لا يوجد شيء يسمى «هوية ثقافية إسرائيلية» نحن يهود مختلفون

صورة توضيحية

ما هذا الأسود؟
بقلم يوسي كلاين

هذا الاسبوع وقف الاثيوبيون في اختبارات دخولهم إلى المجتمع الاسرائيلي. وقبلهم اختبر المهاجرون من رابطة الشعوب، الروس (هكذا نسميهم)، ممن عاندوا ولم يقبلوا القواعد. فهم لم يرغبوا في أن يكونوا اسرائيليين، انغلقوا، طوروا الثقافة التي جلبوها من الوطن ونظروا الينا من فوق. وهذا كلفهم ثمنا باهظا، اسميناهم سكارى ومومسات، ولكنهم الان في الداخل. اما الاثيوبيون، الاقل قوة، والاكثر سوادا، فكانوا ممتنين جميلا على مجرد كونهم هنا. وعندما تكون ممتنا، فانك تتلقى الضربات. لقد اجتهدوا، ولكن لونهم الاسود حقن غدة العنصرية في عقولنا وجعلها يقظة، ناجعة وأكثر نشاطا.

على شفا اليأس وامام عنصريتنا اليقظة والناجعة اتخذ الاثيوبيون الخطوة المقبولة التي نتخذها نحن في مثل هذه الحالة: نقلب الكراسي ونحرق النادي. من يحرق ويقلب لا يكون لطيفا، والمتظاهرون الذين لا يحققون شيئا لا يكونوا لطفاء ابدا. فهم غاضبون وعنيفون. ليس لهم مطالب يمكن التعاطي معها، ولديهم احباط يصعب التصدي له. والمتظاهرون المحبطون يشذون دوما عن النظام السليم. في حيفا قبل 56 سنة احرقوا وادي الصليب، وفي القدس قبل 44 سنة داسوا على الزرع، وفي تل أبيب قبل 4 سنوات وسخوا جادة روتشيلد. يوم الاحد اشتكوا في التلفزيون من أنه «ليس للمظاهرة قيادة». فالمراسلون ارادوا نظاما، ارادوا ناطقا، لم يرغبوا في الاكتظاظ مع الجميع قرب الشاورما وتلقي الضربات.

يمكن اتهام الجميع. رئيس الوزراء الذي لا يتدخل الا اذا كانت هناك خرائط وكاميرات، الشرطة ورجالها، مع رواتبهم التي تبلغ 7 الاف شيكل في الشهر، محبطين بقدر لا يقل عن المتظاهرين. ولكن اساس الذنب ملقى على النظام، الذي يطلب من المهاجرين التخلي عن القليل مما كان لهم وقبول القليل الذي نبدي نحن الاستعداد لاعطائه لهم. طلبنا منهم التنازل عن ثقافتهم وهويتهم في صالح ثقاقة وهوية، نحن أنفسنا ليس لدينا أي فكرة عما هي. ولكن طلبنا الاساسي منهم كان أن ينزلوا منذ الان لونهم الاسود عن وجههم. فما هذا السواد، سألنا، ماذا، أأنتم لاجئون سودانيون؟

الاسود لا يزال بالغسيل. الاسود يجعلنا على الفور متعالين. والتعالي يؤدي إلى الظلم، والظلم إلى العنصرية التي تبرر الظلم. في العنصرية نحن جيدون. يخيل لنا أنه يمكن ان نوجهها حيثما نريد، ولكن العنصرية تأتي دوما دفعة واحدة ـ لا يوجد قليلا من العنصرية ولا توجد عنصرية خفيفة. من يتعنصر اليوم على الاثيوبيين تعنصر من قبل على العرب، ودوما على اللاجئين. من حظنا انه لا يوجد الكثير من اليهود الاثيوبيين في جنوب تل أبيب، والا لكانت العنصرية تزورهم ايضا. من حظنا أن اللاجئين السود ليسوا يهودا، من حظنا الا يكونوا خدموا في الجيش الاسرائيلي ـ هكذا يمكن للشرقيين ان ينفسوا عليهم كل ما نفسه عليهم الاشكناز. هكذا يمكن ازعاجهم وطردهم والتفاجؤ: ماذا، نحن عنصريون؟

دوما خير أن يكون هناك أحد ما يمكن التعالي عليه. فالعلم بانه يوجد هناك احد ما تحتك يضعك قليلا إلى فوق في تصنيف الصورة الذاتة. فها انت تقول لنفسك عندي مكان خاص بي، صحيح أنه صغير وهزيل، ولكن مع ثقافة خاصة بي وهوية خاصة بي. وفجأة يأتي احد ما ويحاول أن يتدافع هنا مع ثقافته، مع طعامه ومع لونه. انت لن تقبله إلى أن يصبح بالضبط مثلك. ستطالبه بما طالبوه منك: ان يتغير. المشكلة هي أنه مع كل النية الطيبة، الاسود لن يصبح ابيض. والاسود، ما العمل، لا يروق لنا في العيون.

لقد بدأت العنصرية انطلاقا من النوايا الطيبة. فعندما يقام مجتمع جديد، يكون دوما احد ما يأخذ دور القيادة، ويكون احد ما دوما لديه ما يكفي من القوة والصلاحية كي يقرر أي اشخاص يريد حوله. وهو يلقي بالمهاجرين إلى الوعاء الكبير (فقد كانت لديه صلاحيات وقوة)، ينزع عنهم الثقافة والهوية، ويتوقع ان في غضون وقت قصير سيخرجون من الوعاء الاسرائيلي وهم يشبهونه تماما. هذا لم ينجح. هذا اصطدم بالمصاعب، ولا سيما في مقطع اللون الاسود.

بعد يوم الاحد في ميدان رابين حان وقت الاعتراف: نحن لسنا شعبا واحدا. نحن مهاجرون من دول مختلفة، لهم دين واحد في عدة صياغات. والان دور الاثيوبيين لان يفهموا هذا. لقد استغرقنا 67 سنة، مع تذكيرات من العنف في الطريق، كي نفهم بانه لا يوجد شيء يسمى اسرائيلية. وان الاسرائيلي ليس الحمص وليس التقديس. لا يوجد لنا بعد هوية وثقاقة مشتركة، وعليه فمن الافضل غيتوات منفصلة لثقافات عرقية، على هذا القفر الوطني الموحد. نحن لسنا شرقيين ولسنا اشكناز. نحن لا نزال لسنا اسرائيليين ـ نحن يهود من روسيا ومن اثيوبيا ومن تونس. نحن لا يمكننا ان نعيش الواحد في داخل الاخر، بل فقط الواحد إلى جانب الاخر.

هآرتس

حرره: 
س.ع