لـمـاذا الـطـريقـة الجـديـدة ؟

دبي: بقلم سعيد معتوق

بقلم: سعيد معتوق

مَـن يـرغـبْ بِتَـعـلّـمِ الـوزن في الشِّـعـر يَجِـدْ صـعـوبةً في حـفـظِ  مِـئـةٍ  و ثـمانـيـنَ مـصـطـلحاً في كـتب تعـلـيم مـوسـيقى الشـعـر ، فـرأيتُ أَنْ أُبَـسِّـطَ لِـلـراغـبِ بـفـهـم وزن الـقـصـيـدة ما هيَ بـحــور الشـعـر و كـيف يـمـيـز البـيـت الموزون مـن البـيت ذي الـكـســر في الـوزن ، و ذلـك بـطـريـقـة سـهـلـة جِـداًّ ، كـل مـا في الأمـر هـو حـفـظ سـبعـة حـروف ، حـرفـان مِـن الطـريقـة القـديـمة و خـمـسـة حـروف جـئـت بـها هـنا في هـذا الـكـتاب كي نـسـتـغـني بـها عـن مـصـطــلـحـات قـديـمـة نحـن في غِـنى عـنها  ،  و هـذه الطـريقـة الجـديدة في فـهـم وزن الـقـصـيدة هي الأيـسـر  وَ الأشـمـل لـِمَـنْ يـريـد الإحاطةَ بِـبُحـورِ الشِّـعـر العـربي الفـصـيـح .

دَعُـونا نـتأمّـل هـذه المـصطـلحات في عِـلم العَـروض في الطريقة القـديمة ثـمّ نـتأمّـل الحـكـمة مِـن حـرف واحـد فـقـط من حـروف الطريقة الجـديدة :

القَـبْـض : هـو حـذف الحـرف الخـامـس الساكـن في التـفـعـيلة

         مَـثَلاً : ( مَـفاعِـيلُـنْ //○/○/○ )  تـصـبـح  ( مَـفاعِـلُـنْ //○//○ )

              و ( فَـعُـولُـنْ //○/○ )  تـصـبـح بعـد قـبـضها  ( فَـعُـولُ //○/ )

الـكَـف : هـو حـذف الحـرف السابـع الساكـن في التـفـعـيلـة

       مـثلاً : ( مَـفاعِـيلُنْ //○/○/○ ) تـصبح  ( مَـفاعِـيلُ //○/○/ )

الخَـبْـن : هو حـذف الحـرف الثـاني الساكن مـن التـفـعـيلة

        مـثـلاً :  ( فـاعِـلاتُـنْ /○//○/○ ) تـصـبـح ( فَـعِـلاتُـنْ ///○/○ )

       و ( فـاعِـلُـنْ /○//○ )  تـصبـح ( فَـعِـلُـنْ ///○ )

الطَّي : حـذف الحـرف الرابـع السـاكـن

   مَـثَلاً : ( مُـسْـتَـفْـعِـلُنْ /○/○//○ ) تـصـبـح ( مُـسْـتَـعَـلُـنْ =  مُـفْـتَـعَـلُـنْ /○///○ )

الخـبل : هـو حـذف الحـرفـين الساكـنيـن الثـاني و الرابـع

   مـثلاً : ( مُـسْـتَـفْـعِـلُـنْ /○/○//○ ) تـصـبـح ( مُـتَـعِـلُـنْ ////○ )

الشـكـل : هـو حـذف الحـرفـين الساكـنيـن الثـاني و السابع

  مـثلا : ( فاعِـلاتُنْ /○//○/○ ) تـصـبـح ( فَـعِـلاتُ ///○/ )

  هـذا في الطريقة القـديمة ، و لـكـنـنا هـنا في هـذا الـكـتاب نسـتـغـني عـن هـذه المـصـطـلـحـات كـلها بـقـولـنا أن الـتـفـعــيـلـة ( فَـعُـولُـنْ //○/● ) أو الـتـفـعـيلـة      ( فـاعِـلاتُـنْ /●//○/○ )  أو الـتـفـعــيـلـة  ( مَـفاعِــيـلُـنْ //○/○/● ) يـوجـد في التـفـعـيلات هـذه ( حـرف سـاكـن يجـوز إهـمـالـه ) نـرمـز لـهُ بِالـرمـز " ● "

و هـكـذا نبـسِّـط  لِـلـناس فـهـمَ الـوَزْنِ في الشِّـعْـرِ و نُـيَـسِّـرُ لـهـم عِـلْـمَ العَـروض و القـوافي عـنـدما نغـنيـهـم عـن حـفـظ المـصـطـلـحـات الـكـثـيـرة .

كما أنـني وجـدت في كـتب تعـليم الوزن في الشـعـر ، أخـطاءً شائعة لا يـتـقـبَّـلُـها أيُّ شـاعـر مـتـمـكّـنٍ مِـنَ الـكـتـابة و الإبـداع في القـصـيـدة العـمودية ، مـثلاً : نـقـرأ في المـراجـع الـقـديمة كـلها في عِـلم العَـروض و القـوافي هـذا الخـطأ الشائع في موسـيقى بحـر البسـيط : يجـوز في بحـر البسـيط في تـفـعــيلـة ( مُـسْـتَـفْـعِـلُـنْ ) يـجـوز الخـبـل ( الخـبل هـو الخـبـن و الطي مـعاً أي : حـذف الحـرفـين الثاني و الرابـع الساكِـنَـين ) أي أن ( مُـسْـتَـفْـعِـلُنْ ) تـجـوز ( مُـتَـعِـلُنْ ) ، هـذا ما هـو مـكـتوب في العـقـد الفـريد لأحـمد بن عـبد ربه و القـسـطاس للزمخـشـري و الوافي  في العَـروض و القـوافي للتـبـريزي ، و غـيرهـم ، و كـلهم مخـطـئـون ، و المـصادر السابقـة نـفـسها و غـيرها تـقـول أن تـفـعــيـلـة ( مَـفاعَـلَـتُنْ ) في بـحـر الوافـر تـجـوز ( مَـفاعَـتُـنْ ) أي أنـنا نسـتـطـيـع حـذفَ الحـرفِ الخـامـس مِنْ تـفـعـيلة ( مُـفاعَـلَـتُنْ ) ، و هـذا الكلام غـير مقـبول عـندي و عـند أي شاعـر حـقـيقي ، وغـير هـذه الأمـثـلة هـناك الكـثيـر مـما يدل عـلى زيف ادِّعـاء الـكـثيـر بِـعِـلم العَـروض و القـوافي .

لذلك رأيتُ أنْ أبـيِّـن لِلنـاس كـيفـيَّـةَ مَـعْـرفـةِ بـيـت الشـعـر المـوزون و بـيـت الشـعـر المـكـسـور وزناً .  يـقـول الله تـعالى ( و ما عـلّـمـناه الشعـر و ما ينـبغي له ) ، كـلمة ( عـلّمـناه الشـعـر ) مـاذا تعـني ؟ تعـني أنَّ الشِّـعـرَ موهـبةٌ مِـن الله سـبحـانه وَتعـالى ، وَهـذه الموهـبة مـتـمـثـلة بالتـمـكّـن مِن الوزن تمـكّـنا جـيِّداً ، وَمِن الناس مَنْ يَكْتَشِفُها هُـنا أو في مكانٍ آخَرٍ .

كَـتَـبْتُ الشِّـعْـرَ حِـسًّـا إثْــرَ حِـسٍّ   وَ لَـمْ أَرَ قَـيْـدَ وَزْنٍ في الْـكِـتابَهْ

فَـما بـالُ الشُّـوَيْـعِــرِ يَـدَّعِي مـا    يُـقَــيِّـدُهُ  بـإمْـلاءِ  الـرَّبـابَـهْ

رِحـابُ الشِّـعْـرِ تَـبْـغِي أَهْـلَها لا   تُـضَـيِّـفُ مَنْ رَأَتْ عَـنْها اغْـتِـرابَهْ

مَن يقـول كـلمةَ ( قـيد الوزن و القافـية ) يثـبت عـدم كـفاءتِه في الشـعـر العـمودي ( أو البـيتي كـا يسـمـيه البعـض ) ، إذ يـبرِّرُ ضعـفَ موهـبتِهِ وَلا يصدِّقه إلا المـتـشاعـرون أمـثاله .

أدعـو جـميـع الشعـراء و المهـتمـيـن بعِـلم العَـروض و القـوافي أدعـوهـم لقـراءة هـذا الكـتاب المـفـيد الذي يشـرح موسـيقى القـصـيدة شرحا دقـيقا بطريقة سهـلة و بغـير الحـاجة لحـفـظ  مـصـطـلحات عـروضـية منها ما هو صحيح و منها ما هو خاطىء .

سؤال : هل يصح الإعـتـماد عـلى الشـعـر الجـاهـلي في الوزن و شـرحه لمـن يـريد تـعـلّـم الوزن في الشـعـر ؟

الجواب : لا ، و ذلك للأسباب التالية :  

أولا :يقول ابن رشيق القيرواني في كتابه ( العمدة ) : ( يكثر في الشعر الجاهلي الزحاف المستكره القبيح كقبح الخلق و اختلاف الأعضاء في أجسام الناس و سوء التركيب ، مثله مثل قصيدة عبيد بن الأبرص المشهورة :

              أقفر من أهله ملحوب   فالقطبيات فالذنوبُ

فإنها كادت تكون كلاماً غير موزون بعلة و لا غيرها ، حتى قال عنها الفحول : هي خطبة ارتجلها عبيد بن الأبرص فاتزن له أكثرها ) ، هذا ما قاله ابن رشيق القيرواني في كتابه ( العمدة ) عن معلقة عبيد بن الأبرص ،

و لكننا ـ مع الأسف ـ نجد بعض من يدّعون بأنهم علماء عروض رافضين لوجود كسر في الوزن في هذه المعلقة ، يقولون بنها كتبت على وزنين : مجزوء البسيط و مجزوء المنسرح ! و أقول : هي على الوزنين أيضاً مكسورة الوزن .

ثانيا : في موسيقى البحر الطويل عندما نتناول قصائد العصر العباسي و العصر الأموي ، و نقطعها تقطيعا عروضيا ، نجد التفعيلة الثانية ( مفاعيلن //○/○/○ ) نجدها كاملة ، لكنها في معلقات امرؤ القيس و طرفة بن العبد و زهير بن أبي سلمى نجدها تأتي ( مفاعلن //○//○ ) مما يشكّل وقفة واضحة في الموسيقى ، مثل :

      تـرى بعـر الأرآم في عـرصـاتـها   و قـيـعـانها كأنه حـب فـلـفـل

الشطر الثاني من هذا البيت تفعيلاته : فَعولُنْ مَفاعِلُنْ فَعولُنْ مَفاعِلُنْ

                      أَثَـرْنَ الْـغُـبارَ بِالْـكَـديدِ الْـمُـرَكَّـلِ

                      //○/○ //○//○ //○/○ //○//○

ثالثا : كانت العرب في الجاهلية و صدر الإسلام تزن الشعر بالغناء ( و الغناء يغطي عيوب الوزن ) ، قال حسان :

 تغنّ في كل شعر أنت قائله  إن الغناء لهذا الشعر مضمار

و هذا ما يصل بالزحاف إلى درجة قبيحة جدا حتى يشبه الكسر في الوزن ، كقول عنترة :

   ينبع من ذفري غضوب جسرة   زيافة مثل الفنيق المكدم

( ينبع ) في هذا البيت كانوا يقرؤونها ( ينباع ) بالمد ليستقيم الوزن ، و هذا المثال ضمن أمثلة عديدة تثبت أن الغناء يغطي عيوب الوزن ، و هذا ما جعل الشعر الجاهلي يحتوي على أبيات كثيرة شبيهة المكسورة وزنا .

هـذا ، و لا يُـشـتـرَط أنْ يكـتبَ الشاعـرُ قـصائِـداً بـكـل البحـور الشـعـرية ، يقـول ابـن رشـيـق القـيرواني في كـتابه العـمدة أن جَـريـر عـندما كـان يـدرِّبه أخـاه الأكـبـر عـلى كـتابة الشـعـر كان يـوصـيـه دائـماً بِـ ( دافـع الـكـتابة ) ، وَعـنـدما نـنـظـر في تـاريـخ الشعـر العـربي نرى أن الشاعـر الكـبـيـر أبو الطـيب المـتـنبي لم يكـتـب عـلى الأوزان التـالية : بـحـر المـضارع و بحـر المـقـتـضب و بحـر الخـبـب و بحـر المـديد و بـحـر الهـزج ، لأنه شاعـر حـقـيقي لا يتـأثـر بالآخـرين و إفـتـخارهـم بالكـتابة عـلى جـمـيـع الأوزان 

 

حرره: 
م.م