غياب الثقة بالقيادة الفلسطينيىة سبب استمرار انتفاضة السكاكين

أبو مازن

غياب الثقة بالقيادة وغياب التضامن الاجتماعي واليأس والعقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين هي التي تمنع توقف ظاهرة السكاكين بل وتفاقم الوضع لدرجة استخدام السلاح بدلا من الانتفاضة الشعبية

بقلم: عميره هاس

اعلان “الشباك” حول اعتقال خلية لحماس خططت لتنفيذ عمليات انتحارية، يخدم الفلسطينيين حتى لو تبين أن هذه الأنباء فيها مبالغة. فالنبأ بحد ذاته يمنحهم مُهلة اخرى من اجل خلع القفازات التي يلقيها الافراد الذين يحملون السكاكين. أي الانتقال الى مرحلة عقلانية، مخططة وأكثر شعبية، واسكات مظاهر النضال المسلح.
إن فرصة الانتقال الى مرحلة عقلانية ومدروسة ضعيفة جدا. القيادة الرسمية (السلطة الفلسطينية وحركة فتح) ليست معنية بذلك. يمكن أنها لا تستطيع اعادة اصلاح ثقة الجمهور المطلوبة من اجل ذلك، المنظمات القديمة والصغيرة في منظمة التحرير غير قادرة على ذلك، حماس لا تفكر بمفاهيم العمل الشعبي غير المسلح. حماس وفتح تستمران في تمزيق الشعب في صراعهما على السيطرة وسيمر وقت طويل الى أن تنشأ قيادة جديدة.
بعد مرور ثلاثة اشهر على “موجة التصعيد” نشأ روتين جديد أكثر كثافة: العنف العسكري الاسرائيلي، العنف في التخطيط (البناء في المستوطنات)، أحداث فلسطينية يومية تعبر عن اليأس وفجوة كبيرة بين حوار الضحية/النضال وبين غياب الفعل.
الانكار ايضا هو عادة دائمة. ففي وسائل الاعلام الفلسطينية يستمرون في إبراز سهولة قتل الجيش الاسرائيلي والاسرائيليين للفلسطينيين المشتبه فيهم بالهجوم. النقاش الجماهيري (في وسائل الاعلام والفيس بوك) يستمر في التحرك بين أطراف الاقطاب: التغاضي عن السكاكين كظاهرة والضعف الاجتماعي الذي تعكسه، الحداد على القتلى ووصفهم كمساكين والتشكيك بالرواية الاسرائيلية.
السلطة الفلسطينية تريد وقف التصعيد. في يوم الجمعة الماضي منعت بالقوة مظاهرة بالقرب من حاجز بيت ايل. هذه المظاهرة التي طالبت باعادة جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا على أيدي الجيش والشرطة الاسرائيليين. منظمة “الحق” الفلسطينية قالت إن اجهزة السلطة تضغط على العائلات الثكلى حتى توافق على استلام الجثث ضمن الشروط والقيود الاسرائيلية. وهناك من يقول داخل الغرف المغلقة إن السكاكين تحركها اعتبارات شخصية فقط. أما طلاب المدارس فيريدون الحصول على السكين والنُقيفة. لكن ليس هناك شخصية فلسطينية محبوبة تقول للشباب بشكل علني وتخاطب قلوبهم أن لا يذهبوا الى حتفهم في هذا التمرد المخصخص.
من الممكن أن المهلة التي أعطاها “الشباك” ستسمح بوجود نقاش اجتماعي صادق وعلني أكثر. هناك خوف من الانجرار الى ما يشبه الانتفاضة الثانية، حيث كان المسلحون في حينه هم الذين أعطوا الاشارة. لو كان هناك شيء شعبي جماعي في تلك الفترة لكان تحمل عبء الهجمات الاسرائيلية وتقييد الحركة وتصاعد الخوف والدمار اليومي. والحفاظ على بقايا كسب الرزق والتعليم والعائلة.
   يعتقد الكثيرين أن تكتيك العمليات قد أضر بالنضال. لكنهم لا يتحدثون بشكل علني في ذلك. ليس من الجيد الحاق الضرر بعائلات القتلى والأسرى الذين كانوا على صلة بذلك، ليس من المقبول التشكيك بطهارة السلاح. أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، سمير القنطار ويحيى عياش هي أسماء ما زالت معروفة يتحدث عنها الكثيرون، وهم يُعتبرون أبطال. والقلائل يعرفون أسماء اولئك الذين يريدون أن يأخذ الصراع طابعا شعبيا في المظاهرات ضد الجدار والمستوطنات.
  اليأس، العقاب الجماعي وغياب الثقة بالقيادة وغياب التضامن الاجتماعي والخطابات التي تغطي الضعف – كل ذلك يُبقي على امكانية استخدام السلاح الذي لن تنجح اسرائيل والسلطة الفلسطينية في منع استخدامه. والجموع التي ترفض الانضمام في الوقت الحالي الى الصراع الشعبي ستجد نفسها أمام الهجمات الاسرائيلية التصعيدية.

هآرتس 

حرره: 
م.م