سنة على «الجرف الصامد»

الجرف الصامد

غيورا ايلند

عدة دروس هامة من حملة الجرف الصامد كان يمكن استخلاصها في اثناء الحملة او فور انتهائها، ومع ذلك بعد سنة هناك منظور افضل.

هناك خطآن كلاسيكيان يتكرران مرات عديدة، وليس عندنا فقط. الخطأ الاول هو وصف غير صحيح للواقع أو قص مغلوط للرواية. خطأ مشابه ميز فكرنا عما يجري في غزة منذ 2006. «قصتنا» كانت على النحو التالي: حماس هي منظمة إرهابية سيطرت على غزة، ولهذا فان حكمها غير شرعي. فهي تحكم بالقوة نحو 1.8 مليون مواطن مسكين. ولما كان هكذا، فعلينا ان نقاطع كل من يتحدث مع حماس. وبالمقابل، من ناحية عسكرية يمكننا ان ننتصر عليها بسهولة ـ لان هذه منظمة إرهابية غير قوية على نحو خاص.
اما الوضع الحقيقي لغزة فقد كان ولا يزال مختلفا. غزة اصبحت بحكم الامر الواقع دولة مستقلة بكل معنى الكلمة. حماس ليست منظمة إرهابية كالقاعدة، بل حركة انتخبت بشكل ديمقراطي جدا، تمثل باخلاص السكان ومدعومة منهم. لولا ذلك لما كانت تنجح في أن تجند كل المقدرات الوطنية لغزة لبناء ترسانة عسكرية على هذا القدر من الاثارة وشبكة انفاق على هذا القدر من التهديد.
الخطأ الكلاسيكي الثاني يتعلق بتعريف المصالح. فالمصلحة الوطنية ليست امنية، بل شيء هام بما يكفي كي نكون مستعدين لان ندفع ثمنا من اجل ان نحققه. وبالفعل، بالنسبة لغزة توجد لنا مصلحة أمنية فقط: نحن نريد ان نضمن الا يطلقوا النار علينا، ونحن نريد ايضا لقدرة حماس العسكرية في المستقبل أن تتآكل. ليس لنا مصلحة اقليمية، اقتصادية او حزبية هناك. بالمقابل، مصلحة حماس هي أولا وقبل كل شيء حزبية: فهي تريد أن تحقق شرعية دولية لحكمها في غزة. صحيح اننا اعداء، ولكن هذا لا يعني ان تضارب المصالح بيننا مطلق. ولما كان هكذا، فان إسرائيل يمكنها أن تسمح لحماس بان تحقق مطلبها مقابل هدوء طويل المدى.
ان العناد الذي ميز السياسة الإسرائيلية منذ 2006 وحتى وقت اخير مضى، وبموجبه يجب ضمان التواجد والتأثير للسلطة الفلسطينية في غزة، ليس فقط لا يخدم أي مصلحة لنا بل ويمس ايضا بالمصلحة الحقيقية، التي هي كما أسلفنا المصلحة الامنية.
ان اطلاق حماس للنار نحو إسرائيل، والذي أدى إلى حملة الجرف الصامد، كان أولا وقبل كل شيء نتيجة احباطها عقب توقف تحويل الاموال اليها و «النجاح» الإسرائيلي في منع جهات مختلفة من زيارة غزة والتبرع لها بالاموال.
إذا كان رمز حماس للاستقلال هو اقامة ميناء، فصحيح اليوم الموافقة على اقامته مقابل تنازل من حماس عن صواريخها بعيدة المدى. إذا لم توافق، فاننا لن نخسر شيئا، بل نكون حصلنا على نقاط استحقاق في المواجهة الدولية مع «الحصار الإسرائيلي على غزة». اما إذا وافقت، فالربح الإسرائيلي سيكون مضاعفا.
صحيح أن هناك من يدعي بان ميناء في غزة سيشكل تهديدا أمنيا. ولكن ما يقرر حجم المخاطرة الامنية ليس وجود أو عدم وجود ميناء بل النظام البحري. يمكن بسهولة الوصول إلى تسوية تضمن الجانب الامني في هذا السياق. كما يجدر بنا أن نتذكر بان بناء ميناء سيستغرق بضع سنوات، مما سيعطي حماس حافزا ايجابيا للحفاظ على الهدوء.
في نظرة إلى الوراء، لا شك أن حملة الجرف الصامد خلقت ردا ناجعا. فنهايتها بقيت حماس فقط مع نحو ثلث كمية صواريخها قبل الحملة.
واليوم توجد لها مصاعب كبيرة للتزود بصواريخ جديدة، وقيادتها العسكرية تضررت بشكل كبير والدمار الذي لحق بغزة يلزمها بان تستثمر في اعمار القطاع وليس في محاولة الخروج إلى مغامرة جديدة. الهدوء طويل المدى سيستمر إذا كنا سنخلق لحماس إلى جانب الردع حافزا ايجابيا للحفاظ عليه ايضا. حافز لا يتناقض بالضرورة احتياجاتنا الامنية.

يديعوت

 

حرره: 
م.م