الطريق إلى بغداد ما زالت طويلة

داعش

تسفي بارئيل

في الرحلة العادية من الممكن ان تقطع مسافة الـ 126 كيلو متر التي تفصل بين بغداد والرمادي في اقل من ساعة ونصف. وسفر ست ساعات إضافية إلى الغرب ستوصل المسافر من الرمادي إلى المعبر الحدودي بين العراق والاردن. نظرة سطحية إلى الخارطة من شانها ان تثير، بشكل طبيعي، الرعب، حيث ان هذه المسافات تشكل تحديا صغيرا لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» الذي يسيطر حاليا على معظم محافظة الانبار. بعد احتلال مدينة الرمادي، عاصمة المحافظة، يوم امس الاول، تبقى على التنظيم فقط تحريك آلياته إلى الشرق إلى بغداد او غربا إلى الاردن.

ومع ذلك، فالسيطرة على بغداد هي مهمة مختلفة عن احتلال الرمادي او الموصل الذي تم في حزيران / يونيو 2014. فمن اجل الوصول إلى العاصمة العراقية على الجهاديين ان يحتلوا الحبانية، إلى الشرق من الرمادي، وكذلك لاحتلال الفالوجة مجددا التي تلقوا الهزيمة فيها على ايدي المليشيات الشيعية. بعد ذلك عليهم ان يقطعوا الخطوط الدفاعية للجيش العراقي على مشارف بغداد وادارة معركة واسعة امام قوات قوية منهم، تحت قصف جوي من قبل قوات التحالف الغربية، والقوات الإيرانية، والمليشيات الشيعية والمتطوعون السنة.
تفيد التقارير العراقية عن دخول حوالي 3 آلاف من مقاتلي المليشيات الشيعية المدربين والممولين من قبل إيران إلى منطقة الحبانية، التي تبعد نحو 33 كيلو متر إلى الشرق من الرمادي. وتفيد التقارير كذلك عن وجود حوالي الف من المسلحين من ابناء العشائر السنية، وقصف جوي من الطيران الأمريكي للمنطقة. بالامس وصل وزير الدفاع الإيراني، حسين دهقان، في زيارة خاطفة إلى بغداد من اجل التنسيق مع نظيره خالد العبيدي حول امكانية الهجوم المشترك. والهدف: تحرير الرمادي وكبح اي محاولة لتنظيم الدولة الإسلامية للتقدم نحو بغداد.
الولايات المتحدة ليست راضية عن إشراك المليشيات الشيعية بالدفاع عن الرمادي. ويتخوفون في واشنطن ان تنشب في المنطقة مواجهات عنيفة بين الشيعة والسنة، الا انه لا يوجد حاليا بايديهم حل اكثر نجاعة يؤدي إلى الحسم. الانجاز الأمريكي الكبير مؤخرا ـ قتل «وزير المالية» لتنظيم الجهاديين ابو سياف وإلقاء القبض على زوجته ـ تبدد بإحتلال التنظيم للرمادي، التي تبين فيها ضعف الاستراتيجية الأمريكية. هذه الاستراتيجية، التي اعتمدت على القصف الجوي وتأهيل بعيد المدى للقوات العراقية، تبين انها لا يمكنها ان تعطي الرد على المدى القصير او طرد الجهاديين من المناطق التي سيطروا عليها. كما تبين من المواجهات التي وقعت في شمال العراق وفي سوريا، فإنه فقط القوة البرية هي التي نجحت في وقف تقدم التنظيم، بالاضافة إلى طرده من المناطق التي سيطر عليها.
للعراق من جانبها يوجد قوات برية كبيرة، ولكن كما تبين في معركة الموصل وحاليا في الرمادي، فإن الجيش لا يجيد إدارة الحرب امام قوات المتحركة والسريعة لتنظيم الدولة الإسلامية. فكما حصل في الموصل، والان ايضا في الرمادي شوهدت مناظر مخجلة للجنود العراقيين وهم يفرون تاركين خلفهم اسلحة وذخائر كثيرة سقطت بأيدي الجهاديين. ووفقا للتقارير القادمة من العراق فقد تم قتل اكثر من 500 شخص الكثير منهم من الجنود في هذه المعركة.
على ضوء التردد الأمريكي والعربي لإرسال قوات برية للعراق، فإن القوة الوحيدة الجاهزة للوصول حاليا هي إيران، التي تستخدم منذ شهور سلاحها الجوي فوق العراق. فلإيران قوات مجهزة ومدربة جيدا من الممكن ارسالها إلى العراق، شريطة مصادقة الحكومة العراقية على ذلك. وفي مثل هذه الحالة تنتظر واشنطن معضلة مهددة : تشجيع إيران لاسال قواتها إلى العراق، او ان تعمل لوحدها – وليس فقط عن طريق سلاح الجو ـ من اجل تحطيم سلطة الجهاديين في الرمادي.
إحتلال الرمادي يعرض حاليا للخطر الخطة للمعركة الكبرى من اجل تحرير الموصل، التي تعكف عليها حاليا الولايات المتحدة، قيادة القوات الكردية والحكومة العراقية. يشكل احتلال الرمادي تهديدا كبيرا بسبب قربها من بغداد. الموصل موجودة في ظل الاحتلال منذ قرابة العام، وتأجيل تحريرها لا يقدم ولا يؤخر. كما ان تصرف القوات العراقية في الرمادي يشير إلى ان المعركة في الوقت الحالي لتحريرها قد يشكل هزيمة اضافية.
هكذا، حقق تنظيم الدولة الإسلامية إنجازا اكبر من احتلاله مدينة المحافظة الثانية في العراق: فقد نجح في إظهار القوات النظامية على كامل بؤسها وبدفع صانعي القرارات في واشنطن وطهران وبغداد والعواصم الاوروبية إلى سلوك طريق الحسم التي تهربوا منها ـ الخروج إلى حرب شاملة في الشرق الاوسط.

هآرتس 

 

حرره: 
م.م