ملاحقة صبيانية للشهرة

الجيش
عملية «الجرف الصامد» تجددت بالامس بكل قوتها، لكن هذه المرة اسرائيل لا تحارب حماس وانما تحارب نفسها. المسؤول عن التصعيد الحالي هو الشاباك، ب حول دوره في الحرب بغزة، وقد ارسل بعض عامليه (من ضمنهم من شغل منصب رئيس قطاع الجنوب) من اجل اجراء مقابلة في برنامج (عوفدا) وظهر الامر كمحاولة لاخذ الصيت على حساب جيش الدفاع.
ما ظهر في التقرير باختصار، كان ان الشاباك حذر من الحرب المتوقعة، اما الجيش فقد تغاضى عن الامر، أي انه اهمل ومنع اسرائيل من الاستعداد بشكل مناسب.
في الجيش شاهدوا التقرير، وانزعجوا وخرجوا عن طوعهم، بيني غانتس رأى نفسه بحذاء دافيد اليعيزر، وكمن سيتهم جماهيريا بالفشل. وفي رسالته الى رئيس الحكومة طلب توضيح الامر فورا. وفي الجيش هناك من طلب رأس رئيس الشاباك، يورام كوهين. والسبب: كذب، ليس أقل من ذلك الكذب النابع من ادعاءات الجهاز انه تم ايصال تحذير في كانون الثاني حول الحرب. أمور مشابهة قالها كوهين نفسه في جلسة المجلس الوزاري المصغر في نهاية الحرب على غزة. رئيس الاستخبارات العسكرية في حينه أفيف كوخافي، هاجمه بشدة، وقال الوزراء ايضا ان تحذيرا كهذا غير معروف لهم.
من ناحية الوقائع، تحذير عن الحرب بالمعنى الحقيقي لم يكن. لم يكن في كانون الثاني أو بعد ذلك. وما كان بالفعل هو تحذير من عملية، في نيسان حذر الشاباك من نوايا حماس لتنفيذ عملية استراتيجية (عن طريق نفق في كرم ابو سالم) حيث من شأن هذه العملية اصابة مواطنين وخطف جنود. يمكن الافتراض ان عملية كهذه لو نجحت لكانت ستقود الى تصعيد فوري، من وجهة نظر الشاباك كان هذا تحذير، من وجهة نظر الجيش، كان هذا هدفا ليتم احباط العملية.
الحقيقة هي ان الطرفين مخطئين – مهنيا وواقعيا – ومن اجل الشهرة يقوم الشاباك والجيش بهندسة الماضي والتاريخ: الشاباك يبالغ باهمية التحذير الذي تم ايصاله. وفي الاستخبارات العسكرية يقللون من اهميته، والنقد الذاتي ليس واردا لدى الاستخبارات، ويتضح: لا زالوا مقتنعين هناك أن العملية في غزة كانت نجاحا كبيرا. وان الاستخبارات هي المنتصر الاساسي. في العالم المتحضر كان سيجلس رؤساء هذه الاجهزة منذ وقت، ويقيمون الامر،
مسألة التحذير، ومسألة الاتفاق، والجدال حول هل حماس هي التي بادرت للحرب أم انها فرضت عليها، هذه الامور تنبع اهميتها ليس من أجل ما حصل وانما من أجل ما سيكون. في ظل الاحداث الحالية في القدس والضفة، وغياب الهدوء في غزة والشمال، كان من المفترض من الشاباك والجيش وضع الأنا جانبا والتركيز على العمل. للاسف الشديد هذا لم يحدث، ومن المستبعد ان يحدث الان: الخلاف اليوم اقوى من ان يسنح لهم بالجلوس والتصالح، آن الاوان لتدخل رب البيت وترتيب الامور بشكل واضح وقاطع. مع كل الاحترام لمكانة الاشخاص والاجهزة، فان أمننا مهم أكثر بقليل.
 
يوآف ليمور
اسرائيل اليوم
حرره: 
ز.م