غرفة واحدة تأوي "صالح" وزوجته وأطفاله الثلاثة

صالح وزوجاته

سناء كمال

(خاص) زمن برس، فلسطين: في ظل الفقر المدقع الذي يحكم ويسيطر على عائلة الثلاثيني صالح الجدبة من سكان مدينة غزة لم يجد وسيلة سوى العيش في حاصل لا تتعدى مساحته عن ٢٠ مترا ، يعيش فيه مع عائلته المكونة من خمسة أفراد الذين ينتظرون ضيفا جديدا، مولودا آخر يزيد  عددهم ويشاركهم همهم الكبير، في الوقت الذي بالكاد يستطيع والده أن يوفر قوت يومهم في ظل الظروف الحياتية الصعبة التي يعاني منها من  سنوات.

ويعمل الجدبة في حكومة حماس السابقة، والتي تعاني أصلا من أزمة اقتصادية حادة لم تستطع بسببها دفع رواتب موظفيها بشكل منتظم، وفي حال صرفت لهم لا يتعدى راتبه الذي يحصل عليه عن 400 شيكل (ما يعادل 100$)، بعدما يخصم البنك عليه مستحقات لقروض ومرابحات.

ويقول الجدبة عن مأساة راتبه:" لا يتبقى من راتبي شيئا، ولا أعود بشيكل واحد على البيت، فما أسحبه من البنك أسدد به جزءا ضئيلا من الديون المتراكمة علي، ولا أستطيع أن أتهرب من الناس ومطالباتهم المستمرة بضرورة السداد فأحرم بيتي وأولادي على ألا أتعرض لبلاغات ضدي.

ولا تتوقف معاناة الجدبة  وأطفاله الثلاثة عند هذا الحد، ففي بيته مأساة أخرى، فلا يتعدى مساحة بيته _وهو عبارة عن حاصل_ عن 20 مترا، حوله إلى بيت "بالعافية" بعد أن قسمه بقطع من القماش إلى غرفة، ومطبخ وحمام وصالة بالكاد يستطيع اثنان أن يقفا سويا فيها.

قطعة القماش التي استعان بها الجدبة لتقسيم ما يسميه "بيتا" لا يمكن لها أن تكون بديلا عن جدران تستر عورة ساكنيه، فلا تحجب الصوت ولا تمنح خصوصية لهم، فمن بالصالة يستطيع أن يعرف ما يفعله مستخدم الحمام للحاجة الآدمية.

الحياة داخل "أشباه جدران" هذا المنزل أقرب إلى الخيال ، فهي ترسم كل صور المعاناة والمأساة خاصة في ظل تعرض الأطفال الثلاثة للمرض والإعياء بشكل مستمر نتيجة الرطوبة العالية وقلة التهوية   وكذلك عدم مقدرة والدهم توفير الغذاء الصحي والطبيعي لأطفال لم يتجاوز أكبرهم الستة أعوام .

فالزائر لهذا الحاصل يشتم رائحة الأمراض، والرطوبة العالية التي تفوح نتانتها بسبب قلة التهوية وعدم دخول الشمس إليه، ناهيك عن رائحة النفس المكتوم من ساكنيه والذي لا يتحمله أي آدمي طبيعي، إضافة إلى الأمراض التي يعاني منها الأطفال، أبرزها "الجدري والجرب، والنزلات المعوية، وارتفاع درجات حرارتهم" بشكل مستمر.

ويشرح الجدبة، الذي يعمل آذنا في مدرسة حكومية، لزمن برس :" لا يمكن أن يمر شهر دون أن أزور المستشفى حاملا أحد أطفالي، بعد أن يكون اشتد المرض عليه، إما جدري أو نزلات معوية أو حتى ارتفاع درجات حرارتهم بشكل مخيف تصل ال40  درجة مئوية".

وحتى في مرضهم لا يستطع والدهم المثقل بالهموم أن يوفر لهم طعام صحي، يساعدهم على مقاومة مرضهم، ولا حتى أن يفصلهم عن بعضهم البعض في الغرفة الواحدة التي صنع منها مطبخ وحمام وغرفة نوم وصالة وترافقهم لأدوات المنزلية وأطباق الطعام والغسالة.

فباختصار شديد في الغرفة ذاتها "ينامون، يأكلون، يعيشون، ويقضون أوقاتهم في لهيب حر الصيف الساخن تحت سقف "الزينكو"، وقسوة البرد القارض الذي يقضم أطرافهم من شدة الرطوبة.

المطبخ لا يحتوي إلا على القليل من الأواني المعدنية التي تلزم للطهي وبضعة أطباق وكاسات للشاي.
وحين تشتد حرارة الصيف وتكثر حشرات البعوض نتيجة لضيق المكان يهرب أطفاله الثلاثة من حرّ وعتمة المكان، إلى ساحة خارجية لبيت جدهم، ليلهون ويلعبون، لكن ذلك لا يطول كثيرا فسرعان ما يحل الظلام وتبدأ معاناة الأطفال مع لسعات البعوض وانتشار الصراصير فيصيحون ويصرخون كلما اقتربت منهم الصراصير.

وبالعودة للجدبة يؤكد "أنه لولا الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها أغلب سكان القطاع لاستطاع أن يبني منزلا أو أن يرمم منزله بما يصلح للعيش خاصة وأن الأرض متوفرة للبناء " ، ولكن ما باليد حيلة كما يقول لزمن برس.

ويناشد صالح أهل الخير، ليساعدوه في إقامة بيت، يدخله نور الشمس، وتنفصل فيه غرفته عن منافع البيت ويمنح لأطفاله حياة طبيعية كسائر الأطفال بما لا يشعرهم بالنقص عن أطفال جيلهم ولا يضطرون للخجل من حياتهم وظروفها الخارجة عن الإرادة.

للتواصل مع صالح الجدبة يمكن الاتصال على الرقم التالي 0599950630

حرره: 
م.م