"داعش غزة" بين الحقيقة والسراب !

داعش

غزة/ سناء كمال _تقرير خاص

زمن برس، فلسطين: تُطل في قطاع غزة بين الفينة والأخرى بيانات مُروسة وموقعة باسم تنظيم الدولة الإسلامية "ولاية غزة"، تطالب فيها "الزنديقين والفسقة بالتوبة والرجوع إلى الله، لأنه لا محالة "مع تمدد الدولة الإسلامية بإمارة أميرنا أبو بكر البغدادي سوف نقوم بولاية غزة بتنفيذ ما أمرتنا به شريعة الله تعالى في حق المرتدين" كما ياتي في تلك التقارير.

وحذر البيان الأخير الذي صدر عن ما يُعرف بـ "داعش غزة" الصحفيين والإعلاميين من "تعدياتهم الدائمة  والمستمرة بحق الدولة، في نشر الأخبار والأكاذيب المستمرة ضد الإسلام ودولتهم، مشددا في تحذيره من أقوال الصحفيين الفاسقة وأعمال الزندقة بحق أميرهم أبو بكر البغدادي، على تعبير البيان.

وكان "التنظيم" قد أصدر عدة بيانات سابقة، من بينها بيانات تبنى فيها التفجيرات التي طالت المركز الفرنسي في مدينة غزة، على الرغم من وجودة في مربع أمني بحت.

وقال محللون سياسيون من بينهم الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله على أن هذه الحادثة وخاصة أنها في مربع أمني، ربما تكون ناجمة عن أطراف قريبة من حركة حماس كنوع من التقاطع معها، أو" أن حماس تريد إرسال رسائل عبر أولئك الأشخاص مفادها أن الوضع سينفلت إذا ما تواصلت المؤامرة عليها فالبديل الوحيد لها هي داعش وعلى المجتمع الاختيار بين داعش وبينها".

وشكك عطا الله بوجود داعش في قطاع غزة من الأساس، غير أنه " لا شك بوجود أفراد معجبين بداعش، وربنا يكونوا هم من يقوموا بتمثيله في غزة، ولكنها لن تصل حد التنظيم، لأنه ببساطة مشروع سلطة لا دعوة" يقول عطا الله زمن برس.

ويضيف:" حماس تراقب غزة فلو كانن داعش تشكل خطرا عليها لرأينا حماس تصرفت بالقوة معها على غرار ما  أقدمت عليه مع عبد اللطيف موسى وقتله"، مشيرا إلى أنه ربما يشهد القطاع بعض الانفجارات بين الفينة والأخرى في إطار المناكفات إو إيصال رسائل إلى جهات بعينها مثل فتح أو الأجانب أو حتى المجتمع الدولي بأنه لا بديل عن حماس في غزة إلا داعش.

أما بالنسبة للكاتب والمحلل السياسي محمد حجازي فلا يعتبر أن هذه البيانات مفبركة، لأن بدايتها قد تكون صبيانية إلا أنه ربما تتحول إلى موضوع جدي وحقيقي على الأرض، منوها إلى" أنه لا مكان لداعش بشكل فعلي في القطاع، ولكنه ربما يكون بعض التأييد للدولة الإسلامية من قبل أفراد".

وأوضح حجازي في حديث مع زمن برس" أن النجاحات التي حققتها داعش على الأرض من سيطرتها على بعض المناطق في العراق هي ما تستهوي أولئك الأفراد ويعتبرونها بطولات، ولكن من الصعب أن يتحولوا إلى إطار تنظيمي لأنهم سرعان ما سيطرحون أنفسهم سلطة ومبايعة لأميرهم أبو بكر البغدادي وهي سلطة منافسة وبديلة لحماس وهذا لن تسمح به بأي حال من الأحوال".

وهذا ما دفع حماس إلى" التهوين من أمر الدواعش في غزة وفق رؤية حجازي، خاصة وأنها تعي جيدا أنه لا وجود لهم بالشكل الذي يمثل خطرا عليهم، وفي حال تزايدت أعدادهم ومؤيديهم فحماس تعرف كيف تحتويهم، وإذا ما فشلت قد تستخدم القوة معهم كما جرى مع عبد اللطيف موسى".

لكنه في الوقت ذاته شدد على ضرورة أن يكون للفصائل دور فعال بغية إيقاف هذا التزايد بالتأييد بالفكر الداعشي، وذلك من خلال توعية الناس بأننا مشروع وطني تحرري ولا علاقة لنا بأي طرف كان إلا بقضيتها، مرجعاً وجود بعض المؤيدين في غزة لداعش لأسباب وهي الفقر، وكذلك سيطرة حماس على القطاع وانسداد الافق المصالحة وانسداد فرص اعادة الاعمار يدفع الشباب للتعبير عن قلقهم بالانتماء إلى داعش انتقاما من حماس والوضع السيء الذي يعيشونه في هذه الأيام العصيبة".

ولم يختلف الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف مع حجازي وعطا الله حيث أكد" أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام لا وجود حقيقي في قطاع غزة وكافة المناطق الفلسطينية الخاضعة للسلطة، موضحا أن هذه البيانات هي من خارج قطاع غزة".

وخالف عطا الله فيما يتعلق بحماس حيث أنه يعتبر أنه الأمر مغلوط فيه بأن حماس قد تتستر خلف بيانات لداعش، " فهي ليست بحاجة للتستر خلف بيانات من داعش، وعندما تريد قول شيء تقوله بصراحة ووضوح" يقول الصواف لزمن برس، منوهاً أنه لا أحد" ينكر وجود السلفيين وهم لا يهددون الأمن في القطاع لا من قريب ولا من بعيد كما يُهول للناس".

وحول التفجيرات التي حدثت بالمركز الفرنسي قال:" هذا الأمر لا بد أن تبت فيه الأجهزة الأمنية ولا أعلم ما هي نتائج التحقيقات إذا ما كانت تجري، فالموضوع الامني يحتاج إلى تحقيق واثباتات"، متسائلاً في الوقت ذاته عن هية الحكومة المتواجدة في قطاع غزة،  خاصة بعدما سلمت حماس مقاليد الحكم للحمد على حد تعبيره.

وللوقوف على رأي وزارة الداخلية الداخلية التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة حاولنا الاتصال بالناطق باسمها عدة مرات ولكن لم نستطع التواصل معه وأخذ تصريحات بشأن الموضوع، ليبقى هوس داعش يلوح في أذهان الناس ما بين حقيقة آثارها كارثية أو سراب يبث الرعب في القلوب.

غير أن قيادي سلفي يدعى أبو العيناء الأنصاري نفى لصحيفة القدس المحلية صحة البيانات الصادرة بغزة بتوقيعهم، موضحاً أن" البيان الذي حمل اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام وهو اسم قد انتهى استخدامه رسميا منذ شهور ولا يستعمل سوى اسم الدولة الاسلامية في كافة البيانات الرسمية".

وأنكر الأنصاري كافة البيانات التي تتبنى التفجيرات الأخيرة التي حدثت في القطاع خلال الفترة الماضية والتي كانت تصدر بحقها بيانات باسم داعش، وقال:" بات استخدام البيانات بشكل متوالي مفصوحة يلعب بها المستفيدون بشكل مباشر من الجهات المستهدفة من البيانات، أو حتى التفجيرات التي اتهمت فيها الدولة الإسلامية، أو التيار السلفي الجهادي بغزة".

وشدد على أنه" لا يوجد أي علاقة بين السلفيين بغزة مع الدولة الإسلامية على الرغم من وجود حالة من التعاطف معهم في بعض المواقف"، مؤكدا على" حرمة الدم الفلسطيني_ الفلسطيني، على الرغم من تحفظاتهم على المسوغات القانونية التي يتم تسويغها لتبرير أفعال لا تليق بالدين الإسلامي" على حد قوله. 

حرره: 
م.م