أوباما يرفع مستوى الرهان

اوباما

بقلم: حيمي شليف

في لعبة البوكر هناك وضعية معروفة كـ «اثر الساندويش»: عندما يريد لاعب ان يرد على رهان سابقه في الدور، الذي بات معروفا له ولكن يتعين عليه أن يأخذ بالحسبان بان اللاعب التالي له سيرفع هو مستوى الرهان. يوصي المهنيون اللاعبين الذين يعلقون بهذه الوضعية أن يراهنوا على أموالهم فقط اذا كانت لديهم اوراق اقوى من المعتاد. وعليه ما ينبغي أن يقلق بنيامين نتنياهو الان ويقلق مستشاريه هو ان باراك اوباما يعتبر نفسه لاعب بوكر غير سيء على الاطلاق.
فهذه هي الوضعية التي ستنشأ في واشنطن اليوم: باراك اوباما يعتزم منح مقابلة لشبكة «رويترز» فيما يعرف ما قاله نتنياهو في الصباح في مؤتمر اللوبي الاسرائيلي ايباك ـ ولكنه لا يعرف مضمون خطاب رئيس الوزراء في الغداة امام الكونغرس. وحسب قواعد اثر الساندويس التي لا بد يعرفها، فعلى اوباما أن ياتي إلى المقابلة مع رسالة قاطعة وناجعة على نحو خاص، قد لا تعطل تماما خطاب رئيس الوزراء، ولكنها ستضعف تأثيره على الاقل ـ وفي كل الاحوال ستدخل نتنياهو في حالة ضغط.
جاء البيان عن المقابلة كجزء من لعبة الاعصاب المركبة التي بدأت امس في العاصمة الامريكية مع وصول 16 الف مندوب ايباك إلى مركز المؤتمرات في واشنطن، قبل بضع ساعات من هبوط طائرة رئيس الوزراء.
ويأتي اجتماع اللوبي المؤيد لاسرائيل ليكون استعراض قوة التأييد لمواقف رئيس الوزراء، ان لم يكن لخطواته. فقادة المنظمة حاولوا عرض صورة تأييد من الحزبين واعمال كالمعتاد ـ هناك «ضغوط» على العلاقات، ولكن لا توجد أزمة، قال رئيس ايباك، هاورد كور، ولكن خلف الكواليس وتحت البساط واضح للجميع ان الامور ليست كما كانت امس وأول أمس، وربما لن تكون بعد الان ابدا.
السناتور الديمقراطي بن كاردين، الذي علق تأييده لمشروع تشريع عقوبات جديدة كنتيجة للخلاف الذي نشب في اعقاب دعوة نتنياهو، قال لـ «هآرتس» امس انه صحيح انه «كان خلل» في تنظيم الدعوة ـ من جانب رئيس مجلس النواب باينر بالطبع ـ ولكنه لا يشعر بضرر حقيقي للدعم من الحزبين لاسرائيل. وقال كاردين لمندوبي ايباك انه «محظور النسيان من هو الرجل الشرير في هذه القصة ـ إيران»، و إلى جانبه السناتور الجمهوري لندسي غرايهم الذي بشكل عام يطلق النار والبارود على الادارة، حتى في احداث حيادية ظاهرا مثل مؤتمر ايباك. وأمس تعاون مع ارادة قادة اللوبي بعدم اشعال الميدان المتوتر اكثر من ذلك ووجه سهامه إلى الاعداء من الخارج مثل روسيا، إيران وبالطبع طهران.
اما من افسدت اجواء «جلوس الاخوة معا»، فهي السناتورة ديان فاينستاين من كاليفورنيا التي كشفت النقاب في مقابلة تلفزيونية عن عمق الضغينة التي نشأت تجاه نتنياهو في الجناح اليساري من الحزب الديمقراطي، حتى في الاجزاء التي لا تزال تعتبر نفسها مؤيدة لاسرائيل. وحتى قبل اسبوعين ـ ثلاثة اسابيع، لم تتصور فاينستاين ان تقول علنا بان التصريح الذي اطلقه نتنياهو قبل صعوده إلى الطائرة، في أنه يسافر لالقاء الخطاب باسم الشعب اليهودي كله، هو «وقاحة» وان نتنياهو لا يتحدث على الاطلاق باسمها.
حتى قبل اسبوعين ـ ثلاثة اسابيع، لعل الحاخام شمولي بوتيح هو الاخر ما كان يتصور ان ينشر بيانا كالذي نشره في «نيويورك تايمز» يوم السبت ويعرض فيه سوزان رايس كمن هي غير مكترثة لامكانية قتل شعب مجددا بحق اليهود.
وهو يعتقد الان على ما يبدو بان اليمين متحامل على الادارة بما يكفي كي يحتمل ذلك، رغم التنديدات العامة في المحيط. ولكن فضلا عن شؤون الاجواء، التحريض وانزال الايدي، فان المدير العام كور أوضح امس هو الاخر لمن كانت لا تزال لديه شكوك، بان الاتفاق مع إيران سيرفع اللوبي واسرائيل إلى مسار الصدام الحاد مع الادارة.
صحيح أن كور اعترف بان دعوة نتنياهو «اغضبت» اناسا مختلفين في الادارة، في الكونغرس «وحتى هنا في القاعة»، ولكن الجهود لاحباط الصفقة النووية المتبلورة مستمرة بكامل شدتها.
ورفض كور ادعاء الادارة بان العقوبات الجديدة ستفكك الائتلاف الدولي أو تبعد طهران عن المفاوضات ووقف خلف الجهود لتشريع عقوبات جديدة وزيادة رقابة مجلس الشيوخ على الادارة. وكعقبى أعرب حتى عن تأييد لا لبس فيه لوقف المساعدة الامريكية للفلسطينيين، الخطوة التي تعارضها الادارة ايضا.
ورغم كل شيء، فان محافل يهودية رفيعة المستوى، في ايباك وخارجها، قدرت أمس بانه اذا تحقق اتفاق في الفترة القريبة القادمة بين واشنطن وطهران، فان اللوبي، الكونغرس ونتنياهو لن يتمكنوا حتى معا من احباطه. «في شؤون الامن القومي، في مواجهة الرئيس المصمم، فان حكم اللوبي ان يفشل مثلما فشل في الماضي»، قال لي امس احدهم، فضل عدم ذكر اسمه، واضاف: «وهذا اقوله ايضا في حالة أن القى نتنياهو غدا في الكونغرس خطاب حياته. الرئيس يمكنه ان يخطب عشرات المرات، وهو يتحدث على نحو لا يقل جمالا عن نتنياهو».
إذن من أجل ماذا يجري اوباما مقابلة تلفزيونية، سألته. فأجاب: «لا يريد أن يترك الساحة لنتنياهو». هل سيتدخل في الانتخابات؟ «سأفاجأ جدا، ولكن يحتمل أن يكون هذا ما يريد لنتنياهو أن يعتقده. فهو سيسره ان ينكل به قليلا. إذ في وضع العلاقات بينهما، هذه هي الاخرى مواساة».

هآرتس 2/3/2015

حيمي شليف

حرره: 
م.م