داعش… بداية النهاية

داعش

خسائر التنظيم وانحساره الإقليمي مؤشر على أفول نجمه
بقلم رونين بيرغمان

 

في الخطابات الاولى التي تناول فيها جورج بوش منظمة القاعدة اخطأ في التهجئة. بعد ذلك تعلم كيف يلفظ الاسم على نحو صحيح وأخرج امريكا إلى حرب عالمية انتصرت في نهايتها، حتى وان لم يكن بالضربة القاضية: القاعدة انسحبت من الغرب. معظم القيادة العليا وقسم كبير من المستوى القيادي الميداني للمنظمة اعتقل أو قتل. ونواتها الصلبة تعطلت عن العمل تماما.

واضح مؤخرا تغيير في الشكل الذي ينطق به المسؤولون الامريكيون اسم ما يعتبر اليوم التهديد الاكثر تجسيدا على السلام العالمي. فلم يعودوا يتحدثون عن The Islamic State اوISIS بل عن داعش، كما يلفظ اسم التنظيم بالعربية وعندنا. وهناك من يعتقد ان الهدف وراء تغيير الاسم هو الايضاح بان احدا لا يحاول القتال ضد الإسلام. وقال لي مصدر في وزارة الخارجية الامريكية ان الحديث يدور ببساطة عن «الرغبة في أن نكون اكثر دقة».

ولكن الحديث لا يدور فقط عن تغيير الاسم. فسلسلة من الظروف العسكرية، السياسية والتاريخية كفيلة بان تؤدي إلى الاستنتاج باننا نشهد هذه الايام بداية النهاية لداعش.

لقد ظهر داعش فجأة، وكأنه من اللامكان، احتل اجزاء واسعة. مليئة بالنفط، في الشرق الاوسط، ووضع نفسه في منصب الشيطان الدوري. ومثل الهونيين الفظيعين في حينه، فان رجال داعش هم أيضا يحرقون بخليط مفزع من النار والدم كل أرض ينجحون في وضع قدم فظة فيها. وبربرية داعش يمكن ان نشبهها بأحد فصول «العاب الكرسي» بمعنى أن كل شيء جاهز، بما في ذلك أعمال الذبح الاكثر وحشية، طالما تخدم الهدف العظيم: المزيد فالمزيد من السيطرة والقوة (هناك بحوث تدعي بان التشبيه ليس مصادفا: فوحشية المتطوعين الذين يأتون من الغرب ترضع من المسلسلات التلفزيونية التي شاهدوها هناك.)

على مدى زمن ما نجح هذا معهم. غير ان داعش ارتكب خطأين حرجين وجعل نفسه العدو المركزي للغرب. الخطأ الاول كان ذبح اليزيديين، والذي نزلت التقارير الباعثة على الصدمة عنه إلى طاولة مجلس الامن واحدث عاصفة كبرى. الخطأ الثاني كان ولا يزال، قطع الرؤوس المغطى إعلاميا. ما لم يفعله قتل 200 الف نسمة على ايدي الجيش السوري فعله صوت جون الذابح وسكينه الصدىء. فتجند الغرب للتدخل العسكري.

ان حقيقة ان داعش بالذات منظم في قوات نظامية، إلى هذا الحد أو ذاك، يجعله اكثر قابلية للاصابة في المواجهة الجبهوية امام القوة العسكرية الامريكية.

فالمعطيات التي عرضتها الاستخبارات الامريكية الاسبوع الماضي تثبت ذلك: 2.000 غارة جوية؛ 700 كيلومتر مربع، نحو خُمس مساحة الارض المأهولة التي كانت تحت سيطرة داعش، اعيد احتلالها، وعلى رأس ذلك المعركة البطولية الكردية على كوباني بمساعدة جوية من دول العالم، والتي كلفت داعش 1.000 جهادي؛ قطع قدرة وصول داعش إلى ما لا يقل عن 200 منشأة غاز ونفط كانت تحت سيطرته؛ عرقلة شديدة لعمل أنابيب القيادة والتحكم في التنظيم؛ تصفية نصف القيادة العليا؛ ومطاردة أموال التنظيم ومصادرة جزء منها. لا ينبغي للمعطيات أن تكون مفاجئة. فالحديث يدور في نهاية المطاف عن عصبة من الهواة ذوي خبرات عسكرية محدودة، قدرتهم على استخدام السلاح المتطور او سلاح الدمار الشامل، حتى لو وقع في ايديهم، صغيرة جدا حتى صفر. لقد نما داعش إلى اكثر مما تستطيعه قدرته ـ في السيطرة على المقدرات، في تجربة ادارة القوى البشرية، في القدرة على حيازة ارض اقليمية كبيرة جدا.

أقدر بانه في غضون وقت غير طويل على نحو خاص سيتفكك داعش إلى عصبات اصغر، هي ايضا خطيرة بحد ذاتها، ولكن ليس مثابة تهديد على السلام العالمي.
هذا لا يعني أنه لا داعِ للقلق. فمسألة «المتطوعين المقاتلين العائدين»، مثلما يسمون باللغة المهنية، تقلق اليوم جدا أجهزة الاستخبارات في الغرب. وهؤلاء سيكون اصعب بكثير الحاق الهزيمة بهم. فهم سيعودون إلى بلدانهم الاصلية مع روح قتالية مفعمة اكثر تطرفا مما كانوا حين سافروا إلى العراق او إلى سوريا، مع بنية تحتية متفرعة في الشبكات الاجتماعية. بالنسبة لهم العالم مسطح، مرتع مريح للنشاط المعادي.

يديعوت

حرره: 
س.ع