بين التفاوض والإعمار

التفاوض والإعمار

افتتح في القاهرة هذا الاسبوع المؤتمر الذي يرمي الى تناول سبل اعمار غزة، ويريد كثير من المتحدثين في المؤتمر ومنهم رئيس مصر ووزير الخارجية الامريكي أن يستغلوا المؤتمر لتجديد التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني في الاتفاق الدائم. وينضم اليهم بحماسة ايضا اشخاص في السياسة الاسرائيلية، بل يوجد من يحثون بناءا على مقولة رئيس الوزراء غير الواضحة في الامم المتحدة، يحثون على تبني مبادرة الجامعة العربية.

ونشأت هنا بلبلة لا داعي لها، كالعادة، ولهذا يحتاج الى تفرقة واضحة بين ثلاثة مواضيع مختلفة وهي: اعمار غزة، وتجديد التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني، والمبادرة العربية.

ما هي السياسة الصحيحة بشأن غزة؟ ليس لاسرائيل أية مصلحة مناطقية أو اقتصادية أو سياسية في غزة، ومكانة السلطة الفلسطينية في غزة شأن فلسطيني داخلي، أو عربي داخلي أو دولي لكنها ليست شأنا اسرائيليا. وليس لنا فيما يتعلق بغزة سوى مصالح امنية والحديث عن اثنتين وهما: أن يكون هدوء وأن يتم المس بامكان أن تعيد حماس بناء قدراتها العسكرية.

ولهذا يجب على اسرائيل ودونما صلة بمسألة عدم حضورنا المؤتمر في القاهرة، يجب عليها أن تظهر سخاءا وأن توافق على توسيع النشاط الاقتصادي مع غزة وأن يشمل ذلك ما يتعلق بالامداد بالكهرباء والمحروقات والماء (المحلى). وتستطيع اسرائيل فوق ذلك أن توافق على أن ينشأ في المرحلة الثانية ميناء في غزة، لكن يجب أن يكون انشاؤه مشروطا بنشوء جهاز موثوق به لنزع سلاح القطاع. إن انشاء ميناء سيطول سنين وسيثقل انشاؤه على ارادة حماس في المستقبل أن تطلق النار على اسرائيل وأن تعرض للخطر مشروعا جد باهظ الكلفة، هذا الى أن مجرد وجود ميناء ليس خطيرا. والذي يحدد مقدار الخطر هو النظام البحري الذي يمكن الاتفاق عليه جزءا من صفقة جامعة.

لا توجد أية صلة بين قضية اعمار غزة ومسألة التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني الذي بلغ طريقا مسدودا قبل نصف سنة حتى قبل اختطاف الفتيان الثلاثة وعملية الجرف الصامد. ولم تبلغ طريقا مسدودا لا بسبب غزة ولا حماس بل بسبب فجوات واسعة بين الطرفين فيما يتعلق بمستقبل يهودا والسامرة. ولا أفهم لماذا يوجد من يعتقدون أن تسوية في غزة متعلقة بتجديد التفاوض، ولا أفهم كيف كان يمكن التوصل فجأة الى حل «الدولتين» على أساس مخطط فشل منذ عشرين سنة.

ويفضي بنا ذلك الى الموضوع الثالث وهو المبادرة العربية من سنة 2002. وعلى حسب هذه المبادرة تعترف الدول العربية كلها بدولة اسرائيل بعد (فقط بعد!) أن تعود الى حدود 1967. وأقول لمن لم يفهم إنه ليس الحديث فقط عن انسحاب كامل من يهودا والسامرة بل عن انسحاب كامل من هضبة الجولان ايضا. فهل يعتقد أحد أن اسرائيل تستطيع أن توافق اليوم على انسحاب كامل من الجولان؟ من الواضح أن مبادرة الجامعة العربية في اطارها الحالي ليست محركا لحوار جدي مع اسرائيل.

ونستنتج من هنا استنتاجين الاول أن من الصواب أن نتناول غزة على أنها شأن منفصل، وأن نوافق بسخاء على كل طلب ما لم يناقض مصالحنا الامنية. والثاني أن تجديد التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني – بحوار مباشر وبصفته جزءا من تسوية اقليمية – يوجب اثارة افكار جديدة. ومن المؤكد أن فكرة توسيع غزة الى داخل سيناء التي نسبت الى رئيس مصر هي اتجاه يثير الاهتمام. والعودة في مقابل ذلك الى تصورات قديمة معروفة ومنها المبادرة العربية تضييع للوقت.

غيورا آيلاند

يديعوت

حرره: 
ز.م