المطاف بوتين يزعم ايضا أن التدخل الروسي في سوريا يهدف إلى محاربة داعش. لكن روسيا تقصف كل شيء يتحرك في سوريا ما عدا اهداف داعش.
لقد جاء بوتين إلى سوريا لانقاذ بشار الاسد والقضاء على المتمردين. أما السعوديون والاتراك فيريدون الوصول إلى هناك من اجل الهدف المعاكس تماما وهو انقاذ الثورة السورية من الهزيمة ومحاولة اسقاط بشار.
تهديدات الرياض وأنقرة فاجأت الكثيرين لأن الحديث عن دولتين امتنعتا في السابق عن التدخل في الخلافات الاقليمية وعن ارسال جيوشهما من اجل المحاربة خارج حدودهما. لقد تبنتا أكثر من مرة لهجة كلامية تصعيدية، وخصوصا الحكومة التركية برئاسة أردوغان، لكنهما كانتا حذرتين من التورط في الحروب الاقليمية.
لكن يبدو أن الشعور بالتهديد ـ التهديد الكردي لتركيا والتهديد الإيراني الشيعي والتهديد الروسي للسعودية وتركيا ـ فرض عليهما القيام بشيء غير مسبوق. في نهاية المطاف تحول الصراع في سوريا إلى صراع اقليمي بين إيران الشيعية وبين الدول العربية السنية، اضافة إلى تركيا.
وتحول إلى صراع دولي حيث تحاول روسيا كسب التأثير والسيطرة. وتحت غطاء هذا الصراع تعمل إيران على زيادة تأثيرها في العراق وفي اليمن. أما الاكراد في سوريا الذين يسيرون وراء حزب العمال الكردستاني، وهو حزب كردي سري يعمل في تركيا، سيحاولون السيطرة على مناطق كاملة في شمال سوريا على الحدود مع تركيا.
السعودية بقيادة الملك سلمان، الذي هو ملك جديد ودينامي وشجاع أكثر من أسلافه، فعلت الخطوات الاولى حينما خرجت لمحاربة تأثير إيران المتزايد في اليمن. وكانت على استعداد للمواجهة مع التدخل الإيراني في اوساط الشيعة في السعودية حتى لو كان الثمن قطع العلاقات مع طهران.
أما تركيا فقد اسقطت الطائرة القتالية الروسية التي حلقت في أجوائها. وفي الايام الاخيرة بدأت بقصف القوات الكردية في شمال سوريا، التي تحاول استغلال القصف الروسي والإيراني على المتمردين، والسيطرة على مناطق حدودية في شمال الدولة من اجل اقامة الحكم الذاتي.
إن تصميم السعودية وتركيا اللتان عُرفتا في السابق بحذرهما لا يأتي من موقع قوة بل من موقع ضعف وضائقة وشعور أنهما بقيتا وحدهما أمام التهديد المتزايد على أمنهما القومي. لقد اعتمدتا في السابق على الولايات المتحدة في حال تعرضهما للتهديد. لكن في هذه الاثناء فقدتا ثقتهما بواشنطن وتوصلتا إلى استنتاج أنهما إذا لم تفعلا شيء فلن يساعدهما أحد.
الولايات المتحدة تستمر في ترددها وهي تمنح الاكراد الدعم في شمال سوريا وتتجاهل حصولهما على المساعدة الروسية والإيرانية. هكذا تتصرف ايضا مع مليشيات شيعية في العراق. وبالنسبة لتركيا، حزب العمال الكردستاني وتابعيه في سوريا، هم أعداء الدولة المسؤولين في العقود الاخيرة عن عدد من العمليات الإرهابية ضد اهداف تركية.
لكن رغم كل شيء، يصعب القول إن السعودية وتركيا ستقومان بارسال قوات عسكرية إلى سوريا وتغامران بمواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع روسيا وإيران دون الحصول على غطاء من الناتو ودون الموافقة الأمريكية. الكرة تعود إلى ملعب واشنطن حيث تتوقع صديقاتها في المنطقة أن تبلور سياسة شاملة على خلفية الازمة السورية وردا على تواجد إيران وروسيا في هذه الدولة وفي غيرها. وهذا لن يحدث كما هو متوقع لأن واشنطن قد ضاقت ذرعا من الازمة السورية وهي تستعد للتسليم مع استمرار الحرب في هذه الدولة حتى آخر سوري.
إيال زيسر

إسرائيل اليوم
 

حرره: 
م.م