ماذا حققت إسرائيل من وراء 335 ألف تصريح؟

تصريح دخول لإسرائيل

ديالا الريماوي

(خاص) زمن برس، فلسطين: "تسهيلات ولا مفاضات" سياسةٌ جديدة اتبعتها الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، تمثلت بإصدار أكثر من 295 ألف تصريح للمواطنين في الضفة وغزة خلال فترة رمضان وعيد الفطر، إضافة إلى 40 ألف تصريح معظمها في قطاع البناء، رغم حدوث عمليات طعن ودهس في القدس والضفة الغربية في ذات الفترة. 

هذه التصاريح والتسهيلات، جاءت بعد عام على العدوان الأخير على قطاع غزة، والذي ألحق خسائر فادحة القطاع الاقتصادي والزراعي والصناعي الإسرائيلي، فهل كان هدف إسرائيل من ورائها، اقتصاديٌ بحت؟ أم أن هناك أسباباً أخرى 

يجيب الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أن" إسرائيل حاولت الالتفاف على خسارتها الاقتصادية الناجمة عن الكلفة العالية خلال حرب غزة وحملات المقاطعة الدولية والمحلية، من خلال تسهيلات عديدة من بينها منح تصاريح للمواطنين الفلسطينيين، لكنه استدرك ذلك قائلاً  لـ زمن برس " لا أظن أن السبب الرئيسي لمنح هذه التسهيلات هو سبب اقتصادي بحت وإنما لها أهداف سياسية. فهو أراد أن يرسل رسالة إلى العالم بأن الإسرائيليين والفلسطينيين من الممكن أن يتعايشوا مع بعضهم".

ويؤيد الخبير في الشؤون الإسرائيلية أنس أبو عرقوب سابقه، إذ أشار إلى أن الدافع الأساسي من منح التسهيلات هو سياسي، فإسرائيل أرادت أن ترسل رسالة إلى العالم مفداها أنها لا تمنع الفلسطينيين من الصلاة والعبادة في المسجد الأقصى، واستطاعت أن تستثمر هذه المسألة إعلاميا، كما أوضح أبو عرقوب. 

وقال لـ"زمن برس" إن الحديث عن المردود الاقتصادي لـ"الستهيلات" فيه مبالغات كبيرة، إذ أن معظم من دخلوا إلى القدس أو الداخل المحتل، كان هدفهم إما تأدية الصلاة أو التنزه على الشواطئ في المدن الساحلية".

أرباح ضئيلة وأهداف أساسية

وذكر عبد الكريم أن" حجم الأرباح التي استطاع أن يحققها الاقتصاد الإسرائيلي من خلال التصاريح الممنوحة لا تتعدى مئات ملايين الشواقل، وهذه نسبة ليست كبيرة مقارنة بالاقتصاد الإسرائيلي العملاق، لا سيما أن معظم النفقات كانت تتم في القدس وكانت لأهداف دينية واستفاد منها التجار العرب، أما الزيارات السياحية التي تمت خلال فترة العيد استفاد منها بعض التجار الإسرائيليين وكذلك الفلسطينيين في الداخل، لكن لا يمكننا أن نزعم أن التصاريح أدت إلى إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي".

وأشار إلى" أن الهدف من منح التصاريح كان لأهداف سياسية اقتصادية، فإسرائيل أرادت أن تبين للعالم من خلال الاعتبارات السياسية أن الدول التي أعلنت مقاطعتها للاحتلال هي مخطئة، فإذا كان أصحاب الشأن "الفلسطينيين" ليسوا جديين في هذه المقاطعة وما زالوا يتعاملون مع الاقتصاد الإسرائيلي".

أيضا من بين أهداف إسرائيل كما أوضح عبد الكريم" هي محاولة  تصديع العلاقة بين المواطن والسلطة الفلسطينية، من خلال إيهام المواطن" أن السلطة غير قادرة على توفير سبل العيش الكريم لا عن طريق العمل ولا عن طريق توفير أسعار معقولة للسلع، وهو ما يدفع الكثير من الشباب الفلسطينيين إلى تقديم طلب تصاريح للعمل في الداخل. خاصة أن نسبة البطالة بين أوساط الشباب وصلت إلى 55%".

الاقتصاد مقابل الأمن

وبيّن عبد الكريم" أن الحكومة الإسرائيلية ممثلة برئيسها بنيامين نتنياهو باتت تعمل وفق قاعدة الاقتصاد مقابل الأمن، لا على قاعدة الأرض مقابل السلام التي كانت سائدة منذ أوسلو، وهذا يتحقق عبر الاقتصاد والتسهيلات الممنوحة للشباب والفلسطينيين بشكل عام، بهدف ربط مصالح معظم الفلسطينيين بالمصالح الاقتصادية".

وأكد عبد الكريم على أن الاقتصاد الإسرائيلي ما زال يعاني من مظاهر الضعف، فالبيانات التي صدرت مؤخرا عن جهات إسرائيلية تشير إلى تباطؤ نمو الاقتصاد، والسبب يعود إلى تراجع الصادرات الإسرائيلية في الخارج بنسبة 15-20%، وتراجع الاستثمارات المباشرة في إسرائيل بنسبة 50%.

وفي هذا السياق، أشار أبو عرقوب إلى" أن قطاع السياحة في إسرائيل استمر بالانهيار خلال النصف الأول من العام الجاري بسبب الحرب على غزة، حيث انخفض معدل الإشغال بالفنادق بنسبة 25% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2014، وأيضا تراجع  دخول السياح إلى إسرائيل بنسبة 17% مقارنة مع العام الماضي.

تراجع الاقتصاد الإسرائيلي أثر على الاقتصاد الفلسطيني، فمقابل المكاسب الصغيرة لإسرائيل من خلال تبعية الاقتصاد الفلسطيني هي تحقق أيضاً مكاسب صغيرة أخرى، كما تحاول أن تكبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر أكبر من خلال سحب القوة الشرائية من الأسواق الفلسطينية، ولأنها تعلم أن الاقتصاد الفلسطيني هش وضعيف" كما يوضح عبد الكريم.

وأضاف:" ن التصاريح امتصت نسبة من القدرة الشرائية الفلسطينية، فبدل أن يشتري المواطن من الأسواق الفلسطينية في رام الله أو نابلس أو الخليل، توجه للشراء من القدس ويافا وحيفا"؟

حرره: 
د.ز
م.م